المشهد الثقافي عندنا، لا يمر بخمول وكسل فحسب، بل لن نكون مبالغين إن قلنا إنه يلفظ أنفاسه الأخيرة، ونعرف أن البعض سيمثل دور دونكيشوت في رواية ميغيل سارفنتس ويلوح لنا بسيفه قائلا إن سوق الثقافة بخير والموت للذين يتحدثون عن موت الثقافة، ما دام أن الوزارة الوصية تنظم بين فترة وأخرى مهرجانا للرقص الشعبي، والرقص غير الشعبي أيضا، ومهرجانات أخرى للراي ولا يهم إن كان رايا تالفا أو رايا مستقيما فضلا عن طبع ألف كتاب وكتاب كل سنة على نفقة وزارة الثقافة بمباركة السيدة الأولى للثقافة التي تطل على البؤس الثقافي من تلة العناصر، ولا يهم بعدها إن صارت هذه الكتب عشا وغذاء للجرذان في المستودعات التي تكدست فيها هذه الكتب دون أن يقرأها أحد، لهذا كله صارت الثقافة عندنا تنتعش بالكم وليس بالكيف. يعني الوزارة غير معنية بتسويق الكتاب وترويجه، قدر ما تهتم بآلاف الكتب التي تطبعها سنويا، ما دام أن الثقافة الحقيقية يمثلها الشاب خالد، الذي لو كتبت له الأقدار لكان جدا وله أحفاد شباب، وتمثلها أيضا "الحاجة" الزهوانية التي تتمايل رقصا، حين تبشر أصحاب العشرة، وتهدي أغانيها "هذي ليك يا بوعلام"، فضلا عن إبداع الدوفان، لذا لا يمكن أن نتكلم عن الثقافة في الجزائر. وبمقابل ذلك، يمكن جدا أن نتحدث عن انتعاش سوق الشطحات.