أكدت الروايات أن سي معمر زعيم البوبكرية هام 30 سنة قبل أن يباشر إصلاحه في الجنوب الغربي في بداية القرن الخامس عشر،كونه كان رجل دين ملتزم فعمل على نشر المذهب المالكي في وسط خوارجي، وأعلن الولاء لإبن تاشفين في نوفمبر 1389 م، كما عرف رئيس المهاجرين سي معمر بنفسه لدى البربر بمنطقة واغمرت جنوبالمسيلة، فأدخلهم في الإسلام. ترتكز البوبكرية بقوة في الجنوب الغربي الجزائري، ينحدر أصلهم إلى أول خليفة في الإسلام أبوبكر الصديق اكتشف تاريخهم بواسطة وثيقة بعنوان: " المختصر المجهول لأولاد سيدي الشيخ" وهي رواية معلقة في الزاوية الأم بالأبيض سيد الشيخ والتي تتواصل إلى غاية الشيخ بوعمامة، وتبدأ رحلة البوبكرية بعد وفاة أبوبكر الصديق أين قام محمد السفاح أبو العباس وأخيه المنصور بطردهم من مكة في القرن الأول للإسلام، فخرج البوبكرية في جماعات، بعضهم يقودهم صفوان، الحفيد الأصغر لأبي بكر الصديق، ومجموعة أخرى تحت قيادة الشيخ سي معمر ورحلوا إلى مصر، ثم تونس إلى أن حلوا بالجنوب الغربي الجزائري، وفي تونس كانت لهم علاقة وطيدة مع الحفصيين رغم الاختلاف الذي كان بينهما، ( الصراع العربي الأمازيغي) بين العرب والحفصيون من قبيلة مصمودة بالمغرب الأقصى، لكن الأزمة السياسية في تونس أجبرت سي معمر ومن معه إلى الرحيل سنة 1370 م، فقد حكم الحفصيون تونس لحساب الموحدين، وهم ينحدرون من أبي حفص عمر الحنتاتي أحد أقارب المهدي بن تومرت. كان الجنوب الغربي ينتمي إلى المملكة الزيانية، وكان إقطاعيا يمني امتيازا ممنوحا مع كل الأوقاف الملحقة إلى بني عامر من طرف ملوك تلمسان منذ عهد يغموراسن في منتصف القرن الثالث عشر الميلادي، وساهم بنو عامر بقوة في استتباب العرش سنة 1359 م مدعمين أبا حمو موسى الثاني فتنازل لهم هذا الأخير عن قطعة أرض بين بلعباس وعين تموشنت ووهران سنة 1366 م. الملك الذي نفى أخاه من أجل بطيخة تقول الروايات أن نفي سي معمر كان بسبب خلاف عائلي مع أخيه الأكبر عقبة رئيس فرعهم أو رئيس فرع البوبكرية الذي خرج منه السلطان سي محرز، وهذا من أجل بطيخة، وهي القصة التي جاءت في الكثير من المخطوطات والتي تقول أن رجلا أراد أن يمنح بطيخة للملك سي محرز، فالتقى في طريقه سي معمر، فأعجب بالبطيخة وخلقت في نفسه شهية تذوقها، فأكل جزء منها، ولما سمع الملك سي محرز أن أخاه أكل من البطيخة قبله، أمر بنفيه تأديبا له على تصرفه غير اللائق، فيما تقول روايات أخرى أنه من الصعب التسليم بهذه القصة، لأن الأمر يتعلق بمسألة سياسية خطيرة دفعت سي معمر إلى التخلي عن مسقط رأسه ليغامر بنفسه في الصحراء وهو لا يتجاوز الأربعين من عمره. لم يكن خروج سي معمر من تونس وعائلته بمفرده بل رافقه آل زايد، عكرمة وآل رزين، وآل كركب وهم ما زالوا إلى اليوم ويعرفون باسم: أولاد زايد، العكارمة والرزاينة، والكراكبة حراس القبة وخدام الزاوية القديمة لسي معمر. إقامته عند بنوعامر بحجر ملبق غرب تيارت أقامت البوبكرية في أحجار ملبق 12 سنة، وحجر ملبق حسب رواية أولاد سيدي الشيخ ( البوبكرية) يوجد في غرب تيارت حيث يكون سي معمر قد أقام قبل الالتحاق بالجنوب الغربي مرورا بشمال الشط الشرقي ( ضواحي عين سخونة) وبموافقة بنو عامر، وكان بنو عامر رأوا في مجيء البوبكرية فرصة لمواجهة تأثيرات الأدارسة وميلهم التسلطي في مجال الدين وذلك بمقابلتهم بأهل علم ينحدرون من أول خليفة في الإسلام واستعادة صورتهم المشوهة سنوات المعارضة للنظام. كانت تلك النواحي تسع الخوارج ( بوسمغون، الشلالة، أرباوات، غاسول، بريزينة) وهم جماعة الصفريون والإباضيون) وعمل سي معمر على تطهير هذه المواقع من الخوارج، ولما دخل أرباوات وجد فيها من الإباضيين، فقاومهم حتى يعودوا على المذهب المالكي وكان قد تبعه معظم الإباضيين ومنهم الهاشمي بن محمد من أولاد جرار في فجيج. وبالنظر إلى التركيبة الإثنية لأعالي الجنوب الغربي الجزائري في نهاية القرن الرابع عشر، نجد أغلب سكان القرى كما جاء في المخطوطات مكونة من البرابرة ( زناته، واسين الأصليين الذين يتحدثون الأمازيغية المحلية المسماة " تشلحيت" أو" الشلحة"، وعند مجيء أولاد سيدي الشيخ في القرن الرابع عشر خرجت قصور جنوب البيض عن الإباضية. كانت مدينة " ربا " تعيش عصرها الذهبي، عندما كانت تحكم 90 قرية مشتتة بين ربا وتيارت، وهكذا يعتبر سي معمر المؤسس الأول لمدينة ربا، لكن ابن خلدون يقول أن مدينة ربا كانت موجودة قبل مجيء سي معمر، وهو ما أكدته المصادر التي أضافت أن القصور الذي يتحدث عنها الروائيون أسسها البرابرة الذين انصهروا في العرب ( بنو عامر والبوبكرية)، وأن قصر ربا تعرض للهدم من طرف المرينيين نهاية 1370 م . سي معمر في مواجهة مع ملك المرينيين وجد سي معمر عقبات مع البرابرة ( الشلح) رغم وجود بنو عامر إلى درجة منعه من إشعال مصابيح زاويته بعد الغروب من قبل أبو الحسن ملك المرينيين الذي استولى على تلمسان وحكم كل المغرب العربي في القرن الرابع عشر، وبقي سي معمر على حاله في الدعوة إلى السنة النبوية والسير على المذهب المالكي إلى أن توفي عام 1420 م ( 784 ه) تاركا أربعة أولاد أكبرهم عيسى أبو ليلة الذي صار رئيسا لعائلة البوبكرية والذي انتقل لقبه إلى ابنه بولحية ثم أبوسماحة، وقد دفن حسب ما أكده المؤرخ جياكوبيتي في مدينة ربا على سفح تل اسمه ضلعة سي معمر والقبة الموجودة حاليا بناها سي بن الدين الحفيد الثاني لأولاد سيدي الشيخ، وأمام قبة سي معمر على سفح الربوة تنتشر بقايا الزاوية القديمة التي استغلت كمركز لتعليم القرآن حتى بداية حرب التحرير حيث هدمت من قبل القوات المحتلة الفرنسية، وتتبع زاوية سيدي الشيخ الطريقة الشيخية، وهو فرع منشق من الطريقة الشاذلية الخاصة بزاوية سيدي الحاج بن عامر.