رحمة الرسول صلى الله عليه وسلم بالأمة: يقول الله تعالى في محكم تنزيله: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم} التوبة. فبأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم كم كان رؤوفاً رحيماً بأمته حريصاً على هدايتها. حتى إن الله تعالى قال له لما رأى من شدة حرصه على هداية أمته وبذله ما يستطيع من جهود لتحقيق ذلك. وهم لا يستجيبون لدعوته فخاطبه سبحانه بقوله: {لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين} الشعراء. أي أشفق على نفسك أن تهلكها حسرة لعدم إيمانهم . ورحمته هذه صلى الله عليه وسلم لم تكن مقتصرة على المؤمنين من أمته بل كانت تشمل الكافرين منهم والمعرضين. وكلنا يعلم ما تعرض له رسول الله صلى الله عليه وسلم من إيذاء قومه له واستكبارهم على دعوته. وهو صابر ماض في دعوته مشفق عليهم أن يصيبهم الهلاك. وعندما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف يدعو أهلها إلى الإسلام قابلوه بأشنع رد وطردوه من ديارهم ولم يكتفوا بذلك. بل سلطوا عليه صبيانهم وسفهاءهم يرمونه بالحجارة حتى أصابوه وأدموه -صلى الله عليه وسلم- ولما خرج من بينهم وركن إلى بستان قريب من ديارهم دعا ربه يستغيثه ويستنصره. فنزل من فوره جبريل عليه السلام معه ملك الجبال وقال له: (إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك. وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم) وقال له ملك الجبال: (يا محمد ذلك. فما شئت؟ إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين). وهما جبلان محيطان بالطائف. فما كان رده صلى الله عليه وسلم وهو في هذه الحال الصعبة إلا أن قال: (بل أرجو أن يخرج الله عز وجل من أصلابهم من يعند الله عز وجل وحده لا يشرك به شيئاً). رواه البخاري ومسلم