تم، أول أمس، بقسنطينة، إعادة فتح ثلاثة معالم دينية وتاريخية هامة بقلب المدينة القديمة، عقب انتهاء أشغال ترميم شاملة، استهدفت كلا من مسجد "الكتانية"، مسجد "سيدي عفان"، وزاوية "السيدة حفصة"، التي ظلت مغلقة منذ سنوات طويلة، بسبب تدهور وضعها الهيكلي والمعماري. أكد القائمون على المشروع، الذي يندرج في إطار برنامج واسع لحماية النسيج العمراني للمدينة العتيقة بقسنطينة، أن هذا الأخير، رصد له غلاف مالي يفوق 21 مليار سنتيم، خصص بالكامل لأشغال الترميم وإعادة التأهيل، التي انطلقت شهر جويلية من العام الماضي، حيث شملت العملية تدخلات دقيقة، تحافظ على الطابع المعماري الأصيل لهذه المعالم التراثية التاريخية. استُقبلت عملية إعادة فتح مسجد "الكتانية"، الذي يعود بناؤه إلى القرن الثامن عشر، ويعد أحد أقدم وأبرز مساجد المدينة بارتياح كبير من قبل سكان وسط المدينة، خصوصا أنه ظل مغلقا لفترة طويلة، ما حرَم المنطقة من أحد أهم معالمها الدينية والتاريخية، فالمسجد الواقع ضمن القطاع المحفوظ بنهج بوهالي السعيد "سوق العصر" بالمدينة القديمة، يعتبر تحفة معمارية تعكس الفن الإسلامي المحلي، حيث أنه خضع لترميم شامل مس الجدران، الأسقف، والزخارف الداخلية، مع الحفاظ على الزليج التقليدي والطلاء القديم. خلال زيارته للموقع، أسدى والي الولاية تعليمات من أجل تهيئة "سوق العصر" المجاور بطريقة تليق بالمكانة التراثية للمسجد، مع مراعاة انسجام الشكل النهائي مع طابعه الأندلسي الشرقي. أما مسجد "سيدي عفان"، الذي يقع بحي السويقة الشعبي، فقد استعاد نشاطه هو الآخر بعد إغلاق دام منذ سنة 2015، حيث شملت الأشغال إعادة تأهيل كلي لمرافقه، مع الحفاظ على العناصر الفنية التي تعكس هويته التاريخية، ويعرف هذا المسجد، بأنه احتضن في وقت سابق، أولى المدارس القرآنية، وكان مقرًا لنشاط عدد من مشايخ جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، رغم محاولات الغلق التي واجهها خلال الاستعمار الفرنسي. من جهة أخرى، شهدت زاوية "السيدة حفصة"، التي تعد من الفضاءات الدينية والروحية العريقة بقسنطينة، عملية ترميم دقيقة دامت نحو ثمانية أشهر، خضعت خلالها لمتابعة تقنية مكثفة، لضمان الحفاظ على هويتها التاريخية والروحية، وينتظر أن تساهم هذه الخطوة، حسب والي الولاية، في إعادة تنشيط الحركة الدينية والثقافية في قلب المدينة القديمة، بما يعزز من جاذبيتها السياحية، ويعيد إليها جزءا من بريقها المفقود.