الأسواق الجوارية المشيدة مؤخرا والتي صرفت عليها الدولة الملايير لازالت هياكل مسدودة ولم تستغل ولم ينتفع بها لا الشبان في إطار خلق فرص عمل جديدة ولا المواطنون الذين لازالوا يتبضعون في أسواق مهترئة مليئة بالغبار صيفا وببرك الماء شتاء، والعينات كثيرة منتشرة هنا وهناك في أغلب بلديات العاصمة نذكر منها بلدية القبة، بئر توتة وغيرها من البلديات الأخرى وما أكثرها. نسيمة خباجة على الرغم من جمالية تلك الأسواق التي شيدت بطريقة حضارية لضمان تسوق راق للزبائن وكذا ضمان مقاييس عمل للتجار أحسن بكثير من المقاييس التي يتجرعونها عبر الأسواق القديمة المهترئة أو حتى الطاولات الفوضوية التي عادت إلى الظهور بعد أن ضاق الشبان درعا من البطالة الخانقة وكذا الفراغ القاتل. تطرقنا مرارا وتكرارا إلى هذا الموضوع لعلّ تطرقنا يأتي بجديد لكن لا جديد يذكر، وتتلخص دوافع إثارتنا لمثل هذه المواضيع في رفض سياسة التماطل والغيرة على الوطن لا أكثر ولا أقل في ظل حدوث بعض المنكرات، فتفاصيل قصة تلك الأسواق بدأت بغاية القضاء على الأسواق الفوضوية وتزامنت وفترة القضاء عليها وتعويض الشبان عن طاولاتهم التي كانوا يسترزقون منها، واتخذت الدولة على عاتقها بناء تلك الأسواق قي لمح الصبر بحيث أن فترة التشييد لم تدم إلا شهورا قليلة وتم الاعتماد على الحديد لإسراع وتيرة الإنجاز وفك الغبن عن الشباب البطال وكذا عن الزبائن في أطر توسيع مختلف الفضاءات التجارية ووضعها في متناول الزبائن، وظهرت بعدها تلك الأسواق مشيدة واتخذت من اللونين الأزرق والأبيض طلاء لها واستبشر التجار والزبائن بها، فهي في الأول والأخير فضاءات مسخرة لخدمة الصالح العام، لكن الفرحة لم تستكمل إذ بقيت تلك الهياكل من غير روح وسُدّت في وجوه الزبائن و في وجوه الشبان الباحثين عن الاستقرار عبر طاولات تلك الأسواق. زبائن يتبضعون وسط البرك بالأسواق المهترئة كان اليوم شتويا وفدنا فيه إلى السوق المغطى ببئر توتة فوجدنا أنفسنا وسط برك من مياه الأمطار واستلزم الأمر علينا وعلى كل الزبائن الاحتماء بالمطريات وحتى من الرجال من احتمى بالأحذية البلاستيكية لعدم التبلل بمياه الأمطار التي وصلت إلى سنتيمترات معتبرة بتلك البرك، وكان وضع الزبائن مزرٍ للغاية، والغريب في الأمر أن ذلك السوق القديم يحاذي سوق جواري جديد لازالت أبوابه موصدة في وجوه الزبائن على الرغم من رقيه وضمان خدمات عالية للزبائن والتجار، بحيث شيّد السوق في لمح البصر لكن بقي موصدا في وجوه الزبائن مما يجسد التناقض الحاصل في الأمور. تقربنا من بعض الزبائن فأبانوا استياءهم من الظروف المحيطة بالسوق القديم خصوصا مع دفعات الترحيل التي تشهدها المنطقة والكثافة السكانية التي تستوجب توفير جل المرافق الضرورية على غرار الأسواق، واحتار جلهم من التماطل والتأجيل الحاصل في فتح السوق الجديد كمرفق حيوي تحتاجه منطقة بئر توتة في الوقت الحالي، كما أبان تجار السوق القديم غضبهم من الظروف التي يتخبطون فيها صيفا وشتاء، وإن كان الوضع محتملا في الصيف ففي الشتاء تغمرهم الأمطار ويستعصى عليهم القيام بعملهم تحت الأمطار التي تسقط عليهم ويحدث في الكثير من المرات شبه فيضان في السوق بسبب المياه الغامرة ويقفون في موقف لا يحسدون عليه تنعكس إفرازاته السلبية حتى على الزبائن الذين يجبرون على التبضع من السوق الوحيد بالمنطقة تحت الأمطار ووسط البرك المائية بسبب انعدام الأسقف.
التأجيل يفرز عودة الطاولات الفوضوية أغلب تلك الأسواق شيّدت لأجل امتصاص أزمة الطاولات الفوضوية المنتشرة هنا وهناك وسياسة التماطل في فتحها أدت إلى العودة التدريجية للأسواق الفوضوية في أغلب المناطق نجد منها ناحية بن عمر بالقبة وغيرها من النواحي، فهؤلاء التجار الذين تم وعدهم بطاولات عبر تلك الاسواق سئموا من الانتظار وراحوا إلى العودة الى التجارة الفوضوية بنصب طاولاتهم ولم يرضوا الاستسلام إلى الجوع والبطالة الخانقة، كما اغتاضوا كثيرا من سياسة التماطل المفتعلة من المسيرين عبر البلديات المعنية وهو ما عبر به بعض التجار بناحية بن عمر بالقبة، إذ وجدوا أنفسهم وهم يعودون إلى التجارة الفوضوية فارين من الجوع ونفس الوضع تكرر ببلديات أخرى. شباب بحاجة ماسّة إلى فتح تلك الأسواق الكل يجهل أسباب التماطل المعلن في فتح تلك الأسواق المشيدة والتي صرفت عليها الدولة الملايير وتتقاذف التهم بين هذا وذاك إلا أن الأسباب الحقيقية هي مخفية مثلها مثل أسباب التماطل في فتح محلات الرئيس وتضييع مشروع من ذهب كان باستطاعته فك الهموم عن الملايين من الشباب العاطلين عن العمل ليأتي دور الأسواق الجوارية حاليا التي شيّدت بالبلديات في ظرف قصير وبقيت موصدة الأبواب إلى إشعار آخر وألغيت بذلك الغاية من الإسراع في بنائها بعد التماطل المعلن في فتحها وتوزيع طاولاتها النظامية على الشبان العاطلين عن العمل وكذا على التجار الذين يعانون عبر الأسواق القديمة من دون أن ننسى فك الغبن الكبير على المواطنين كزبائن يحتاجون إلى تلك المرافق الضرورية في التبضع. وكانت معظم آراء الشباب تتلخص في ضرورة الإسراع في تسليم الطاولات النظامية بتلك الأسواق لكي لا يكون مصيرها كمصير المشاريع التي بقيت موصدة في وجه الشباب البطال، وحمّل أغلب الشبان السلطات المحلية المسؤولية وعلى رأسها البلديات التي تحتج في كل مرة بحجج واهية على استمرار غلق تلك الأسواق.