كثرت العراكات الحامية عبر وسائل النقل وفي كل الأماكن لأسباب تافهة، فعصيبة الجزائريين تجاوزت حدودها المعقولة وعادة ما تؤدي إلى بئس المصير بسبب تهور البعض في لحظة غضب، وهو ما وقفنا عليه مؤخرا في حافلة للنقل الخاص بحيث اندلع عراك حامٍ ما بين القابض وأحد المسافرين بسبب عزوفه عن دفع ثمن التذكرة ذلك ما لم يحتمله القابض، وتطورت تلك الملاسنات إلى عراك بالأيدي بعد أن رأى المسافر في ذلك السلوك جرحا لكبريائه أمام المسافرين من طرف القابض، في حين رأى القابض أن دفع ثمن التذكرة هو واجب على الجميع والركوب لا يكون بصفة مجانية، لكن بعض المسافرين يظهر لهم أن الأمر سيان بين حافلات النقل الخاص وحافلات النقل العمومي إيتوزا التي تحوّلت إلى وكالات من غير بواب وشاعت فيها ظاهرة العزوف عن دفع ثمن التذاكر وإن كان قباضها يهضمون الأمر لعدم الدخول في متاهات وتطوير الأمور إلى ما لا يحمد عقباه فإن أصحاب حافلات النقل الخاص يركضون ركضا وراء القطع النقدية ويستحيل ركوب أحد من المسافرين بالمجان عبر حافلاتهم. بعدها تطور ذلك التلاسن إلى عراك بالأيدي بين القابض والمسافر كانت خاتمته مشاهد الجروح والدماء، بحيث أوسع ذلك المسافر المتهور القابض بالضرب وسط فزع كبير بين المسافرين، الأمر الذي اضطر صاحب الحافلة إلى التوقف بعد أن تحوّلت تلك الحافلة إلى حلبة للصراع، وهو ما مس بأمن وسكينة الراكبين الآخرين الذين وجدوا أنفسهم مقحمين في قضية تبعد عنهم، إلا أن ركوب من هب ودب إلى الحافلات يؤدي دوما إلى تلك النهايات المأساوية بحيث أضحى يركبها المنحرف ومتعاطي المخدرات والمتشرد والمختل عقليا بعد أن أصبح همّ الناقلين الوحيد جمع أكبر حصة من المال على حساب راحة المسافرين. ويعد مشكل العزوف عن دفع التذاكر مشكلا متواصلا تشهده حافلاتنا العمومية منها والخاصة بعد أن اختار البعض تحويل النقل إلى عملية مجانية بمحض إرادتهم وهو أمر غير معقول بتاتا سواء في النقل العمومي أو الخاص، فالظاهرة تلحق خسائر بالنقل العمومي، أما الخاص فمجانية النقل التي يطمح لها بعض المسافرين هي من سابع المستحيلات مما يؤدي إلى بروز تلك الصراعات بالنسبة لبعض الشبان الذين يغضون الطرف عن تخليص التذاكر بدعوى أنهم بطالون ولا يمتلكون المال ويريدون الاستفادة من الخدمة بالمجان، وبتلك السيناريوهات تحوّلت الحافلات الى حلبات للصراع اليومي بين المسافرين بحيث تعددت الأسباب والمشاهد واحدة يذهب ضحيتها المسافرون الذين لا ينعمون بالهدوء والراحة أثناء تنقلاتهم بسبب الأفعال الصادرة عن بعض الاصناف والتي خرجت عن أطرها المعقولة. وعبر بعض المسافرين أنهم سئموا من النزاعات التي لا تنتهي أطوارها عبر وسائل النقل بين المسافرين أنفسهم وبين المسافرين والقابضين لأسباب متنوعة يترأسها عادة مشكل العزوف عن دفع ثمن التذاكر وهو بالفعل سلوك غير حضاري البتة من جهة، ومن جهة أخرى من ينظر إلى البطالة الخانقة والظروف المزرية التي يتخبط فيها بعض الشباب يلتمس لهم الأعذار فالكبرياء لا يساوي عندهم ثمن تذكرة أن هم حازوا المبلغ.