هناك من الناس من رموا على عاتقهم مسؤولية تسيير الناس وفق أهوائهم وكأنهم عبيد، بحيث تجرأوا على التعدي عليهم حتى وهم يمارسون عملهم كمصدر وحيد لاسترزاقهم دون أدنى اعتبار لسنهم المتقدم أو مشاعرهم، فبدل تسهيل مهامهم ومعاملتهم معاملة حسنة يذهب البعض إلى سبهم وشتمهم والعراك معهم، وأمرهم وفق أهوائهم وحسب ما تحكم به مصالحهم الشخصية. هذا هو حال قباض التذاكر على مستوى حافلات النقل الخاص والعمومي الذين يتذوقون الأمرين بحكم تعاملهم مع المسافرين خلال كامل اليوم، بحيث أصبح النهر والظلم الطابع الغالب على ساعات عملهم وهي أفعال صادرة من مواطنين باعوا ضمائرهم وأرادوا تسييرهم وفق أهوائهم. هو ما يتعرض إليه القباض في كل يوم خاصة على مستوى النقل الخاص، بحيث استغل البعض صغر سنهم وبحثهم عن مصدر قوتهم من أجل إطلاق طغيانهم عليهم والتجرؤ حتى على ضربهم لسبب اعتاد على نسج خيوطه بعض المسافرين وهو التماطل في الإقلاع على مستوى المحطات الثانوية، ولو أنه تصرفٌ وارد إلا أن الأمر لا يصل إلى حد التعدي على القابض وسبه وشتمه فهو في الأول والأخير يقوم بمهامه في إطار ممارسة عمله. لكن الواقف على ما تتجرعه حافلاتُنا يقف على مستوى الظلم الذي بات يصدر من طرف بعض الأشخاص وكأنَّ الحافلة سُخِّرت لهم شخصيا وبات مسيِّروها يخضعون إلى الأوامر المملاة عليهم من طرف المسافرين والحق دائما للمسافر الذي يتحجج دوما بالتماطل في الإقلاع وإطالة المكوث في محطات ثانوية، لكن مهما كانت الأسباب فاللباقة وحسن المعاملة هما مطلوبان جدا في مثل هذه الحالات. إلا أن الحاصل هو العكس بحيث يذهب بعض المسافرين إلى سب وشتم القابض وحتى السائق ولولا سكوتهما عن الأمر وتجاوزهما له في العديد من المرات لانقلبت الحافلات إلى ساحة للعراك التي اندلعت في بعض المرات بسبب عدم احتمال بعض القباض لما يصدر من بعض المسافرين وتعرضهم إلى الظلم من طرفهم، وحتى الإنقاص من شأنهم وإحباط معنوياتهم والتقليل من قيمتهم وكأنهم يتسولون، متناسين أن مهنة القابض مثلها مثل بقية المهن الشريفة التي تدر حلالا على ممتهنيها. في هذا الصدد اقتربنا من بعض محطات النقل العمومية للاحتكاك بفئة القباض فقالوا الكثير وبينوا معاناتهم اليومية مع بعض الأصناف فلولا لقمة العيش أخبرنا بعضهم لتوقفوا عن تلك المهنة التي باتت مهينة برأي بعض الأشخاص ما بينه محمد، 22 عاماً، من محطة بن عكنون بالعاصمة مارس المهنة منذ 5 سنوات، بحيث قال إن مهنة القابض في مجتمعنا هي فعلا جد صعبة كونها تحكم على ممارسها بالتجاوب مع مختلف الأصناف والتحكم في أعصابه قدر المستطاع لكي يحافظ على استقرار الحافلة وهدوئها، ولولا سماحهم وتجاوزهم للأمور في العديد من المرات لانقلبت الحافلات إلى ساحات للعراكات الروتينية، فكل مسافر يريد أن تخصص له محطة ثانوية وتوصله إلى مشواره وإن حدث العكس فالسب والشتم وحتى محاولة الضرب ستكون مصائرنا المحتومة على حد قوله، كما يضيف (ناهيك عن إجبارنا على الإقلاع حتى قبل ركوب المسافرين فالأمر هنا مستحيل فما فائدة ربط الرحلة بخمسة مسافرين، هنا الأمر سيؤدي بنا إلى الخسارة إلا أن الكل أرادوا أن يسيروا الحافلات وكأنها ملكهم الخاص أو خصصت لهم شخصياَ). أما قابض من محطة بومعطي بالحراش فقال إن القباض في بعض النواحي الخطيرة التي يكثر فيها المنحرفون عليهم بشدّ الصبر وإلا تعرضوا إلى أسوء مصير، وأضاف أنه مرارا يصطدم بشبان يمتنعون عن دفع ثمن تذاكرهم إلا أنه يجبر على السكوت لمنع تطور الأمور إلى ما هو أخطر والتي يدفع ثمنها حتما باقي المسافرين، بحيث من واجب القباض توفير الهدوء داخل الحافلة وعدم المزايدة مع بعض الأصناف.