يعتبر المجاهد محمد صلاح الدين المعروف ب ''سي الدين'' والمولود بمدينة إن صالح في 12 ديسمبر 1935, أحد رموز النضال الوطني الذي وقف مع بقية إخوانه المجاهدين, في منطقة الجنوب الكبير من الوطن, ضد الاستعمار الفرنسي, وهو آخر المجاهدين الستة من المنطقة المحكوم عليهم بالإعدام الذي لايزال على قيد الحياة. وفي هذا الصدد, أكد الأمين الولائي للمنظمة الوطنية للمجاهدين, وايني مولاي حمو, أن ذكرى هؤلاء المجاهدين الستة الذين ألقت فرنسا القبض عليهم بسنوات قليلة قبل الاستقلال تبقى راسخة في الأذهان. وبالرغم من الحكم الجائر في حقهم بالإعدام (لم ينفذ), إلا أنه يظل محطة تاريخية شاهدة على عظمة الثورة الجزائرية وبسالة من قدموا أرواحهم فداء للوطن في كل شبر منه. وقال السيد وايني: ''إننا نشتم رائحة إخواننا المجاهدين المحكوم عليهم من خلال آخر مجاهد (محمد صلاح الدين) على قيد الحياة, والذي نكن له ولزملائه كل الاحترام والتقدير". ويعد هذا المجاهد أصغر رفاقه سنا من بين الذين تتبع الاستعمار الفرنسي خطوات نشاطهم السياسي بمنطقة إن صالح حتى أن والدته اعترضت على طريقة اعتقاله لصغر سنه, لكن القوات الاستعمارية رأت فيه الداهية المخطط للتشويش عليها, حسب ما يرويه أحد أقاربه, صلاح الدين سليمان. ونظرا لما تميز به من نشاط نضالي دؤوب, فقد كان هذا المجاهد محط انظار الاستعمار الفرنسي الذي راح يتتبع خطواته, مما كلفه السجن عدة مرات مع رفاقه الستة من المجاهدين وهم قاسم مداني وجلولي جلول وسيد علي عباس وبن عبد السلام أحمد وعزاوي سويدي وسدي محمد. وكان المجاهد محمد صلاح الدين من أبرز المجاهدين بالمنطقة الذين كانوا ينشطون تحت قيادة المجاهد محمد اجغابه وكان يتفقد اخوانه بإن صالح وينسق معهم من خلال عقد الاجتماعات لساعات طويلة, كما أن ثقافته الواسعة باللغتين العربية والفرنسية جعلت منه مناضلا يعول عليه في عديد المواقف التنسيقية, خدمة للحركة النضالية ضد فرنسا وسياستها الاستعمارية البغيضة الممارسة ضد الشعب الجزائري. وقد اعتقل المجاهد محمد صلاح الدين مع رفاقه من المجاهدين سنة 1957 وأدخل الجميع سجن "لومبيز " بباتنة حيث صدر في حقهم الحكم بالإعدام قبل تحويلهم في سنة 1958 الى سجن الكدية بمدينة قسنطينة أين تعرضوا لشتى أشكال التعذيب والتنكيل والضرب المبرح ليحولوا مرة أخرى الى سجن ورقلة ومنه اطلق سراحهم في سنة 1961. وبعودتهم الى مدينة إن صالح, تم استقبالهم بحفاوة من طرف السكان المحليين باعتبارهم أبطالا وقفوا في وجه الاستعمار الفرنسي وساهموا مع بقية المجاهدين في افشال مخططاته الدنيئة. ولم يكن صلاح الدين أحد المجاهدين البواسل فحسب، بل كان أديبا وقاصا أيضا, حيث سجل اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ الرواية الجزائرية من خلال روايته المعنونة "الممرضة الثائرة"، والتي دارت أحداثها بمنطقة المنيعة وتحكي قصة ابنة جنرال فرنسي رفضت الظلم الممارس من طرف المستعمر ضد الجزائريين وانضمت الى صفوف الثورة لتقاوم الحيف والاستبداد. وقد حظيت هذه الرواية بالطباعة سنة 1964. ولايزال المجاهد محمد صلاح الدين يحظى بزيارة المسؤولين والأعيان في المناسبات والأعياد الوطنية التي كرم خلالها أكثر من مرة ليبقى رمزا من رموز النضال الوطني وقدوة لجيل الشباب الذي يستلهم منه روح التضحية من أجل الوطن.