وسائل الاتصال الحديثة تنسف تقاليد الخطبة الهاتف وشبكات التواصل الاجتماعي تحل محل الخطابات في زمن ليس ببعيد كان الجزائريون يتبعون نمطا معينا إذ لم نقل وحيدا للخطبة ولأن وسائل الاتصال لم تكن متاحة بهذه الوفرة كما هو الحال في وقتنا الحاضر والنساء كن قليل ما يخرجن لقضاء حوائجهن بلبس لا يمكن أن يقال عنه إلا أنه في غاية الاحتشام كان لزاما على الذي عزم على الدخول لبيت الزوجية أن يتبع تقليدا معينا في هذا الشأن وأن تتولى والدة العريس المهمة في البحث عن عروس مناسبة لابنها أما في زمننا هذا فباتت الخطبة تتم في الهواتف وحتى عبر شبكات التواصل الاجتماعي. ياسف آسيا فاطمة الخطبة هي أول خطوة في الزواج وعادة ما يتم التعارف بين الزوجين المستقبليين في هذه الفترة وتجربة مدى التوافق بينهما لذا فهي تحظى باهتمام بالغ من طرف العروسين وأهلهما على حد السواء ولكن بتقدم الزمان وتطوره كما يقال ابتعد الناس كثيرا عن ما كان متوارثا بينهم في نمط العيش وخصوصا في ما يتعلق بشأن الزواج فكيف أثر هذا التطور والتحرر في نمط حياة اليوم. مهنة الخطابة الضائعة في الماضي كان الشاب يصرح برغبته في الزواج بطرق غير مباشرة ولكل منطقة طريقتها وتقليدها في هذا الأمر وكان يقوم بطلب هذا استحيائا واحتشاما من والديه وبما أن الفتيات كن لا يخرجن إلا نادرا كان من الصعب مصادفتهن في الطريق لذلك كان الشاب يفوض كافة التدابر إلى والدته فلا تتأخر هذه الأخيرة في طلب العون من الخطابة وهي امرأة معروفة في الحي تعلم بكل خبايا البيوت المحيطة بها كما أنها تعرف كل الفتيات اللواتي وصلن لسن الزواج ولم يتيسر أمرهن بعد فما كان على الأم سوى إعلامها بموصفات فتاة الأحلام التي يرغب بها ابنها والخطابة تتكفل بالباقي أيضا كانت عملية الخطبة تتم عن طريق البحث عن الزوجة المناسبة من طرف الأم إذا لم يتم اللجوء للخطابة في الحمامات والأفراح والتجمعات العائلية وكل هذه دون أدنى تعارف أسبق بين العروسين ومما هو معروف فإن مثل هذه الزيجات كانت تدوم طويلا ومن النادر السماع بحدوث الطلاق. لم يحفظ التحرر مكانة المرأة ولأن المرأة تحررت (كما تظن) فإن الشاب صار يبحث لنفسه عن عروس بكل الطرق المتاحة له فلا تخلو حياة شباب اليوم من العلاقات الغرامية الكثيرة والتي غالبا ما تكون علاقات فاشلة بنيت على النفاق المتبادل بينهم هذا دون التطرق لموضوع المعاكسات الذي أسال حبر المختصين والمتتبعين فالشباب اليوم يختارون الفتاة التي يرونه مناسبة بأنفسهم بشتى الوسائل المتاحة وهم بهذا يتخلون عن دور الأهل الرئيسي في هذا الموضوع فقد اقتصر دور أغلبيتهم على الخطبة الشكلية فقط فهم بهذا يكسرون حاجزا أبديا لطالما حفظ أسرار النساء فالتحرر في بعض الأحيان تكون له سلبياته. المكالمات الهاتفية تقود في بعض الأحيان لما لا يحمد عقباه ومما يمكن ملاحظته أيضا أن الخطيبين أصبحا يمضيان جل أوقات فراغهما (إذا لم نقل أوقاتهما كلها) في المحادثات الهاتفية ليلا ونهارا بحجة التعارف ولكن هذا التعارف المطول بينهما قد يجر تبعاته عليهما وهذا ما قصته لنا هاجر الفتاة التي تحولت حياتها لجحيم بسبب خطيبها صعب المزاج فلا يكف عن الاتصال بها ومعرفته كل خطوة تقوم بها فصارت أقرب ما تكون عبدة له أكثر منها خطيبة على حد تعبيرها أما أنيسة فتقول إن خطيبها كان طيبا جدا في معاملته لها في بداية العلاقة ولكن مع مضي الوقت أصبح وضعهما لا يطاق فعلى حد تعبيرها تقول إنه في بداية الأمر استحسنت كثرة اهتمامه بها ولكن بعد فترة صار يثور غضبه لأتفه حدث يمر بحياته ولا تخبره به ولأنه عرف فتيات كثيرات فقد كان يشكك في أبسط الأمور كعدم الرد عليه إن كانت مشغولة مثلا وهذا ما اضطرها لفسخ خطوبتها بعد أن ضاقت ذرعا بتصرفاته تلك. التطور يقضي على بعض الخصوصيات ولأن التطور ألقى بظلاله على شتى مناحي الحياة فإن الخطبة وصلت إلى حد لا يمكن تصوره فبفضل التطور الكبير الذي حدث في مجال الاتصال أصبح التعارف بين الناس يتم بنقرة زر وبنفس النقرة يمكنك الوصول إلى تفاصيل حياة الآخرين بسهولة وهذا الذي حدث مع إسماعيل الذي كان يقضي جل وقته في تصفح صفحات التواصل الاجتماعي فحدث أن تعرف على فتاة هناك وتطورت علاقتهما إلى حد الارتباط الجدي لتبقى مثل هذه الزيجات تحظى بتحفظ كبير من طرف المجتمع.