حتى لا تشاركهم الزوجة الثانية في الميراث أبناء يحرمون آباءهم من حقهم في الزواج يعتبر الزواج حق مشروع للرجل مهما كان سنه ووضعه بل أبعد من ذلك فهو في الشرع الإسلامي نصف الدين وقد أحل الله للرجل التعدد شريطة أن يعدل بين زوجاته ولكن ورغم ذلك إلا أن هناك ظاهرة تفشت مؤخرا في المجتمع الجزائري تتمثل في منع الأبناء آباءهم من الزواج مرة أخرى بعد وفاة أمهم بسبب خوفهم من استيلاء الزوجة الجديدة على ميراث والدهم وتكون الطامة الكبرى إذا أنجبت له أولادا.
عتيقة مغوفل على ما يبدو أن أنبل وأشرف العلاقات بين البشر أصبحت تسيطر عليها المادة وغدا المال هو الحكم بينها ومن بين العلاقات التي شابتها هذه الآفة علاقة الأب بأبنائه ووصل الأمر بالكثير من الأبناء إلى منع آبائهم من حقهم في الزواج بعد وفاة أمهم حتى لا تشاركهم المرأة الثانية في الإرث وهو الأمر الذي يجعل الكثير من الرجال الذين توفت زوجاتهم يعيشون الوحدة القاتلة ويعانون العجز ولا يجدون من يخدمهم في الوقت الذي ينشغل فيه كل الأبناء بعائلاتهم الصغيرة. يعيش وحيدا بعد أن رفض أبناؤه تزويجه يعتبر الإحساس بالوحدة من أبشع الأحاسيس التي يمكن أن يشعر بها الإنسان في حياته خصوصا إن عهد الشخص على العيش في أجواء عائلية يسودها الكثير من الحماس والحنان ومن الأشخاص الذين يعانون الوحدة السيد(بوعلام) الذي يبلغ من العمر 68 عاما هذا الأخير عاش في سعادة كبيرة مع زوجته وأبنائه الثلاثة وما زاد من فرحه أنه قام بتزويج كامل أبنائه وبقي يعيش هو وزوجته في البيت إلا أن الأقدار شاءت أن ماتت زوجته التي عاش معها قرابة الأربعين عاما بسرطان خبيث ألزمها الفراش أزيد من سنة ثم بلغها أجلها وتوفيت وبعدها بقي وحيدا في البيت وفكر في الزواج مرة أخرى خصوصا وأنه شخص غني وله المال الكافي من أجل الارتباط مرة أخرى لذلك قام بجمع أبنائه وأخبرهم بقراره لكنه لم يتوقع أبدا رد فعلهم فقد رفضوا جميعا فكرة زواجه وحين طلب منهم السبب تحجج كل واحد منهم بحجة إلا أن حججهم جميعا لم تكن مقنعة أبدا فطلب من شقيقته أن تتحدث مع أبنائه وتطلب منهم معرفة السبب الحقيقي الذي دفعهم لمنع والدهم من الزواج مرة أخرى لتتوصل العمة في الأخير إلى حل اللغز وعرفت أن أبناء أخيها خافوا أن يتزوج والدهم مرة أخرى من زوجة ثانية تشاركهم مال والدهم ويصبح لها الحق في الميراث إلا أن السيد(بوعلام) حزن جدا من تفكير أبنائه الذين غلب عليهم الطمع وقرر في نهاية المطاف الخضوع للأمر الواقع وعدم الزواج من امرأة ثانية حتى لا يخسر أبناءه. تزوج رغم رفض أبنائه السيد(فريد) صاحب 67 سنة كان متزوجا من ابنة عمته لفترة دامت 38 سنة إلا أنها توفيت بعد أن عانت كثيرا من مرض القلب وتركت له 7 أولاد أربعة منهم متزوجون والذكران والبنت غير متزوجين السيد فريد وبعد مرور 6 أشهر على وفاة زوجته بدأ يفكر في الزواج خصوصا عندما تغيب ابنته عن البيت فيبقى في عزلة تامة كما أن الشعور بالوحدة بعد وفاة زوجته قهره كثيرا فقرر أن يتزوج مرة أخرى وهو حق من حقوقه الشرعية على حد تعبيره فطلب من ابنته الكبرى أن تبحث له عن عروس مناسبة إلا أنها أخبرت أشقائها بطلب والدها وهو الأمر الذي رفضه الجميع جملة وتفصيلا والسبب في ذلك أن السيد(فريد) كان يملك محلين وكان يستأجرهما طوال السنة هذا بالإضافة إلى أنه كان يملك قطعة أرضية في منطقة القبائل بالإضافة إلى الشقة التي يسكن فيها بالجزائر العاصمة وهو الأمر الذي جعلهم يفكرون أن الزوجة الثانية ستستحوذ على إرث والدهم خصوصا إن أنجبت له أطفالا فحاولوا بشتى الطرق إقناعه عن العدول عن فكرة الزواج إلا أنه رفض وبقي مصمما عليها حتى أنه كاد أن يطرد أحد أبنائه الذين عارضه من البيت لهذا رضخ الأولاد في النهاية وقبلوا فكرة زواج أبيهم ولكن وضعوا له شروطا في ذلك حيث طلبوا منه الزواج بالفاتحة فقط دون أن يوثق زواجه بالعقد عند مصالح البلدية وأن يتزوج بامرأة كبيرة في السن حتى لا تنجب له أولاد وبدأت ابنته الكبرى تبحث له عن عروس إلا أن وجدت له امرأة مطلقة تبلغ من العمر 42 سنة هذه الأخيرة تطلقت لأنها لا تنجب الأطفال وهو ما كان فقد تزوج بها السيد(فريد) بالفاتحة كما طلب منه أبناؤه ولكنه لم يرض أن يضيع حق زوجته من بعده وتخوف من ظلم أبنائه لها من بعد وفاته وقرر أن يعقد عليها بعقد رسمي في البلدية ولم يكتف بذلك فقط بل سجل لها الشقة باسمها حتى يضمن لها حقها مستقبلا.