الرسول كأنك تراه نماذج من مزاح النَّبي صلى الله عليه وسلم - عن أنس رضي الله عنه: ((أنَّ رجلًا من أهل البادية كان اسمه زاهرًا يهدي النَّبي صلى الله عليه وسلم الهديَّة من البادية فيجهِّزه النَّبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج فقال رسول الله: إنَّ زاهرًا باديتنا ونحن حاضروه. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّه وكان رجلًا دميمًا فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه ولا يبصره الرَّجل فقال: أرسلني مَنْ هذا ؟ فالتفت فعرف النَّبي صلى الله عليه وسلم فجعل لا يَأْلُو ما ألصق ظهره بصدر النَّبي صلى الله عليه وسلم حين عرفه وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من يشتري العبد ؟ فقال: يا رسول الله إذًا والله تجدني كاسدًا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن - عند الله - لست بكاسد أو قال : لكن -عند الله - أنت غال)) [صحح إسناده الألباني على شرط الشيخين في تخريج مشكاة المصابيح]. - عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ رجلًا استحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((إنِّي حاملك على ولد النَّاقة فقال: يا رسول الله ما أصنع بولد النَّاقة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهل تلد الإبل إلا النُّوق؟)) [صححه اللباني في صحيح سنن أبي داود]. - نماذج من مزاح السَّلف: - كان علي رضي الله عنه فيه دعابة فقد قال عمر رضي الله عنه: (أرجو ألَّا يخالف إن شاء الله وما أظنُّ أن يلي إلَّا أحد هذين الرَّجلين: علي أو عثمان فإن وليَ عثمان فرجل فيه لين وإن وليَ علي ففيه دعابة) [رواه الطبرى فى تاريخ الرسل والملوك]. - عن بكر بن عبد الله قال: (كان أصحاب النَّبي صلى الله عليه وسلم يَتبادَحون بالبطِّيخ فإذا كانت الحقائق كانوا هم الرِّجال) [رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد]. - قال عطاء بن السَّائب: (كان سعيد بن جبير لا يقصُّ علينا إلَّا أبكانا بوعظه ولا يقوم من مجلسنا حتى يضحكنا بمزحه) [اللطائف والظرائف للثعالبي]. - قال غالب القطَّان: (أتيت ابن سيرين يومًا فسألت عن هشام فقال تُوفِّي البارحة أما شعرت ؟! فقلت: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون فضحك فقلت: لعلَّه أراد النَّوم) [شرح السنة للبغوى]. - قال ابن سيرين: (ليس من حُسْن الخُلُق الغَضَب من المزْح) [الذخائر والعبقريات للبرقوقى]. - نماذج من مزاح العلماء المعاصرين: - كان الشيخ ابن باز رحمه الله حريصًا على ملاطفة جُلَّاسه وإدخال السُّرور عليهم وكان يداعبهم ويمازحهم مزاحًا لا إسراف فيه ولا إسفاف فمن ذلك: جاءه -ذات مرَّة- مُطَلِّق فقال له: ما اسمك؟ قال: ذيب قال: ما اسم زوجتك؟ قال: ذيبة فقال رحمه الله -مداعبًا-: أسأل الله العافية! أنت ذيب وهي ذيبة كيف يعيش بينكما الأولاد؟! [جوانب من سيرة الإمام عبد العزيز بن باز لمحمد الموسى]. - وهذا الموقف حدث للشَّيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى حيث يقول راوي القصَّة: صلى الشَّيخ في الحرم المكي وعند خروجه استقلَّ سيَّارة تاكسي وأراد التَّوجُّه إلى مِنى وأثناء الطَّريق أراد السَّائق أن يتعرَّف على الرَّاكب فقال من الشَّيخ ؟ فأجابه الشَّيخ: محمد بن عثيمين فأجابه السَّائق: أنت الشَّيخ ابن عثيمين ؟! - ظنًّا منه أنَّه يمزح معه - فقال: نعم فقال السَّائق - وهو يهزُّ رأسه متعجبًا من جرأته في تقمُّص شخصية الشَّيخ ابن عثيمين فقال الشَّيخ للسَّائق: ومن الأخ ؟ فأجاب السَّائق: أنا الشَّيخ عبد العزيز بن باز وكان ذلك في حياة ابن باز مفتي عام المملكة فأجابه الشَّيخ: لكن ابن باز ضرير ولا يمكن أن يسوق سيَّارة! ولما تبيَّن للسَّائق أنَّه الشَّيخ ابن عثيمين اعتذر منه وكان في غاية الحرج وهذا يدلُّنا على تواضع الشَّيخ ومداعبته لعامة النَّاس) [الجامع لحياة العلامة محمد بن صالح العثيمين لوليد بن أحمد الحسين].