بقلم: عميرة أيسر* يعتبر التراث الشعبي والديني والحضاري من أهم الركائز التي يقوم عليها المجتمع الجزائري الذي يحتوي في دواخله الوجدانية على مجموعة من المكونات والأسس المعرفية والحضارية والموروثات الدينية التاريخية التي تجعله مجتمعاً غنياً إذا ربطناه بدراسات علم التراث المتخصصة والتي تشمل دراسة مختلف الموروثات الشعبية والفنون والموسيقى الشعبية والمخزونات الدينية و التركيبية للأمم والمجتمعات. فالجزائر التي يعتبر فيها التنوع المذهبي والديني والعرقي والمناطقي واللغوي نموذجاً إنسانياً راقياً في العمل على تعزيز الأواصر والروابط والوشائح التاريخية والمجتمعية العامة وهذا ما حما البلاد من العديد من الهزات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي عصفت بالنسيج الإجتماعي والتكويني لها. فالوعي الكبير الذي يمتلكه الشعب الجزائري بضرورة المحافظة على مكتسباته ومنجزاته التاريخية والمجتمعية والتراثية وتعزيزها كان من أهم عوامل الوحدة والإستقرار الأمني والسِّياسي والاقتصادي والديني والثقافي وهذا ما جنَّب البلاد الكثير من الانزلاقات والأخطار وفي فترات تاريخية حرجة جداً من عمر المجتمع الجزائري والذي عرف كيف يوظف موروثه الشعبي ليمحي بنيته العامة من التفكك أو الذوبان في محيطه الحضاري أو الثقافي في ظل العولمة ومخرجاتها الفكرية والمعرفية والأيديولوجية وتراجع دور الثقافات المحلية وتهميشها لصالح ثقافة الغرب الذي أصبح المسيطر على نمط الاستهلاك الثقافي والتراثي في العديد من الدول والمجتمعات التي لم تعرف كيف تزواج بين أصالتها التراثية و الدينية وخصوصياتها العقائدية و عاداتها وتقاليدها التي تميزها عن بقية المجتمعات البشرية وبين عوامل التقدم التكنولوجي والمعلوماتي والحضاري التي جاءت بها ثقافة والغرب كبنية سوسيولوجية تسارعت في كرونولوجيا الأحداث الإجتماعية المعولمة. وإذا كان المجتمع الجزائري قد نجح في المحافظة على تراثه العام من الاندثار وذلك لتظافر عدَّة عوامل ومسببات تاريخية وحضارية فإنه يجب عليه أن ينقى موروثه الشعبي والديني من كل النواقص والعوالق التي يمكن أن تؤدي إلى إحداث شرح بين منظومة القيم الاخلاقية والعرفية التي تعوّد عليها وتأقلم معها بالتالي لقرون طويلة وبين الظروف الراهنة التي نمر بها والأزمات المرحلية التي يمكن أن تؤثر سلباً على وعيه وتراثه وقيمه وأفكاره ككل لكي نبني دولة قوية راسخة البنيان والأسس.