توزيع جوائز مشروع "البحث عن السفراء الثقافيين الشباب الجزائريين الصينيين" بالجزائر العاصمة    هو رسالة قوية مفادها أن الجزائر غلبت المصلحة العليا للوطن    وزير الأشغال العمومية ينصب لجنة مرافقة ومتابعة تمويل المشاريع الهيكلية للقطاع    مؤشرات اقتصادية إيجابية ومشاريع الرقمنة ستعزز مسار الإصلاحات    إبراز ضرورة حماية المنتجات التقليدية وطرق تسويقها وطنيا ودوليا    إصابة 32 شخص بجروح متفاوتة الخطورة ببجاية    خنشلة : توقيف فتاة نشرت فيديو مخل بالحياء    تفتك جائزة "لجدار الكبرى " للمهرجان الثقافي الوطني للأغنية الملتزمة    الجزائر ستظل شريكا فاعلا في الجهود الدولية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية    قويدري يبحث فرص التعاون الثنائي مع السفير الأوغندي    رؤساء المجموعات البرلمانية يشيدون بالرؤية الوطنية المتكاملة للنص    عاما من النضال من أجل تقرير المصير والاستقلال    ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 69182 شهيدا و170694 مصابا    الأوضاع الإنسانية بغزة ما زالت مروعة    بحث سبل تعزيز التعاون الجزائري-الأردني    في بيان لها حول انتشار "الجرب" في بعض المدارس    دستور 2020 يؤسس لمرحلة بناء دولة الحكم الراشد    توحيد مواضيع الاختبارات وفترات إجرائها    متابعة تجسيد البرامج التكميلية للتنمية    تصدير فائض الطاقة يفتح آفاقا لتوسيع الاستثمارات    "سلام تصدير +" لدعم الصادرات الوطنية    الشركات الروسية مهتمة بالاستثمار في السوق الجزائرية    12 مصابا في اصطدام بين حافلة وشاحنة    786 حالة سرقة للكهرباء    مدرب منتخب ألمانيا يردّ على تصريحات مازة    تحديد منتصف جانفي المقبل لعودة غويري للمنافسة    ندوة دولية كبرى حول الشاعر سي محند أومحند    نحو تجسيد شعار: "القراءة.. وعي يصنع التغيير"    مساحة للإبداع المشترك    اختبار تجريبي قبل ودية أقوى مع السعودية    مقلّد الأوراق المالية في شباك الشرطة    الإصابات تضرب بيت الخضر    إبراز ضرورة حماية المنتجات التقليدية وطرق تسويقها    جلاوي يشرف على اجتماع تقييمي    الجزائر وأنغولا تجمعهما مواقف مبدئية    ناني ضمن طاقم للخضر    ناصري يرافع من باكستان لمقاربة الجزائر الشاملة    تاريخ الجزائر مصدر إلهام    بونعامة يبرز أهمية اعتماد معايير الجودة    الوزير يُجري تحليل PSA    عجّال يستقبل وفدا من جنرال إلكتريك    بلمهدي يُوقّع اتفاقية الحج للموسم المقبل    إنطلاق "الملتقى الدولي للمبدعين الشباب" بالجزائر العاصمة    جهود متميزة تبذلها الجزائر لتهيئة الظروف الملائمة للاجئين الصحراويين    المنتخب الوطني يحطّ الرّحال بجدّة    ستورا يدعو فرنسا للاعتراف بجرائمها في الجزائر    ياسر جلال يوضّح تصريحاته بالجزائر    بلمهدي في السعودية    من ينصف الأسرى الفلسطينيين أحياء وأمواتا؟    نزوح 75 ألف شخص من إقليم دارفور السوداني    وزير الشؤون الدينية بلمهدي يشارك في اللقاء نصف السنوي لرؤساء مكاتب شؤون الحجاج بالسعودية    الطبعة الرابعة لنصف مراطون "الزعاطشة" ببسكرة    عبد الرحمان بن عوف .. الغني الشاكر    غنى النفس .. تاج على رؤوس المتعففين    فتاوى : واجب من وقع في الغيبة دون انتباه وإرادة    دعاء في جوف الليل يفتح لك أبواب الرزق    مؤسسة Ooredoo تبرم شراكةً رسميةً مع نادي مولودية وهران    تحذيرات نبوية من فتن اخر الزمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



متى كان الخنوع للاستبداد حكمة وتعقلاً؟
نشر في أخبار اليوم يوم 22 - 05 - 2011

لم أسمع أصواتًا تنادي باللجوء إلى الحكمة وإعمال العقل كما سمعت في الحالة السورية، أصوات يرى أصحابها أن الحكمة أن يبقى الشعب صامتًا، وألا يثور في وجه جلاديه، جثموا على صدره نحوًا من نصف قرن من الزمان، وأذاقوه ألوانًا من الإذلال، وساموه الخسف والهوان، أصوات يرى أصحابها أن "العقل" يقضي بألا يخرج الشعب مُطالبًا بحقوقه الأساسية المشروعة، لأن في ذلك "فتنة وتهلكة" على حدّ زعمهم.
أصوات شتى، كنا نحسب بعض أهلها على خير، ونلتمس لهم الأعذار، وندافع عنهم ببعض ما قدموا في الذب عن الإسلام، حتى إذا جاءت الصاخّة، ووقعت الواقعة، نكصوا على أعقابهم، وقعدوا مع القاعدين، وراحوا يدلسون على الأمة، ويخترعون الأكاذيب، ويلفقون الأقوال: لا تذهب نفسُك عليهم حسرات، فلو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالًا، ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة، ألا في الفتنة سقطوا وهم يشعرون أو لا يشعرون.
لم أكن قطُّ أتخيلُ أن يقف عالمٌ يدافع عن قاتل تسيل الدماء من مخالبه، ويردد أقوالًا ساقطة متهافتة، يعلم القاصي والداني بطلانها، بل لم يعد الناس يلتفتون إليها أصلًا، كزعمه إن ما يجري في سورية "مؤامرة أعدت بليل"، أو "خطة صُدِّرَت من الخارج"، أو أن "من يقف وراءها مجهول الهوية"، وما إلى ذلك مما صدأ وكسدت سوقه، وما بات يمشي إلا عند المعتوهين من الناس، أو المأجورين منهم والضالين.
يقول ذلك وكأنه يعيش في زمان غير الزمان، ومكان غير المكان، لم تتناهَ إلى سمعه أنباءُ الثورات العربية العظيمة، تنادى بها أحرار لم يعودوا يُطيقون ما تمارسه في حقهم أنظمتهم من ظلم وتهميش وإهانة واحتقار. يقوله وكأنه لم يعلم أننا بتنا نعيش في القرن الحادي والعشرين، نلتفت حولنا فلا نرى إلا أممًا قد تحررت من قبضة جلاديها، وشعوبًا فرضت أنفسها على حاكميها، تُثَبِّتُ منهم من تشاء وتنزِع الملك ممن تشاء، بما توصلت إليه من أنظمة ديمقراطية تُسمع فيها أصوات الشعوب، وتُخشى صولة الرعايا، ويُحسب حساب الجماهير، فما بالنا نحن نقبل بأن يحكمنا فردٌ واحد ثلاثين عامًا أو أربعين؟ فإن انقضى أجله ورّثنا لابنه أو أخيه وكأن البلد بأكمله قد تحوّل إلى مزرعة خاصة له ولسلالته؟
إن هذه المواقف هي التي تبين معادن الرجال، وبها يعرف الصادق من الكاذب، والعالم الرباني من عالم السلطان، الذي يخشاه أكثر من خشية الله، ولقد أوقفتنا الثورة السورية التي نرجو لها النجاح والفلاح على معدن بعض الناس، وعرفتنا بمبلغ علمهم، بل بمبلغ جهلهم، لأنهم لم يفهموا سنن الاجتماع، ولا قوانين التغيير، ولا عرفوا أن الظلم مؤذن بزوال الدول، وخراب العمران، لم يعرفوا أن الشعوب أبقى من الطواغيت، والضحايا أقوى من الجلادين.
كنت أتمنى لو أن من فتح قلبه للرئيس السوري الراحل يسمع شكواه وتألمه لرحيل ابنه إذ رحل، ويبدي في ذلك من آيات التعاطف والتأثر ما لا مزيد عليه، أن يسمع تأوُّهات آلاف الثكالى، وأنين الجرحى والمصابين، وصرخات السجناء المعذبين، زُجََّ بهم في غياهب السجون ظلمًا وعدوانًا، واختفت آثارهم عن كل ذي سمع وبصر من العالمين.
كنت أتمنى لو أن من وقف يطالب الأحرار بالعودة إلى بيوتهم، ويلقي عليهم دروسًا في الحوار الحضاري رأى ولو لمرة واحدة صلف هذا النظام المجرم، وغطرسته وتكبره، ورفضه القاطع لأي نوع من الحوار، ليبقى يحكم إلى أبد الآبدين، وكأن الله سبحانه وتعالى اختاره واصطفاه على العالمين.
أحسب أن الشيخ لم يسمع بقانون الإدارة القائل إن الأشياء تأبى أن تُساء إدارتُها طويلًا، ناهيك بالأحياء، أم أنه لا يعتبر أهل سوريا من الأحياء؟ أو أنهم حتى دون الجماد؟ إن من خرج أيها الشيخ هو الشعب، الشعب بجميع طيوفه، الشعب الذي أُكلت حقوقه، وديست كرامته، وأسيئت إدارته، وسيم على الأيام الخسف والهوان، الشعب الذي لم يبق له شيء يخشى أن يفقده إلا نفسه، فخرج يحملها على أكفه غير مبال بقمع الطغاة، ولا إرهاب المجرمين، هذا هو الشعب الذي خرج، لا من ينتعلون المساجد، وبيوت الله، الذين تخشى أن ينزل بهم الغضب الإلهي، وتحل بهم لعنة السماء.
اطمئن يا سيدي، فلو كان غضب الله نازلًا فسينزل بالجلاد لا بالضحية، سينزل بالقاتل السفاح لا بالقتيل مضرجًا بدمائه! سينزل بمن حاصر المدن وجوّع أهلها، ومنع عن أطفالها الماء والغذاء والكهرباء، سينزل بمن استباح المساجد، وانتهك المحارم، واعتدى على الناس بالبغي والعدوان، وأخرج الجيش يقتل أبناءَ شعبه عوض أن يوجهه إلى الجولان لتحريره من الاحتلال الاسرائيلي، فمن أبى منه كان مصيره الموت الزؤام، شنشنةٌ أعرفها من أخزم، وما أشبه اليوم بالبارحة.
لا تقل لنا إن قطار الإصلاح بدأ بالمسير، ولا تقل لنا إن الإصلاح لا يتم في الشوارع، فقد عرفت الأمة طريقها إلى الإصلاح، وإلا أفما كان نصف قرن من الزمان كافيًا للإصلاح؟ أم أنك لا ترى السجون غاصّة بالشرفاء؟ قضوا في غياهبها أعمارهم؟ وذاقوا فيها أبشع أنواع العذاب والتنكيل؟ بعد أن لُفّقت لهم التهمُ الجاهزة، وانتزعت منهم الاعترافات المكتوبة.
صحيح يا سيدي أن "درء المفاسد مقدم على جلب المنافع"، لكن ليت شعري هلا سألت نفسك أين هي المفسدة الكبرى؟ أفي خروج هؤلاء الأحرار يطالبون بأبسط حقوقهم المشروعة، وهي الحرية التي يطلبها الحيوان الأعجم فتمتد إليهم يد الغدر والدناءة لتمعن فيهم قتلًا وتذبيحًا؟ هل المفسدة أن يُقتل المرء دون حريته وكرامته التي صادرها المجرمون واستباحها السفاحون؟
إن المفسدة الكبرى أن يبقى هذا النظام الفاسد يحكم سوريا الإباء، لأنه لم يعد مؤتمنًا على شعبها البطل، بل متى كان كذلك؟ أيوم سفك دماء عشرات الآلاف وأباد مدينة في غداة واحدة؟ المفسدة الكبرى أن تظل أجهزة الرعب والإرهاب تصول في البلد وتجول، من غير حسيب ولا رقيب، تعيث الفساد وتروِّع العباد، المفسدة الكبرى أن يبقى حِمى البلاد مستباحًا، وشعبها ذليلًا، وثرواتها منهوبة.
نقول هذا طمعًا أن يغير الشيخ موقفه، ويراجع نفسه، فالحقّ أحق أن يُتَّبَع، والتاريخ لا يرحم، فليقل كلمة حق يحقنُ بها دماء المسلمين، أو يبرئ ذمته أمام التاريخ، ويعين من كان في قلبه ذرة من خير من أبناء النظام على أن يخرج عليه، ويقف في صف الحق المبين. نقول هذا للشيخ لأننا نظن أن رحِمَ العلم ما زالت بيننا قائمة، فوجب علينا التذكير، وإلا فإن ثمة من أصحاب العمائم الكبيرة التي تدور مع السلطان حيث دار من لا يستحق منا الرد على كلامه، ولا الوقوف عند خزعبلاته، عمائم استمرأت الكذب ومردت على النفاق، وتشبَّعت بما لم تعطه، فصاحبها كلابس ثوبَي زور، يسعى في الناس بالإفك والبهتان.
أزعم أنني أعرف إخواننا السوريين حق المعرفة، فقد عايشتهم على اختلاف طبقاتهم ومشاربهم نحوًا من عشرين سنة، ورأيت فيهم خيرًا كثيرًا، وسماحة وكرمًا. عرفت السوريين وخالطتهم وأحببتهم، وأتمنى أن يعجل الله بفرجهم، وأن يكتب لثورتهم النصر والفلاح والتمكين.
* بقلم: أكرم علي حمدان
"الشبكة العربية العالمية"
* إن هذه المواقف هي التي تبين معادن الرجال، وبها يعرف الصادق من الكاذب، والعالم الرباني من عالم السلطان، الذي يخشاه أكثر من خشية الله، ولقد أوقفتنا الثورة السورية التي نرجو لها النجاح والفلاح على معدن بعض الناس، وعرفتنا بمبلغ علمهم، بل بمبلغ جهلهم، لأنهم لم يفهموا سنن الاجتماع، ولا قوانين التغيير، ولا عرفوا أن الظلم مؤذن بزوال الدول، وخراب العمران، لم يعرفوا أن الشعوب أبقى من الطواغيت، والضحايا أقوى من الجلادين.
* إن المفسدة الكبرى أن يبقى هذا النظام الفاسد يحكم سوريا الإباء، لأنه لم يعد مؤتمنًا على شعبها البطل، بل متى كان كذلك؟ أيوم سفك دماء عشرات الآلاف وأباد مدينة في غداة واحدة؟ المفسدة الكبرى أن تظل أجهزة الرعب والإرهاب تصول في البلد وتجول، من غير حسيب ولا رقيب، تعيث الفساد وتروِّع العباد، المفسدة الكبرى أن يبقى حِمى البلاد مستباحًا، وشعبها ذليلًا، وثرواتها منهوبة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.