المحكمة الدستورية: الأمين العام الجديد يؤدي اليمين القانونية أمام رئيسة المحكمة    مجلس الأمة يدين بشدة الاعتداء الصهيوني الغادر على دولة قطر    المجلس الشعبي الوطني يدين العدوان الصهيوني على قطر ويدعو إلى تحرك دولي عاجل    المعرض الإفريقي للتجارة البينية: التوقيع على اتفاق تعاون جزائري-تونسي في مجال الطباعة وصناعة الورق    التجارة البينية الإفريقية بالجزائر العاصمة: تواصل الأشغال لليوم السابع و الأخير    وفد من وزارة تسيير الطوارئ لجمهورية الصين الشعبية في زيارة للجزائر    تواصل سقوط أمطار رعدية على عدد من ولايات شرق الوطن    معرض التجارة البينية الإفريقية: طبعة تاريخية تجاوزت كل التوقعات    مؤتمر ومعرض غازتك: حشيشي يؤكد دور الغاز في الحفاظ على توازن أسواق الطاقة    ما يجري في غزة "جريمة حرب مكتملة الأركان وإرهابا منظما"    الجزائر تدين الهجوم الجبان للكيان الصهيوني على الدوحة    خبراء الأمم المتحدة يتضامنون مع أسطول الصمود العالمي    الحدث فرصة استثنائية لرؤية إفريقيا مجتمعة في مكان واحد    إعادة هيكلة مواد ومواقيت ابتداء من هذا الموسم    الجزائر تواصل تكريس موقعها كفاعل أساسي في القارة    مجلس التعاون الخليجي يؤكد وقوفه "صفا واحدا" مع قطر ضد العدوان الصهيوني    حملات تضليلية تستهدف تشويه سمعة بلادنا    ورشات تكوينية حول المزارع الذكية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي    ماكرون وحيدا في مواجهة غضب الشارع اليوم    بحث التعاون الجزائري-النيجيري في قطاع الفلاحة    هذا آخر أجل للفلاحين والموّالين لتسديد اشتراكاتهم لدى "كاسنوس"    74 مداهمة أمنية لأوكار الجريمة    هلاك شخص وجريحان ببئر الجير    الإطاحة بعصابة تروج المهلوسات    بريد الجزائر يحذّر زبائنه من المكالمات الاحتيالية    شراكة جزائرية- نيجيرية في مجال الأدوية ب100 مليون دولار    معرض التجارة البينية الإفريقية: عرض فيلم "لومومبا" رمز المقاومة و التحرر الإفريقي بسينماتيك العاصمة    دعا إلى توحيد المواقف لفضح ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في غزة..بوغالي يرافع لجعل الاتحاد البرلماني العربي منصة للتكامل العربي    زهير بللو:الجزائر تزخر بتراث عالمي متنوع يشهد على غنى تاريخها    أشرف على افتتاح المعرض الفني الختامي للإقامة الإفريقية "حوار وإبداع إفريقي".. بللو: الجزائر تسعى لتكون مركزا جامعا لحماية الثقافة والتراث الإفريقي    مشاركة المحافظة السامية للأمازيغية في معرض الجزائر الدولي للكتاب..تقديم 16 كتابا جديدا ويوم دراسي حول المسائل اللغوية الحالية    المسرح الجهوي لبجاية: عرض شرفي لمسرحية جديدة حول غزة يوم 27 سبتمبر    جمباز: الجزائرية كيليا نمور تشارك في ثلاث محطات كبرى في نهاية 2025    قطاعنا مؤهل لوضع تجربته الرائدة في خدمة الدول الإفريقية    توقيع اتفاقية ثنائية بين الجزائر وأوغندا    درّاج جزائري يتألق في تونس    التأهّل إلى المونديال يتأجّل    توقيع عقود تتجاوز 300 مليون دولار    حجز مُحرّكات بغرداية    سعداوي يؤكد أهمية تحيين البرامج التعليمية والتكوينية    فتح 6770 منصب في التكوين المهني بخنشلة    تصفيات كأس العالم 2026: الجزائر تتعادل أمام غينيا (0-0)    التأهل إلى المونديال يتأجل وبيتكوفيتش يثير الحيرة    الفريق أول شنقريحة يعزّي في استشهاد العريف الأول المتعاقد عماري سيف الدين    إبراز القيم الإنسانية والفكرية للأمير عبد القادر    بطولة إفريقيا للأمم لكرة اليد أقل من 19 سنة إناث: الجزائر تفوز على مالي (39-16) وتحقق انتصارها الثاني    قطاع الصيدلة سيشهد توقيع عقود بقيمة 400 مليون دولار    تجسيد برنامج تمويل المشاريع الموجّهة للشباب    الوفد الجزائري لألعاب القوى يحلّ بطوكيو    عقود ب400 مليون دولار في الصناعات الصيدلانية    قصة ثمرة صغيرة صنعت هوية مدينة    هذه دعوة النبي الكريم لأمته في كل صلاة    شراكة بين "صيدال" وشركة "أب في" الأمريكية    الإعلان عن قائمة الوكالات المؤهلة    الإسلام منح المرأة حقوقا وكرامة لم يمنحها أي قانونعبر التاريخ    المولد النبوي يوم الجمعة    يوم الجمعة الموافق ل 5 سبتمبر القادم    ذكرى المولد النبوي الشريف ستكون يوم الجمعة الموافق ل 5 سبتمبر القادم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ورشة البحرين الاقتصادية فشلت قبل عقدها
نشر في أخبار اليوم يوم 28 - 05 - 2019


بقلم: سعيد الشهابي
لعلها المرة الاولى في تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي التي ترفع فيها دول عربية عديدة الراية البيضاء بوجه عدو غاشم مع أنها ليست المعنية مباشرة بالصراع وهو التطور السلبي الأكبر منذ النكبة قبل 71 عاما. ومع أن هذا الاستسلام لم يكن متوقعا بهذه السرعة الا انه كان نتيجة عملية تطبيع تواصلت بضع سنوات في الخفاء تارة وفي العلن اخرى. وقد ساهمت ظروف محلية ودولية في توفير مناخ الاستسلام ضمن اطر بعيدة عن المبادئ او الاخلاق او القيم. الاستسلام هذه المرة يتم بشكل قبيح جدا للأسباب التالية:
الاول: انه يمول بأموال النفط الهائلة التي تحتويها خزانات المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية ولم يحدث من قبل ان دفع المستسلمون ضريبة مقابل تنازلهم عن حقوق مشروعة رفعت الشعوب العربية رايتها طوال العقود السبعة الماضية. الهدف من هذه الاموال شراء مواقف اصحاب القضية واجبارهم على قبول الاستسلام الذي ينطوي على التنازل عن وطنهم المحتل لصالح قوات الاحتلال في مقابل استلام تلك الاموال التي قد تبقى وعودا ولا يتم تسليمها للمتنازلين عن ارضهم.
الثاني: ان مراسم الاستسلام تقام على ارض عربية يفترض ان تكون حكومتها شريكة في التضامن مع الشعب المنكوب بالاحتلال وليس مع محتلي ارضه. فالبحرين ليست مضطرة للسماح بعقد ما اطلق عليه ورشة السلام من اجل الازدهار خصوصا ان شعبها يتميز بصلابة موقفه تجاه قضية فلسطين. هذا الشعب هو الذي استقبل الحاج امين الحسيني في 1936 وحمله على الاكتاف تقديرا لفلسطين عندما كان رئيسا للهيئة العربية العليا. هذا الشعب هو الذي رفض سبعون من اعيانه في 1948 دعوة من قبطان مدمرة أمريكية رست في مياه البحرين لحضور حفل على متنها ووقعوا رسالة قالوا فيها انهم يرفضون دعوة من دولة اعترفت ب اسرائيل. وابناء البحرين هم الذين خرجوا في اكتوبر 1956 احتجاجا على العدوان الثلاثي على مصر الذي شاركت فيه كل من بريطانيا وفرنسا بجانب اسرائيل واستولوا على قناة السويس. تلك الاحتجاجات دفعت البريطانيين لانزال قواتهم في شوارع المنامة واعتقلت قادة هيئة الاتحاد الوطني المعارضة ونفوا ثلاثة من قادتها إلى جزيرة سانت هيلانة وسط المحيط الاطلسي. وفي أيلول/سبتمبر 2001 قدم شعب البحرين شهيدهم الشاب محمد جمعة الشاخوري امام السفارة الأمريكية في المنامة خلال احتجاجات ضد قتل الشهيد محمد درة. هذا الشعب نفسه يقف اليوم معارضا باحتجاجاته في الليالي الرمضانية استخدام ارضه لرفع راية الاستسلام التي رفعها التحالف السعودي الاماراتي امام العدو الاسرائيلي.
الثالث: ان الاستسلام لم يأت بسبب قوة العدو او ضعف الجانب العربي بل نتيجة صفقات سياسية وامنية عقدتها انظمة عربية محددة مع اسرائيل برعاية أمريكية وفي ظل ضعف هذه الانظمة سياسيا وامنيا فالإسرائيليون يمرون بحقبة من الضعف والخور غير مسبوقة في تاريخهم. فقد خسروا كافة الحروب التي شنوها في الأعوام الاربعة عشر الاخيرة ضد فصائل المقاومة اللبنانية (ممثلة بحزب الله) والفلسطينية (ممثلة بحركتي حماس والجهاد الاسلامي ومنظمات عديدة اخرى). ويواجهون انقسامات داخلية غير قليلة بالإضافة لتصاعد ما يسمونه معاداة السامية في الغرب بسبب سياسات الحكومة الاسرائيلية واساليب الابتزاز التي تمارسها لخدمة سياسات احتلالها. يعرف الاوروبيون مثلا ان اسرائيل وقوى الضغط التابعة لها في أمريكا ساهمت بشكل مباشر في دفع الرئيس الأمريكي لإلغاء الاتفاق النووي مع ايران وهو الانجاز الاكبر للدبلوماسية الدولية في العقود الاخيرة. فالكيان الاسرائيلي اليوم ليس هو الذي هزم الجيوش العربية في اغلب الحروب منذ النكبة بل فقد الكثير من هيبته بعد بروز حركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية التي ترفض الاعتراف بوجوده. فمن الذي اعطى تحالف قوى الثورة المضادة الذي ينظم لقاء الاستسلام في البحرين حق الغاء الحلم الفلسطيني ودعم اسرائيل غير المحدود او المشروط؟
إن مخططي ما يسمى صفقة القرن يأملون بإقامة منظومة سياسية في الشرق الاوسط أكثر ارتباطا بالولايات المتحدة الامريكية وأقل تحسسا ورفضا للكيان الاسرائيلي وأقل حماسا لتحرير فلسطين او اقامة دولة فلسطينية
الرابع: ان حكومة البحرين لا يحق لها ان تورط الشعب في مبادرات من هذا النوع بدون استشارته او عرض المبادرة على المجالس الصورية التي انشأتها لإسكات المعارضين والجهات الدولية الناقدة لسياساتها. انها بهذه الاساليب تصب الزيت على النار وتعمق حالة الاستقطاب السياسي والفكري في بلد صغير لا يكاد يطعم سكانه. البحرين تعيش ازمة سياسية كبيرة منذ ثمانية اعوام وتعاني من حالة استقطاب حادة مع المواطنين الذين لم يتوقفوا حتى الآن عن الحراك السلمي من اجل تغيير سياسي جوهري. وتمارس هذه الحكومة ابشع اساليب الاضطهاد والتنكيل بمعارضيها في الوقت الذي تعاني فيه من تصدعات في صفوف رموزها كما ظهر مؤخرا من شد وجذب بين القصر الملكي ورئاسة الوزراء بعد قيام رئيس الوزراء بالتواصل مع حكومة قطر. ذلك الاتصال ادى لغضب سعودي واماراتي دفع مسؤولي هذه البلدان لاصدار توضيحات وتأكيدات لسياساتهم تجاه دولة قطر التي رفضت الاستسلام للسعودية التي تسعى لفرض هيمنة مطلقة على المنطقة. حكومة البحرين تعرف ان ردة فعل الشعب ستكون غاضبة جدا ولذلك عمدت لتجريم انتقاد سياساتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وقد اعتقل العديد من البحرانيين بسبب ذلك وسجن بعضهم ثلاث سنوات عقابا لهم.
هذه الحقائق تؤكد امورا عديدة: اولها اصرار الولايات المتحدة على مصادرة القضية الفلسطينية بأي صورة وتوجيه سياستها الخارجية لتحقيق ذلك ثانيها: عجز حكومات دول مجلس التعاون الخليجي عن اداء دور يتناغم مع الادوار القومية والتطلعات التقدمية لدى قطاعات واسعة من ابناء الامة. ثالثا: ان محور المقاومة اصبح موجعا للاستسلاميين الذين يبحثون عن مخارج لسياساتهم بعد ان اثبتت التطورات عدم جدواها. هذه الحقائق تؤكد ان روح المقاومة ما تزال مختزنة في نفوس الكثيرين وان توالي العقود على القضية الام لم يضعف بريقها او يقلل حماس الشعوب العربية تجاهها برغم هيمنة ثقافة الاستسلام لدى العديد من الانظمة العربية وشيخوخة قياداتها وتوسع نفوذ التحالف الانجلو أمريكي في العالم العربي.
التحالف السعودي الاماراتي ضمن محور الثورة المضادة يؤسس موقفه السياسي الجديد على تراجع الارادة الفلسطينية وضعف اجهزتها وألياتها ويرى في هذا الضعف عامل تشجيع لجذب القيادات الفلسطينية نحو صفقة القرن التي ما برحت تفصيلاتها خافية عن الناس. ولكن اتضح الآن من ردود فعل الفلسطينيين انهم ليسوا كذلك. فالسلطة الفلسطينية ترفض مشروع ندوة البحرين وتعتبره خطوة خيانية للقضية. وقال رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتيه أن الفلسطينيين لا يبحثون عن الرفاهية الاقتصادية تحت الاحتلال موضحا أن القيادة الفلسطينية لم تُستشر حول الورشة لا من ناحية المدخلات ولا المخرجات ولا التوصيات ولا حتى الشكل والمضمون. وقال رئيس الوزراء الأزمة المالية التي يعيشها الفلسطينيون نتاج الحرب المالية التي تُشن عليهم بهدف الابتزاز السياسي. إنهم لن يرضخوا لهذا الابتزاز. وأعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وفصائل المقاومة في غزة أنه لا لمقايضة الحقوق بالاستثمارات الاقتصادية ورفضت ورشة البحرين واعتبرتها طعنة في خاصرة الأمة.
الامر الواضح أن مخططي ما يسمى صفقة القرن يأملون بإقامة منظومة سياسية في الشرق الاوسط أكثر ارتباطا بالولايات المتحدة الأمريكية وأقل تحسسا ورفضا للكيان الاسرائيلي وأقل حماسا لتحرير فلسطين او اقامة دولة فلسطينية. ويعلم هؤلاء المخططون ان ذلك لا يمكن تحقيقه الا بالحفاظ على الانظمة السياسية القائمة التي تشعر بشكل دائم بالحاجة للدعم الغربي على صعدان السياسة والأمن. ويفترض ان تلك الصفقة تتضمن ايضا ابقاء المنطقة خارج الاصلاح السياسي او التحول الديمقراطي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.