الرسول الكريم كأنك تراه هذه أبرز صفات النبي صلى الله عليه وسلم سبق في مشيئة الله تعالى أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله إلى الناس كافة فخصَّه بصفات تميَّز بها وكان قمَّة فيها وكانت أمثلة حية تُحتذى ومنها: الكرَم: كان أجودَ الناس وكان أجود من الريح المرسلة. الشجاعة: وكان صلى الله عليه وسلم في شجاعته نموذجًا حيًّا لا يُبارى أودع الله في قلبه أعظم نصيب من الشجاعة في مواطن الخطوب كان إذا اشتدَّ الكرب وحمي الوطيس واستولى الرعب والضيق على الناس كان - صلى الله عليه وسلم - مثابة الأمان للمسلمين وبطلاً يَفوق كل الأبطال وإن مواقفه الخالدة في الحروب وشجاعته النادرة في المعارك وتصرفاته الحكيمة في أحلك المواقف لما يرسم للقادة طريقهم ويضع لهم أسس القيادة المُثلى. قال علي بن أبي طالب رضى الله عنه: إنا كنا إذا حمي البأس واحمرَّت الحدق اتَّقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه . الصِدق: كان صلى الله عليه وسلم أصدق الناس حديثًا عُرف بذلك بين أهله وعشيرته وكلِّ مَن خالطه وبهذا اكتسب ثقة الناس به. وحين أمره الله بالجهر بالدعوة نادى قومه ولما اجتمعوا له قال لهم: يا معشر قريش: أرأيتم إن أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مُصدِّقيَّ؟ قالوا: نعم ما جرَّبنا عليك كذبًا يا بن عبدالله فقال لهم: إني لرسول الله إليكم خاصَّة وإلى الناس كافة فقال أبو لهب: تبًّا لك يا محمد ألهذا جمعتنا؟! فنزل قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَب وَتَبَّ} [المسد:1] . إن مَن يدعي الرسالة فقد ادعى ما لا يمكن للبشرية إدراكه ولو أن محمدًا صلى الله عليه وسلم ادَّعى الرسالة بغير صدق لظهر أمرُه واستبان لمن اتبعه من ذوي العقول الكبيرة شيء مما يُبطل وينقض هذه الدعوى وقد استمر محمد صلى الله عليه وسلم في دعوته نحوًا من ثلاث وعشرين سنة ماضيًا في رسالته ولم يستطع أحد أن يقف على أثر يدلُّه على أن محمدًا غير صادق. وخير دليل على صدقه أن الذين سارعوا إلى تصديقه وسبقوا إلى الإيمان بدعوته هم من لا يكادون يُفارقونه كأبي بكر وغيره. رجاحة العقل: تميز النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم برجاحة عقله وكمال ذَكائه وحِكمة رأيه ليُعدَّه الله بذلك إلى أشرف مقام وهو مقام الرسالة وليفهم به الرسول مقاصد الوحي فيقوم ببيانها ويعرف أمور الجماعة فيُحسن سياستها وقد كان محمد صلى الله عليه وسلم المثلَ الأعلى في ذلك رجحان عقل وثقوب فِكر وقوة بديهة فضلاً عما أفاضه من العلم وقرَّره من الشرع مع أميته ودون علم سابق. يقول الربيع بن خثيم: كان يُتحاكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهليَّة ثم اختصَّ بذلك في الإسلام. التواضع: اتسم النبي صلى الله عليه وسلم بخلق التواضع فتراه صلى الله عليه وسلم متواضعًا في غير تصنُّع يَخدم نفسه يخيط ثوبه وحاله مع المستضعفين يوم بدأ دعوته هو حاله بعد هجرته وبعد فتح مكة وانتصاره على أعدائه وخضوع أهل الشرك له ودخول الناس في دين الله أفواجًا كان يجلس حيث يَنتهي به المجلس ويُعطي كل واحد من جلسائه نصيبًا حتى لا يحسب جليسه أن أحدًا أكرم عليه منه ولا يقطع عن أحد حديثه حتى يتجوَّزه ويُخفِّفه فيقطعه بانتهاء أو قيام وإذا استقبله الرجل فصافحه لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل هو الذي يَصرِف وجهه. قال أنس بن مالك: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقًا وإن كان ليُخالطنا حتى يقول لأخ صغير لي: يا أبا عُمير ما فعل النُّغَير . الزهد: كان النبي صلى الله عليه وسلم زاهدًا في متاع هذه الحياة غير حافل بزينتها وملاذها وحين أقبلت عليه الدنيا بعد فتح مكة لم يتحول عن سيرته في المأكل والمشرب والملبَس وأثاث المنزل. تقول عائشة رضي الله عنها: ما شَبِع آل محمد صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة من طعام بُرّ ثلاث ليال حتى قُبض . وقالت أيضًا: كان فراش النبي صلى الله عليه وسلم مِن أدم حشوه من ليف . توحيد الله: لقد حُبِّب إلى محمد صلى الله عليه وسلم الخلاء فكان يَخلو بغار حراء فيتعبَّد فيه الليالي تاركًا مكة تَنغمِس في الضلال وكان يجد في نفسه ألمًا لما عليه أهل مكة من ضلال وزيغ وعبادة أوثان كان مسلمًا وجهه إلى الله مملوء القلب بالخشيَة وبعد أن نزل عليه الوحي كان موصول الهمَّة بالعبادة لله يقوم بالدعوة ويتقرَّب إلى الله بالذكر والصلاة والصيام وتلاوة القرآن. روى الإمام البخاري عن المغيرة بن شعبة أنه قال: إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليَقوم ليُصلي حتى ترم قدماه فيقال له فيقول: أفلا أكون عبدًا شكورًا؟! . مشاركته في شؤون المجتمع: وقد شارك النبي صلى الله عليه وسلم في شؤون المجتمع الذي عاش فيه وتتطلَّب مشاركته له فقد حضر حرب الفجار ورمى فيها بأسهم وحضر حِلف الفضول وقد قال عنه صلى الله عليه وسلم: ما أحبُّ أن لي بحِلف حضرته في دار ابن جدعان حُمْرَ النَّعَم ولو دُعيت به في الإسلام لأجبتُ وهو حلف الفضول . المرح في حياة النبي: ومن صفات النبي الكريم صلى الله عليه وسلم المرح فقد كان مَرِحًا تحسُّ في روحه الدعابة الحلوة الحانية. كان زيد بن ثابت يعمل مع الصحابة في غزوة الخندق ورأى الرسول صلى الله عليه وسلم همته ونشاطه فقال: أما إنه نِعم الغلام وحدَث أن زيدًا غلبته عيناه فنام في الخندق فأخذ عمارة بن حزم سلاحه منه وهو لا يَشعُر ولما استيقظ زيد ولم يجد سلاحه فزع وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بفزعه فقال له: يا أبا رقاد تلك الدعابة الحلوة تَخرج من في رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في أحرج الظروف. هذا هو بعض خُلقِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأدبه الإلهي الذي أدَّب الله به رسوله قال أبو بكر رضي الله عنه وهو يُحدِّث الرسول صلى الله عليه وسلم: لقد طفتُ العرب وسمعت فصحاءهم فما رأيت ولا سمعت مثلك أحدًا فمَن أدَّبك؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أدَّبني ربي فأحسن تأديبي .