الرئيس الجديد لمجلس الأمة ينوه بالاهتمام الذي يوليه رئيس الجمهورية للمؤسسة البرلمانية    الالعاب المدرسية الافريقية الاولى: اجتماع رؤساء البعثات الرياضية    بيئة: خبراء يؤكدون على الدور المحوري للاقتصاد الدائري في تحقيق التنمية المستدامة    الذكرى ال69 ليوم الطالب: نشاطات متنوعة و عرض ابتكارات لطلاب الجامعات بشرق البلاد    هل نحن على أبواب شرق أوسط جديد؟    أمن المدية يطيح بخمسة أشخاص    البنك الاسلامي للتنمية: الاجتماعات السنوية 2025 تنطلق بالجزائر العاصمة    ما الذي يفعله الزوجان إذا دبّ الخلاف بينهما؟    عادات تتمسك بها العائلات لتوديع الحجاج    كرة القدم (تحكيم/ تكوين):مشاركة 34 مكونا تقنيا و بدنيا في ندوة" فيفا ما"    الأونروا تعلن عن وفاة أكثر من 300 من موظفيها في غزة اثر استهدافهم من جيش الاحتلال الصهيوني    العدوان الصهيوني على غزة: 148 شهيدا في غضون 24 ساعة    رئيس الجمهورية يأمر بالتنسيق التام بين قطاعي السياحة والداخلية لضمان موسم سياحي ناجح    سوق أهراس: تتويج المشاركين في أول مسابقة ولائية لفنون الطبخ والحلويات التقليدية    صالح قوجيل يترأس اجتماعًا تنسيقيًا عشية تنصيب أعضاء مجلس الأمة الجدد ويودّع الغرفة العليا برسالة مؤثرة    ببرنامج فني، علمي وتنافسي.. المهرجان الوطني للموسيقى الأندلسية ينطلق غدا    عكس ثراء وتنوع الطبوع الغنائية الجزائرية..مهرجان الموسيقى والأغنية الحضرية يسدل ستار طبعته ال17    تكريم الفائزين بمسابقة أفضل مطرب هاوي لأغنية الشعبي    المنتدى الجزائري للشمول المالي: إطار قانوني جديد لدعم المؤسسات الناشئة واستعمال الذكاء الاصطناعي    الاستغفار .. سر السكينة ومفتاح الرزق ومغفرة الذنوب    ..لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك    الأذكار المستحبة في العشر الأوائل من ذي الحجة    الرئيس تبون يأمر بمتابعة تنفيذ الشراكات مع سلوفينيا وسلطنة عمان ويؤكد الالتزام بتوصيات الهيئات المالية الدولية    في قداس تنصيب البابا ليون الرابع عشر    إضراب 19 ماي أضفى شرعية سياسية وفكرية على الثورة    إطلاق خدمة الفواتير الإلكترونية    تواصل تنسيق الجهود مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي    فيلم "الطيارة الصفراء"    تعزيز السيادة الوطنية على الثروات الطبيعية يشكل "حجر الزاوية"    وزار التربية تسخر قرابة المليون موظف من قطاع التربية    الطلبة اليوم كما الأمس، "عماد الجزائر بسلاح "العلم والإرادة "    من الضروري تعزيز " قيم المواطنة" كداعم لمواجهة هذه الآفة    وفاة 5 أشخاص وإصابة 167 آخرين    جامعة الجزائر المنتصرة قاطرة أساسية لتنويع الاقتصاد    مكاسب للطلبة وتشجيع للابتكار والمقاولاتية    تسوية وضعية الشباب تجار "الكابة"    منظمة "ايساكوم" تدين استهداف الاحتلال المغربي لكل الأصوات الصحراوية الرافضة للاستعمار    مواصلة النضال من أجل الحرية والاستقلال    بلمهدي في قدّاس تنصيب البابا    الرئيس يُهنّئ بن عكنون والرويسات    الشبيبة تسقط أمام الساورة    رئيس الجمهورية يأمر باتخاذ تدابير جديدة لتنظيم قطاع انتاج السكر    تمويلات ب3 ملايير دولار للجزائر خلال الثلاث سنوات المقبلة    "لوجيستيكال 2025" منصّة لدعم التكامل بين المتعاملين    تواصل قدوم الحجاج الجزائريين إلى مطار جدة وتسهيلات لضمان انتقال سلس إلى مكة المكرمة    مواقف جديدة للحافلات ومحطة حضرية في الأفق    فتح 38 نقطة لبيع المواشي المحلية بالعاصمة    إعلان الحي التطوري بأولاد رحمون منطقة موبوءة    القوانين والأنظمة التعويضية لمهنيي القطاع : وزارة الصحة تستلم اقتراحات النقابات    أيام البيبان السينمائية: فيلم "الطيارة الصفراء" للمخرجة هاجر سباطة يفوز بجائزة "البلارج الذهبي"    تنس الطاولة/ بطولة العالم 2025: تأهل الثنائيان الجزائريان للزوجي المختلط والزوجي ذكور إلى الدور ال32    المهرجان الوطني للموسيقى والأغنية الحضرية بعنابة : الفنان التونسي محمد الجبالي يطرب الجمهور    مشاركون يُثمّنون التجربة    عهد جديد من الهيمنة بوجه ألماني هادئ وحادّ    الترجي التونسي يسعى لضم بن زية من أجل المونديال    أخبار سارة بخصوص عودة قندوسي القريبة للملاعب    تأهيل الوكالات على مرحلتين والتقيّد بالمرجعية الدينية الوطنية    الحجاج الجزائريون في مزارات المدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل نحن على أبواب شرق أوسط جديد؟
نشر في أخبار اليوم يوم 19 - 05 - 2025


بقلم: عبد الحميد صيام
كأننا نعيش عالما من الخيال فما كان غير متخيل قبل بضعة أشهر نراه اليوم حقائق أمام عيوننا. فمن كان يعتقد أن أبومحمد الجولاني الذي وضعت الولايات المتحدة عشرة ملايين على رأسه حيا أو ميتا يلتقي برئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب الذي أعلن أمام قاعة مكتظة رفع العقوبات عن سوريا فقابله الحضور بالتصفيق والوقوف لدقائق معجبين بهذه الخطوة الجريئة حيث انتقلت مشاعر البهجة إلى المدن السورية التي عانت من الحصار الطويل والقاسي والشامل.
من كان يعتقد أن الرئيس الأمريكي يعقد صفقة مع الحوثيين لوقف القتال تُستثنى منه إسرائيل وتستمر صواريخ أنصار الله الفرط صوتية تنهمر على مطار اللد وتغلقه أمام الملاحة الجوية دون أن يثير ذلك ردود فعل قاسية من حليفة الكيان الأساسية التي موّلت حرب الإبادة وقدمت له كل أنواع الأسلحة والذخائر والمعلومات الاستخباراتية.
من كان يعتقد أن في المئة يوم الأولى تفتح إدارة ترامب مفاوضات مع إيران عن طريق عُمان حول برنامجها النووي. والأكثر من هذا وذاك من كان يتخيل أن الرئيس الأمريكي الذي حدد مهلة لحركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية لإطلاق جميع الرهائن دون قيد أو شرط وإلا فلينتظروا فتح أبواب جهنم عاد وفتح قنوات اتصال مباشرة مع حركة حماس وتوصل معهم إلى صفقة (لا نعرف تفاصيلها) تضمنت إطلاق سراح الجندي مزدوج الجنسية عيدان الكسندر دون قيد أو شرط ثم تستمر الاتصالات التي قد تسفر عن وقف إطلاق نار في غزة وإدخال المساعدات الإنسانية.
*ثمن وقف الحرب على غزة
هذه التطورات والمفاجآت لم تشمل فقط منطقة الشرق الأوسط بل شملت العالم من شرقه إلى غربه. وأهم تلك التطورات السعي الجاد لإيقاف الحرب الروسية الأوكرانية والضغط على الحليف زيلينسكي لتقديم تنازلات خاصة التوقف عن الحديث عن شبه جزيرة القرم التي أصلا تعود ملكيتها إلى روسيا. ومن التطورات الكبرى التخلي عن الورقة الكردية وتمكين تركيا من إقفال ملف الصراع الطويل مع الأكراد خاصة مع حزب العمال الكردستاني. وقد توافقت الآراء بين العراق وتركيا على هذا الملف ووقع الطرفان اتفاقية شاملة يوم 13 مارس 2025.
ومن التطورات الغريبة أن يستنجد نارانردا مودي بترامب ليتوسط له مع رئيس وزراء باكستان لوقف إطلاق النار بعد الإذلال الذي تعرض له ليلة السبت الماضي في المعركة الجوية الحاسمة التي خسرت الهند فيها خمس طائرات وتم تدمير مواقع الصواريخ ومعسكرات إطلاق الطائرات المسيرة. وبالفعل توقفت الحرب فورا. والأهم من هذا وذاك هو التهدئة مع الصين ولو مؤقتا فبعد رفع التعريفات الجمركية لمستويات خيالية ضد الصين تراجع وجلس وفدان من البلدين في جنيف ليدرسا إمكانية السيطرة على المواجهات التجارية ولتخفيض التعريفات الجمركية من 126 في المئة و200 في المئة على السيارات و60 في المئة على العديد من المستوردات إلى 10 في المئة. تراجع ترامب كثيرا عن مواقفه الرعناء المتعلقة بالمسكيك وكندا وغرينلاند وبنما وغيرها. لكن يجب أن نبقى حذرين فالرجل ما بين غمضة عين والتفاتها يبدل مواقفه دون أي تردد أو خجل أو خوف. كل هذه الإجراءات التي اتخذها ترامب قبل أن يكمل شهوره الأربعة الأولى. فما بالك ببقية ال 44 شهرا المقبلة؟
*زيارة دول الخليج
كانت أولى زياراته في دورته الأولى دول الخليج واختار المنطقة نفسها لأولى زياراته خارج الولايات المتحدة. في المرة الأولى كانت أساسا زيارة تجريف أموال انتقل من الرياض إلى إسرائيل ووضع القلنسوة على رأسه وذهب لأداء الزيارة المطلوبة والمفروضة على كل الزعماء. كانت السعودية آنذاك في وضع صعب والصراع على ولاية العهد كانت ما زالت قائمة واعتقال أغنياء العائلة كانت مستمرة ووضع المرأة في السعودية كان مثار نقد عالمي. الخلافات بين دول الخليج وقطر كانت على وشك الانفجار ولم ينضم الشيح تميم لدول الخليج الأخرى في تقديم المليارات لترامب آثر أن يتعامل معه مباشرة دون المرور بالمحطة السعودية.
التوتر بين السعودية وإيران كان في أوجه وعلاقات السعودية مع الصين وروسيا كانت غير مستقرة. أما الحرب في اليمن التي دخلتها السعودية منذ عام 2015 استقرت نوعا ما بعد قبول الطرفين وقف إطلاق النار لأكثر منذ سنتين وأصبحت المفاوضات بين الطرفين في عُمان تتقدم ولو ببطء.
إذن الأوضاع الآن تغيرت ولصالح السعودية. علاقتها مع إيران جيدة ومع الصين وروسيا. وانضمت إلى مجموعة بريكس وطويت صفحة مقتل خاشقجي وانتهى دور الشرطة الدينية وأعطيت المرأة الكثير من الحقوق. ما تريده السعودية دعما أمريكيا في مجال الطاقة الجديدة والذكاء الصناعي والقوة العسكرية والأهم من هذا وذاك ما تريده السعودية بدعم قطري اختراق على الجبهتين الفلسطينية خاصة في حرب الإبادة وعلى الجبهة السورية في رفع العقوبات لإعطاء البلاد فرصة للنهوض. وهذا ما يرى محمد بن سلمان أنه قادر على تحقيقه من زيارة ترامب وإذا كان الثمن صرة كبيرة من المال فلا بأس في ذلك. بالنسبة لسوريا فهي بلد في عين العاصفة. اضطرابات داخلية واختراقات إسرائيلية متواصلة واقتصاد على وشك الانهيار وعقوبات قاسية عطلت كل أنواع التعافي وعلى مستويات شعبية كذلك. هناك دولة خليجية مدعومة من الكيان الصهيوني تشد سوريا نحو التطبيع العلني مع الكيان الصهيوني. تركيا الدولة الأكثر تأثيرا في سوريا والأكثر تداخلا في الشأن السوري منذ 2011 تريد لسوريا أن تقلد النموذج التركي وأن تدخل في اتفاقيات شاملة مع تركيا تشمل الاقتصاد والأمن والطاقة. قطر تدعم هذا التوجه دون الإصرار على قضية التطبيع بيضة القبان بين المحورين هي السعودية. لا عجب إن كانت أول زيارة للشرع خارج سوريا للسعودية وقد أخذت السعودية كما يبدو على عاتقها دعم سوريا وإبعادها أكثر عن المحور الإيراني. وبهذه الصفقة التي حققتها مع ترامب لصالح سوريا تكون القيادة السورية قد ربطت موقفها بموقف السعودية من قضية التطبيع ونعتقد أن نظام الشرع لن يطبع مع إسرائيل إلا إذا كانت السعودية تقود صف المطبعين الجدد.
التطبيع السعودي مع الكيان الصهيوني قد لا يأتي في أول الطريق بل في آخرها فمقابل الصفقات الخيالية والهدايا غير المسبوقة من دول الخليج لترامب قد يكون ثمنا لوقف الحرب على غزة والانتقال إلى خطوة الاعتراف بالدولة الفلسطينية والتوجه نحو تجسيدها. وهذا ما يفسر الحنق الذي أظهره نتنياهو خاصة بعد أن أعلن رسميا أن هناك مفاوضات بين الولايات المتحدة وحركة حماس. هل هذا السيناريو مؤكد؟ بالطبع لا. لكنه المدخل إلى جائزة نوبل للسلام التي تحتل جزءا من تفكير ترامب. والأكيد أن البوابة المزدوجة لتلك الجائزة تقع في كييف وغزة. فإذا أوقف النزيف الإنساني غير المسبوق في غزة وأوقف الحرب الروسية الأوكرانية وربما بمساعدة من أردوغان فلا شك أن ترامب سيتوج مسيرته الدبلوماسية بالجائزة.
نحن لا نثق في ترامب لكننا نعتبره صاحب القرارات الشجاعة والآنية وغير المتوقعة والتي تمجده شخصيا غضب من غضب ورضي من رضي. لكننا نخشى أن تعود حليمة إلى عادتها القديمة بعد الخروج من منطقة الخليج فيعود إلى عشقه الأبدي للكيان الصهيوني بعد أن جرّف أموال العرب. وسنرى في أي اتجاه يسير: شريك في الإبادة كسلفه الأهوج بايدن؟ أم هندسة شرق أوسط جديد قائم على السلم والازدهار والتعاون وإغلاق ملف القتل الجماعي والتدمير والأبرثهايد. ستبدي لنا الأيام المقبلة ما نجهله الآن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.