تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة: ضمانات صندوق ضمان قروض الاستثمار تجاوزت 35 مليار دج في 2024    بطولة العالم للكرة الطائرة لأقل من 21 سنة اناث /المجموعة الثالثة/: الوضعية بعد إجراء مباريات الجولة الرابعة    انطلاق سهرات المهرجان الثقافي الوطني للموسيقى الحالية بقالمة    القضاء على إرهابيين بالحدود الجنوبية الشرقية للبلاد    فرصة لإبراز التجربة الجزائرية في مجال المساعدة الإنسانية    مشروع استراتيجي واعد ولحظة مفصلية في مسار القارة"    القرار الصهيوني الاخير بشأن غزة يهدد بشعل فصل مروع من الصراع الصهيوني الفلسطيني    برلين تحتضن فعالية إعلامية للتعريف بكفاح الشعب الصحراوي    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني    العدوان الصهيوني على غزة: التقاعس والصمت عما يحدث في القطاع يعد تواطؤا    أمن واستقرار الصومال من أمن القارة الإفريقية برمتها    تصفيات مونديال كرة القدم سيدات 2026 (أقل من 20 عاما): المنتخب الجزائري يجري تربصا تحضيريا بسيدي موسى    وفاة 6 أشخاص وإصابة 298 آخرين    وهران: ترقب دخول 51 مطعما مدرسيا جديدا حيز الخدمة في الموسم الدراسي المقبل    ضرورة خدمة المواطن وتعزيز تماسك النسيج الاجتماعي الوطني    عبدي علي يزور جامع الجزائر    مسح وطني لنفقات الجزائريين    هذا سبب استبعاد بلايلي    خليف: أمرّ بفترة صعبة    الخضر يستعدون..    فرنسا مُهدّدة بخسارة شريك استراتيجي    انتهاك جديد لحقوق الشعب الصحراوي    وزارة التضامن تُحضّر للدخول الاجتماعي    والي بجاية يأمر بإعادة تصنيف الأوعية العقارية    مخاطر على العين بأثمان بخسة    دعوة للاستلهام من تجربة فريق جبهة التحرير في المقاومة    أدوات النقّاد ترصد كتابات أهل القلم    معرض إسطنبول للكتاب العربي بتركيا: مشاركة مميّزة للجزائر    تنسيق القطاعات أثمر نجاح عمليات نقل الحجاج    سيدي بلعباس: اختتام فعاليات الطبعة الرابعة عشرة للمهرجان الثقافي الوطني لأغنية الراي    تدشين المقر الجديد لسفارة جمهورية الصومال بالجزائر    وجهة سياحية جديدة للمصطافين بوهران    مهندسون زراعيون يتحكمون في الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتطورة    غزة تواجه الجحيم بين أيدي احتلال يهدّد الأمن الدولي    ألوان جريئة وإطلالات مميزة هذا الصيف    آباء يطالبون بحقهم في رعاية المولود    الدوري القطري يخطف أفضل مهاجمي البطولة الوطنية    زرقان يخلف عمورة بامتياز في نادي سانت جيلواز    جاهز لرفع التحدي مع نادي بغداد العراقي    الدبلوماسي العربي لطرش محافظ لمعرض التجارة البينية الإفريقية    صدور معجم علم النبات والعلوم المتصلة به    رهان على النصوص الدرامية    رحلة الحنين من تونس إلى الجزائر    خلية إنصات للردّ على استفسارات حاملي البكالوريا الجدد    مناقشة الانشغالات المهنية الخاصة بنشاط الصيدلي    القبض على مروّج "بريغابالين"    صناعة صيدلانية: السيد قويدري يستقبل وفدا عن النقابة الوطنية للصيادلة الخواص    زينب بنت جحش .. أم المساكين    فتاوى : شروط صحة البيع عن طريق الإنترنت    بنك التنمية المحلية: ارتفاع الناتج الصافي ب 31 بالمائة الى نحو 23 مليار دج في سنة 2024    المهرجان الثقافي الوطني لأغنية الراي: معرض للفن التشكيلي تخليدا لأعمال الفنان الراحل احمد زرقي    ندوة تحضيرية لمخيّم صناع المحتوى    شحذ الهمم وتقوية العزائم    اتفاقية شراكة بين صيدال ومدار    بقرار من رئيس الجمهورية.. الجزائر تعزز أمنها الصحي في التداوي بالخلايا الجذعية    فتاوى : تكفير المصائب للسيئات يشمل الطائع والعاصي    هكذا اجتمعت هذه الصفات في شخص النبي الكريم    وَمَنْ أحسن قولاً ممن دعا إلى الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوايا اعتراف بعنوان التغطية على الجريمة
نشر في أخبار اليوم يوم 11 - 08 - 2025


المسرح الاستعماري:
نوايا اعتراف بعنوان التغطية على الجريمة
بقلم: لطفي العبيدي
إبادة المدنيين عمدا وعن سابق تصوّر وتخطيط وتصميم هي في العقيدة والممارسة الصهيونيتين مسألة ثابتة ويراها العالم بوضوح منذ ما يقارب عامين دون أن يحرّك ساكنا. تمّ حصار مئات الآلاف في ما يُسمّى مدنا إنسانية وهي في واقع الأمر معسكرات قتل يومية ومراكز اعتقال جماعي بغطاء إنساني. مقايضة حقيرة ضمن مسار التجويع يتم على مشارف رفح الحدودية مع جمهورية مصر العربية. السيطرة الأمنية على مناطق واسعة من قطاع غزة وإنشاء مناطق عازلة عسكرية تُفرغ القطاع من سكّانه هو المخطط الأساسي الذي عملت عليه إسرائيل. وهي إلى جانب الإدارة الأمريكية تعملان على إفشال أي اتفاق لا يخدم أهداف التهجير والإخضاع.
وبعد كل هذا يصرّح نتنياهو بأنّ حماس تمارس التجويع الممنهج ضد الرهائن . الكيان الصهيونيّ الذي يجوّع أهلنا في غزة ويقتلهم ويشرّدهم من بيوتهم المهدّمة بفعل القصف الهمجي يتمكّن من ممارسة أفعاله بوحشيّة قصوى بفضل الدعم الأمريكي القوي ومشاركته في التعذيب الساديّ والجبان لشعب مسجون لا إمكان لديه للهرب فيما يُقصف بأكثر إنتاجات التكنولوجيا العسكرية الأمريكية تطوّرا إلى أن يتحوّل إلى غبار.
هذه التكنولوجيا تُستخدم على نحو ينتهك القانون الدولي بل القانون الأمريكي بيد أنّ ذلك يُعدّ مجرّد أمر تقنيّ للدول التي أعلنت نفسها خارجة على القانون. تماما مثلما يفعل اليوم مجلس حرب الكيان المستعمر المحتلّ الذي لا يبرّر جرائمه ومحارقه في غزة فحسب بل يجاهر بجنونه باسم مصلحة الكيان الصهيوني المهدّد وجوديا . يُشكّل إنزال الألم بالمدنيين لغايات سياسية مذهبا قديم العهد من إرهاب الدولة بل إنه في الواقع مبدأه التوجيهي حسب تشومسكي الذي طالما حرص على كشف نوازع الإبادة في العقل والممارسة الصهيونيين. الإسرائيليين يتبنّون ضمنا المنظور التقليدي للذين يحتكرون عمليا وسائل العنف. عبّروا بوضوح تام عن همجيتهم وشهوة القتل لديهم: يمكن لقبضتنا المدرّعة أن تسحق أيّ معارضة وإذا سقط بنتيجة هجومنا المسعور كثير من الضحايا المدنيين يكون ذلك للأفضل. قد يتمّ بذلك تلقين من بقي درسا مناسبا . ما أطلق عليه المؤرّخ الإسرائيلي المعادي للصهيونية إيلان بابيه ساحات المذابح هي متواصلة وممتدة حتى الآن في غزة وكامل فلسطين المحتلة. وكل ذلك نتيجة لتبنّي أيديولوجية التطهير العِرقي منذ 1948 بوصفها الأداة الرئيسية لتحقيق حلم إقامة دولة يهودية ديمقراطية وآمنة أدّى ذلك إلى احتلال قطاع غزة في 1967 الذي استمرّ حتى 2005 تاريخ الانسحاب الإسرائيلي المزعوم. وقد أحيط قطاع غزة في 1994 بسياج كهربائي كجزء من الاستعدادات للسلام مع الفلسطينيين وتحوّل إلى فيتو في 2000 عندما أُعلنت وفاة عملية السلام. وواجه قرار شعب غزة مقاومة هذا الإقفال بالوسائل العنفية وغير العنفية النخبة العسكرية والسياسية الإسرائيلية بمعضلة جديدة. فقد افترضوا أن الإقفال على الغزّاويين في سجن كبير سيُسوّي المشكلة لفترة طويلة لكن تبيّن أن ذلك خاطئ. ولذا أخذوا يبحثون عن استراتيجية جديدة. فهذا النظام لا يكتفي بالاحتلال العسكري بل يُحكم السيطرة عبر بنية قانونية وأمنية تعمل على إقصاء الفلسطينيين وتفريغ الأرض من سكانها الأصليين وفرض هيمنة عرقية تتجاوز ممارسات الاحتلال التقليدي.
*تحويل المأساة الفلسطينية من قضية استعمارية إلى أزمة إنسانية
تُمارَس القوّة لتكريس الهيمنة الاستيطانية وتُشيطَن المقاومة في خطاب دولي غير متوازن يتجاهل كل الهياكل الأممية والمنظمات الحقوقية. على غرار هيومن رايتس ووتش و منظمة العفو الدولية التي وصفت السياسات الإسرائيلية بأنها ترقى إلى جريمة فصل عنصري وفقا لتعريف الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الأبارتهايد لعام 1973 ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. ما قاله داعية السلام يوري أفنيري حول عدوان الرصاص المصبوب في ديسمبر 2008 ينطبق على حرب الإبادة المتواصلة على المدنيين في غزة اليوم: إن ما سينطبع في أذهان العالم في أعقاب الانتصار العسكري الإسرائيلي هو صورة إسرائيل بوصفها مسخا ملطّخا بالدماء . على استعداد في أي لحظة لارتكاب جرائم حرب وغير مستعدة للالتزام بأيّ ضوابط أخلاقية. فهذه الحرب هي في النهاية جريمة ضد ذواتنا أيضا جريمة ضد دولة إسرائيل . في الأثناء الدفع باتجاه حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على أن تكون منزوعة السلاح هي نوايا معلنة للحشد الدولي الواسع الذي تم في نيويورك. هذا الحشد مهم معنويا خاصة أنّه ضم عددا من الدول الأوروبية والحلفاء التقليديين الداعمين لإسرائيل. وعبّر عن رفضه العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة وفكرة التهجير القسري. ودعا المجتمعون إلى إيقاف الحرب وإدخال المساعدات ووقف المجاعة والهجمات على المدنيين وطالبوا بإعادة الإعمار. على أن يتم نزع سلاح حماس وتقديم مشروع لهيكلية أمنية جديدة لإدارة القطاع تناسبا مع ما يريده نتنياهو وربما يريد أكثر من نزع السلاح والقضاء على المقاومة. فطبيعة المشروع الصهيوني الاستعماري الذي يقوده تجعله يسعى ليس فقط إلى إخضاع السكان الأصليين بل إلى إحلال المستوطنين مكانهم عبر التهجير القسري التجويع الحصار وتفكيك البنية المجتمعية والاقتصادية للفلسطينيين.
ما يجري في غزة اليوم من حصار وتجويع وحرمان متعمّد من المساعدات وقتل واسع للمدنيين. وما يجري في الضفة الغربية من توسّع استيطاني متواصل يُعدّ تجسيدا حيّا لهذه المنظومة الإقصائية العنيفة التي يلاحظ الإسرائيليون في سياقها التدهور السريع في الوضع الأمني الإسرائيلي منذ عام 2008 حين بدأت وتيرة الحروب على غزة تتسارع وانتهت بما يصفونه كارثة 7 أكتوبر التي فتحت بدورها جبهات إقليمية متعددة وجلبت المعركة إلى الجبهة الداخلية الإسرائيلية وزادت من الفوضى والعنف في الضفة الغربية. المشكلة تكمن في النموذج نفسه وفي الاستراتيجية التي لا تعمل حسب صحيفة هآرتس الإسرائيلية حيث اليمين الإسرائيلي يتبنّى هذا النموذج اليوم في غزة كعقيدة لكنه يستخدمه أيضا كذريعة. وعندما يُسأل الوزراء في حكومة نتنياهو المتطرفة لماذا فشل عامان من الحرب في تدمير حماس أو استعادة الرهائن يكون الجواب الدائم أنّ الحرب لم تذهب بعيدا بما يكفي. فيطالبون بفتح أبواب الجحيم ووقف المساعدات الإنسانية واحتلال القطاع وتشجيع التهجير وهذا ما يحاول نتنياهو أن يمضي فيه كما يبدو. لكن ماذا لو كانت العقيدة الأمنية الإسرائيلية كلّها خاطئة؟ من منظور غير عسكري ولكن متجذر في فهم عميق للمجتمع يبدو أن هناك قدرا هائلا من التفكير الخاطئ حول ما الذي يجعل الناس آمنين فنتنياهو يطيل أمد الحرب لينقذ نفسه لا غير ويجب على الجميع أن يدرك ذلك.
غزة التي أنزلوا بها كل أنواع الانتهاكات والمجازر والقتل والدمار وصولا إلى التجويع المتعمّد مازالوا يطالبون أهلها ويفرضون شروطهم الاستعمارية عليها. إنّ تحويل المأساة الفلسطينية من قضية استعمارية إلى أزمة إنسانية عارضة هو ما يحاول الغرب استكماله ممّن يتحدث بعضهم عن نوايا اعتراف بدولة فلسطينية وكل ذلك للتغطية على دولة خارجة عن القانون يقودها مجرمو حرب لا يحترمون القانون الدولي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.