حادث سقوط حافلة بوادي الحراش: السيد مراد يزور عائلات ضحايا ببسكرة وأولاد جلال ويقدم لهم واجب العزاء    الولايات المتحدة: مظاهرة حاشدة في مدينة دالاس تنديدا بجرائم الاحتلال الصهيوني بحق الفلسطينيين    منظمة "كوديسا" تدعو الهيئات الحقوقية الدولية الى التدخل العاجل لحماية الحقوقيين الصحراويين    التوجيه بالجامعات: تخصيص الفترة من 19 إلى 23 أغسطس الجاري للحالات الخاصة من الطلبة الجدد    العدوان الصهيوني: 3 شهداء إثر استهداف منتظري المساعدات جنوب قطاع غزة    بطولة امم إفريقيا لكرة القدم للمحليين 2024 : المنتخب الجزائري ينهي استعداداته للقاء النيجر    بيان الجمعية الوطنية للصحفيين الجزائريين    نتنياهو يكتب على الجدران… هل يعي العرب هذه المرّة؟    مسرح الجلفة : سلسلة من الورشات التكوينية في فنون المسرح    ينظم يومي 6 و7 أكتوبر 2025..ملتقى دولي حول استخدام الذكاء الاصطناعي في دراسة المخطوطات القديمة    مؤسسة فنون وثقافة لولاية الجزائر : برنامج ثقافي وفني خاص لإحياء اليوم الوطني للمجاهد    قتلة الأنبياء وورَثتُهم قتلة المراسلين الشهود    فتاوى : هل تبقى بَرَكة ماء زمزم وإن خلط بغيره؟    خالد بن الوليد..سيف الله المسنون    ناج من حادث وادي الحرّاش يروي لحظات الرعب    حريق يأتي على مصنع النسيج الصناعي للصوف    الجزائر تتفوق إفريقيًا    69 عاماً على استشهاد مختار كريتلي    سماكو يرد على مغالطات المغرب    السارقون    المنصات الإلكترونية تتوشّح بالأسود    نقطة تفصل الخضر عن ربع النهائي    انتهاء عملية البحث عن ضحايا سقوط حافلة بوادي الحراش    الجزائر العاصمة: الإطاحة بعصابة تنشط عبر إقليم أولاد فايت    توقف بث 3 قنوات تلفزيونية لمدة 48 سا على كل الشبكات    سحب الحافلات التي يفوق عمرها 20 سنة كمرحلة ثانية    لتقييم الإمكانيات النفطية بمحيطي العوابد وظهار.. التوقيع على اتفاقيتي دراسات بين ألنفط وأوكسيدنتال    ضرورة التنسيق بين القطاعات لمعالجة الاختلالات    تقييم الإمكانيات النفطية بمحيطي العوابد وظهار    حملة توعوية وسط كبار المستثمرين ومربي الأنعام    إعلان صهيوني عن البدء بموجة جديدة من الإبادة الوحشية    حجز 1750 قرص مهلوس    مصرع شخص في حادث مرور    مصابان في انقلاب سيارة    وفد عن المجلس الشعبي الوطني يزور المصابين في حادث الحراش    وزارة الثقافة تؤجّل جميع الفعاليات الاحتفالية    مدرب باير ليفركوزن الألماني يشيد بإبراهيم مازة    المصطلح النقدي العربي بين المعرفي والدراسات البينية    جهد مبذول لتقديم الأجود للقراء    لا بديل عن الفوز للتأهل إلى الدور ربع النهائي    مسلوق يجتمع اليوم بمحافظي اللقاءات    مؤسّسة النقل البحري تدعو لاحترام مواقيت الرحلات    مناقصة لتقديم خدمات المشاعر المقدسة في حج 2027    منصة لاستقبال انشغالات المؤسّسات الصحية في أكتوبر المقبل    البارا-جيدو: الجزائر تشارك بخمسة مصارعين في الجائزة الكبرى للقاهرة-2025    سكك الحديدية : التصريح بالمنفعة العامة لإنجاز شطرين من الخط الجزائر العاصمة-تامنغست    كرة القدم "شان-2024" /المؤجلة إلى 2025 /المجموعة الثالثة/: المنتخب الوطني يجري أول حصة تدريبية له بنيروبي    10 أيام على نهاية آجال عدل 3    الوضوء.. كنز المؤمن في الدنيا والآخرة    نحو إبرام صفقة مع شيفرون وإكسون موبيل    الشبيبة تتعادل أمام فريق إماراتي    دعم المراقبة الوبائية للملاريا المستوردة بالولايات الحدودية    سهرات متنوعة تُمتع العائلات    حج 2026: وكالات السياحة والأسفار مدعوة للتسجيل وسحب دفتر الشروط    توطيد التعاون الجزائري المصري للتصدّي للفتاوى المتطرّفة    المخرج التلفزيوني والسينمائي نور الدين بن عمر في ذمة الله    حج 2026: وكالات السياحة والأسفار مدعوة للتسجيل وسحب دفتر الشروط    إسدال الستار على الطبعة ال13 من المهرجان الثقافي الوطني للموسيقى الحالية بقالمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السارقون
نشر في أخبار اليوم يوم 18 - 08 - 2025


بقلم: إسماعيل الشريف
كانوا يسرقون حتى الذكريات حتى تلك اللحظات الصغيرة التي لم يكن لأحد غيرنا أن يعيشها- غسان كنفاني عن رواية عائد الى حيفا.
لم يكتفِ الصهاينة بسرقة الأرض بل امتدت أيديهم إلى البساتين والبيوت إلى الأثاث وصور الأجداد المعلّقة على الجدران. لم يتوقفوا عند ذلك فنهبوا التاريخ وطمسوا أسماء القرى واستولوا على الطعام والثقافة والكوفية والدبكة والحنّة. حتى الحكايات الشعبية التي كانت الجدّات يروينها قرب مواقد الحطب سرقوها بل ونسبوا إليهم الوجع والنكبة أيضًا.
حتى في أحلك الأنظمة العنصرية وأعتى الديكتاتوريات دموية وفي أبشع حروب الإبادة تبقى هناك حدود مقدّسة لا تُمس منها حرمة الموت والجثث. لكن هذا الكيان البشع لا يعرف حدودًا فهو يسرق حتى جثث الموتى!
في عام 2009 اعترف الطبيب الشرعي الصهيوني يهودا هِس بأنه منذ أواخر الثمانينيات وحتى التسعينيات أشرف على انتزاع الأعضاء والجلد من جثامين الشهداء دون تمييز بين طفل وامرأة مدني أو مقاوم ومن دون علم عائلاتهم. كانت الأسر تتسلّم أبناءها وقد سُلبت منهم أعينهم أو قلوبهم وأحيانًا جلودهم.
في معهد أبو كبير تُمدَّد الجثث الباردة على الطاولات وتُسلخ منها جلود الأرجل والظهور لتُخزَّن في بنك للجلد تديره المؤسسة العسكرية. تُنقل القرنيات والصمامات والقلوب والعظام إلى مستشفيات إسرائيلية وتُستخدم أيضًا في الأبحاث العلمية. يتم كل ذلك تحت إشراف أطباء عسكريين نزعت من قلوبهم الرحمة ونكثوا بقسم أبقراط فلم يصونوا كرامة الإنسان ولم يعاملوا العدو كالصديق ولا البريء كالمذنب كما أقسموا. لقد انتهكوا كل القيم والشرائع وداست أفعالهم على جميع المواثيق الدولية.
كثيرًا ما يُرفض تسليم الجثامين لأن ما تبقّى منها لا يكاد يُذكر فيقدّم الاحتلال عشرات الذرائع لتبرير الرفض. وأحيانًا حين تُسلَّم الجثث توضع في تابوت يُشترط دفنها دون فتح التابوت بعد إجراء عمليات تجميل لإخفاء آثار السطو. فتُدفن الأجساد دون أن تعلم العائلات أن بقايا أحبّتهم قد نُهبت.
أن تفقد طفلًا لا قدّر الله يعني أن يموت جزء كبير منك معه. لكن أن تكتشف أنه تحوّل إلى قطع غيار فذلك يُضيف إلى الفقد فقدًا وإلى الموت موتًا. حين تبدأ بالتفكير أن جزءًا من جسده ربما زُرع في جسد مستوطن يسرق الأرض أو جندي يقتل الأطفال أو متحرش وما أكثرهم في ذلك الكيان يتحوّل الموت إلى رعب دائم وقلق لا يهدأ.
أول من كشف هذه الفضيحة كان الصحفي السويدي دونالد بوستروم فتعرض فورًا لحملة شيطنة شنّها عملاء الكيان لأن تحقيقه هزّ صورة الاحتلال. ووصفت مؤسساتهم الصحفي بأنه فلسطيني جدًّا ثم سرعان ما اختفى التحقيق من خوادم الإعلام المؤسسي ولم يبقَ له أثر سوى على بعض المواقع التي يتداولها الناشطون وينشرونها.
بعد نشر ذلك التحقيق بدأ بعض الأطباء المتورطين في القضية الاعتراف لكن لم يُحاسَب أحد ولم تُنشر تلك الاعترافات في أي من وسائل الإعلام الدولية. لم تُحرّك المنظمات العالمية ساكنًا فكان اعترافًا آخر دُفن مع الجثث المسروقة.
ما يرتكبه الاحتلال يتجاوز الشرّ بمعاييره المعروفة وحدوده المفهومة. فهذا كيان لا يكتفي بقتل أصحاب الأرض وإبادتهم بل يمتد إلى نهش أجسادهم وسرقة أعضائهم وتحويلهم إلى مخزون لقطع الغيار. لم يكتفِ بتدنيس الأرض بل دنس الإنسان ذاته فلوّث الجسد كما دنّس التراب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.