أكّدت بسالة المجاهدين وأحبطت محاولات المستعمر 64 عاماً على معركة جبل بوكحيل بالجلفة أبانت معركة جبل بوكحيل التي دارت رحاها قبل 64 سنة بالكرمة وجريبيع (جنوبالجلفة) وبالضبط يومي 17 و18 سبتمبر 1961 دليل على شراسة المواجهة وبسالة القتال التي كان يتحلى بها جيش التحرير الوطني على أرض الميدان ضد قوات الاستعمار الفرنسي. وقد ساهمت هذه المعركة التي كانت ملحمة خالدة سجلها التاريخ إلى جانب المعارك الأخرى بالولاية التاريخية السادسة في دحر محاولات المستعمر وسعيه إلى فصل جنوبالجزائر عن شمالها وتشتيت وحدة صفوف ثوار جبهة التحرير الوطني كما أكده باحثون درسوا هذه الواقعة التاريخية من وثائق الأرشيف وشهادات حية. وفي مذكراته وصف المجاهد مختار مخلط الذي كان ملازما في جيش التحرير الوطني توفي سنة 2022 معركة الكرمة و جريبيع التي تسمى أيضا معركة 48 ساعة ب المحطة البارزة و معلم من معالم الثورة التحريرية . وجاء في المذكرات أن في معركة 48 ساعة أبهر جيش التحرير بقيادة محمد شعباني جنرالات فرنسا الاستعمارية وخيب آمالهم في القضاء على الثورة وقادتها بالولاية السادسة وتبخرت أحلام الجنرال ديغول في القضاء على جيش جبهة التحرير المقاوم في جنوبالجزائر وكسب قضية فصل الصحراء في المفاوضات الجارية على الأراضي الفرنسية والسويسرية. وانطلقت المعركة بالسفوح الجنوبية الشرقية لجبل بوكحيل بعد اكتشاف قوات الاستعمار اجتماع لقيادات الولاية السادسة برئاسة العقيد محمد شعباني قائد الولاية حضره عدد من الضباط بالمنطقة وفاق عدد المجاهدين المجتمعين ال400. وحسب مذكرات المجاهد مخلط التي جمعها أستاذ التعليم العالي بجامعة الجلفة أمحمد قرود كانت طائرات العدو الكاشفة تراقب المنطقة باستمرار لأجل ترقب تحركات مجاهدي جيش التحرير الذين شكلوا عقبة أمام طموحه البائس للإحتفاظ بالصحراء وبترولها. وفي معركة المجابهة واجه أبطال جبل بوكحيل أكبر قوة استعمارية مدعمة بالحلف الأطلسي وفي أرض جرداء وانتصروا عليها وكان جيش جبهة التحرير الوطني بالمنطقة الحامي للقضية الجزائرية في قتاله من أجل أن تبقى منطقة الصحراء جزء لا يتجزأ من أرض الجزائر كما جاء في نص المذكرات. من جهته أكد الأستاذ المختص في التاريخ بجامعة زيان عاشور الدكتور قراش عبد الرحمان أن معركة جبل بوكحيل كانت درسا لفرنسا المستعمرة التي كانت في تلك الفترة تمارس الضغط على الوفد الجزائري المفاوض لكي تجعله يوافق على فكرة احتفاظها بصحراء الجزائر . وفي سرد وقائع هذه المعركة التي دونها ذات الباحث في مؤلف جماعي يحمل عنوان النشاط العسكري لجيش التحرير الوطني في المنطقتين ال2 و3 من الولاية السادسة ذكر أن اليوم الأول للمعركة كان في ال17 سبتمبر 1961 بعد ملاحظة دورية حراسة اجتماع مجاهدي الثورة في حوالي منتصف الليل توجه القوافل العسكرية الفرنسية نحو موقع مركز جيش التحرير بالكرمة ب جبل بوكحيل . وبعد أن طوق العدو الموقع نشبت المعركة على الساعة 7 صباحا استعمل فيها العدو طائراته الاستكشافية ثم نحو 40 طائرة مقنبلة وقاذفة لقصف مواقع المجاهدين لعدة ساعات بالقذائف والنابالم قبل شروع 12 ألف جندي فرنسي في التقدم نحو موقع المجاهدين الذين واجهوهم بطلقات الرصاص. قدرت خسائر المستعمر الفرنسي في اليوم الأول من المعركة 400 قتيل حسب الرواية الفرنسية ونفس الحصيلة أوردتها أيضا إذاعة صوت العرب من القاهرة. وفي اليوم الموالي حشد العدو قوات أضخم قدرت بنحو 14 ألف عسكري مستعملا كل أنواع القنابل والطائرات واستشهد سبعة من مجاهدي جيش التحرير الوطني في الوقت الذي تكبد العدو 300 قتيلا في صفوفه. للإشارة تم سرد وقائع معركة بوكحيل بشكل مفصل في أشغال ملتقى نظم شهر جوان الفارط بجامعة زيان عاشور حول الموضوع وكان فرصة لتناول مختلف جوانب المعركة.