بقلم: وائل قنديل أضرم مستوطنون فجر الخميس النار في أجزاء من مسجد يقع شرقي بلدة دير استيا شمال غربي سلفيت شمالي الضفة الغربيةالمحتلة وخطّوا شعارات عنصرية على جدرانه ... كان مثل هذا الخبر قبل أعوام قليلة كافياً لتأجيج الغضب الشعبي الفلسطيني وتحوّله إلى عمليات مقاومة بكلّ الوسائل في كلّ الأراضي الفلسطينية المُحتلة كان مثيراً كذلك للغضب في المدن العربية لتخرج تظاهرات شعبية تهتف وتُطالب بردع الاحتلال. من أسف أنّ هذا صار خبراً عاديّاً لا يستفزّ كيانا وهميا يُسمّى السلطة الوطنية الفلسطينية لديه مقر في رام الله إحدى مدن الضفة الغربية التي يُعربد فيها المستوطنون الصهاينة بوتيرة غير مسبوقة في تاريخ الاستيطان تُذكّر بما فعل أجدادهم القتلة في العام 1948 وما قبله. طالت عربدة المستوطنين أمين سر حركة فتح في طوباس محمود صوافطة مطلع شهر نوفمبر الجاري إذ تعرّض لاعتداء عنيف لدى عودته من اجتماع عُقِد في رام الله وسط الضفة الغربية مع حسين الشيخ نائب محمود عبّاس ومسؤول التنسيق الأمني مع الاحتلال. *إجرام المستوطنين يتصاعد إجرام المستوطنين دائماً مع انعقاد قمم تتحدّث عن السلام تحضرها أطراف عربية وإسرائيلية إذ توسّعت الهجمات والاعتداءات المحمية بقوّات جيش الاحتلال عقب انتهاء أعمال قمّة ترامب في شرم الشيخ تمامًا كما جرى بعد قمّة العقبة في 26 فيفري 2023 تحت عنوان الأمن والسلام بين أميركا والسلطة الفلسطينية و إسرائيل والأردن ومصر حيث هاجمت مجموعات من المستوطنين الصهاينة بلدة حوارة وقرى فلسطينية أخرى جنوبي مدينة نابلس. من العبث بالحقائق التاريخية النظر إلى جرائم المستوطنين بوصفها إرهابا تمارسه عصابات منفلتة حتى لو كان ذلك تحت حماية أجهزة الأمن والحكومة الإسرائيلية بينما بقية المجتمع الإسرائيلي مواطنون فالمؤكّد أنّ الكلّ في هذا الكيان مستوطنون من بنيامين نتنياهو المستوطن الأكبر مروراً بوزرائه بن غفير وسموتريتش وساعر ومسعور نهاية بمن يصرّ من الإعلام العربي على تسميتهم مواطنين إسرائيليين . فالحقيقة التي تتأكّد في كلّ مرّة أنّ هذا الإرهاب الاستيطاني المُنظّم يُعيد الصراع على فلسطين إلى جذوره في بدايات القرن الماضي: عصابات من اللصوص الغرباء القادمين من الخارج يهجمون على أراض ومنازل لانتزاعها بالقوّة من سكانها الأصليين وطردهم منها واتخاذها وطنًا وسكنًا لهم. بحسب إحصاءات مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) شهد الشهر الماضي (أكتوبر) أعلى عدد شهري لهجمات المستوطنين منذ بدء توثيقها عام 2006 إذ تجاوز عددها 260 هجمة أسفرت عن ضحايا وأضرار بممتلكات الفلسطينيين بمتوسّط ثمانية حوادث يومياً وأوضح أنّ عنف المستوطنين خلال موسم قطف الزيتون الحالي بلغ أعلى مستوى في السنوات الأخيرة مع تسجيل نحو 150 هجمة أسفرت عن إصابة أكثر من 140 فلسطينياً وإتلاف أكثر من 4200 شجرة في 77 قرية . *خفايا قمة الشرم أكتوبر هذا هو الشهر الذي انعقد فيه مؤتمر للسلام على طريقة دونالد ترامب والذي وقّعت فيه دول عربية وإسلامية على بيان يخوّله حرّية التصرّف في غزّة وفي فلسطين بوصفه صاحب الحل والعقد ليشعر المستوطنون بالارتياح وينطلقوا قطعاناً مسعورة في التهام ما يصلون إليه من بيوت وأراض وأشجار زيتون وقطعان ماشية واثقين من أنّ ليس ثمّة ردّة فعل في الداخل الفلسطيني أو في المحيط العربي. ما فعلته قمّة شرم الشيخ أنها اختزلت القضية الفلسطينية في مسألة غزّة التي استحوذت على كلّ الاهتمام والانتباه في ما بدا كما لو كانوا توافقوا على أنّ الضفة الغربية صارت شأناً إسرائيليّاً خالصاً على الرغم من أنّ طوفان الأقصى لم يكن إلا معركة على طريق الحلم الأكبر والهدف الأسمى: معركة التحرير والكفاح من أجل استعادة الأرض والتخلّص من احتلال هو الأكثر خسّة وبشاعة في التاريخ. قبل الطوفان كانت انتفاضة القدس الكبرى التي انطلقت من حي الشيخ جراح ثورة شاملة على الكيان الاستيطاني الذي تصوّر أنّ الفرصة مواتية لإتمام تهويد مسجد الأقصى والقدسالمحتلة كاملة ثم كان طوفان الأقصى تتويجًا لهذا الكفاح مرحلة من مراحل المقاومة الباحثة عن تحرير وطن بأكمله غير أنّ الطوفان حوصر عربيًا قبل أن يُحَارَب إسرائيليًا وأميركيًا دانه العرب الرسميون وندّدوا به لم ينظروا إليه بموضوعية تحلّى بها صهيوني عتيد اسمه عامي أيالون الرئيس الأسبق لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) بين عامي 1996 و2000 والذي قال في مقابلة مع قناة ABC الأميركية في مارس 2024: لو كنت فلسطينيًا أعيش تحت الاحتلال لقاتلت إسرائيل من أجل الحرية ثم فصّل المسألة في حوار مع صحيفة معاريف الإسرائيلية في سبتمبر 2024 بالقول: إذا جاء شخص وسرق أرضي سأحاربه بلا حدود . هذه هي الحقيقة التي يكافحها العرب ويناضل ضدّها شخص يوصف بأنه رئيس منظمة التحرير الفلسطينية فلماذا لا ينتهز المستوطنون الفرصة؟