بقلم: حسام كنفاني لا حدود لهوس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالبقاء في السلطة. الرجل لا يخفي هذا الأمر. منذ نيله الولاية الرئاسية الثانية ودخوله البيت الأبيض بدأ يلمّح إلى إمكان إجراء تعديلات دستورية تخوّله الحصول على ولاية ثالثة فهو واثق بأن شعبيته لن تتغيّر في السنوات المقبلة رغم مؤشّرات كثيرة تقول عكس ذلك وأن جمهوره سيقف خلفه في محاولته البقاء في السلطة. *الرئيس الملك لا يفوّت الرئيس الأمريكي مناسبةً للحديث عن هذا الأمر. الحديث الأطرف في هذا المجال كان خلال استقباله الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض في اوت الماضي. حينها سُئل الرئيس الأوكراني عن شرعيته في ظلّ انتهاء ولايته الرئاسية في ماي فأجاب أنه مستعدّ لإجراء انتخابات لكن خلال الحرب لا نستطيع فعل ذلك نحتاج إلى هدنة للسماح للناس بالقيام بانتخابات شرعية وديمقراطية . أثارت هذه الإجابة اهتمام ترامب الذي عقّب مباشرة: إذن تقول إنه لا يمكن إجراء الانتخابات في أثناء الحرب؟ أي بعد ثلاث سنوات ونصف إذا اندلعت حرب عندنا فلن تكون هناك أيّ انتخابات . ورغم أن ترامب أورد تعليقه من باب المزاح لكن من المؤكّد أنه جادّ في ما يقول. وهو يضع هذا الخيار في الاعتبار في حال فشلت الخيارات الأخرى التي يسعى فيها للبقاء في السلطة. وخلال الأسابيع الماضية لم يتوان ترامب عن إثارة إمكان دخول الولاياتالمتحدة في حروب مع محيطها القريب إذ كان على وشك توجيه ضربات إلى فنزويلا وهو لا يزال يهدّد بذلك كما أنه يلمّح باستمرار إلى التدخّل في كولومبيا بذريعة وقف تدفّق المخدّرات إلى الولاياتالمتحدة. ومن الطبيعي أنه في حال حصول مثل هذه التدخّلات بفعل القرب الجغرافي سيكون لها انعكاسات داخل الولاياتالمتحدة نفسها. *خطط ترامب من غزة الى أوكرانيا إضافة إلى هذا الخيار تبدو عين ترامب على خيارات أخرى للتمكّن من السلطة ليس داخل الولاياتالمتحدة فقط بل خارجها أيضاً. فبعد مصادقة مجلس الأمن الدولي على خطّة الرئيس الأمريكي في شأن قطاع غزّة خرج ترامب ليتحدث عن جزئية في هذا القرار يراها أساسيةً للحفاظ على نفوذه. فخطّة ترامب التي باتت أممية الآن تتحدّث عن مجلس سلام من المفترض أن يكون مسؤولاً عن مراقبة إدارة قطاع غزّة في مرحلة ما بعد الحرب ومكوَّناً من شخصيات دولية برئاسة ترامب نفسه. ورغم أن هذا المجلس لم يرَ النور بعد وليس معروفاً من هم المسؤولون الدوليون الذين سيشاركون فيه بدأ الرئيس الأمريكي يرسم له أدواراً أكبر بكثير من الغاية التي سيؤسَّس من أجلها. خلال منتدى الاستثمار الأمريكي السعودي الذي عُقد في واشنطن على هامش زيارة ولي العهد السعودي محمّد بن سلمان إلى البيت الأبيض تحدّث ترامب عن مجلس السلام وحدود صلاحيات مجلس السلام وقال إنها ستتجاوز حدود قطاع غزّة ومنطقة الشرق الأوسط مشيراً إلى أن المجلس سيضمّ رؤساء دول عديدة ولم ينسَ ترامب الإشارة إلى أنه اختير رئيساً لهذا المجلس من دون أن يذكر من الذين اختاروه. بغض النظر عن هذه التفاصيل من الواضح أن ترامب يطمح إلى تحويل هذا المجلس مجلسَ حكم عالميّ على أمل أن يستمرّ في أداء دور فيه حتى بعد انتهاء ولايته الرئاسية باعتباره عنصراً مؤسِّساً لهذا التوجّه العالمي الجديد. آمال ترامب تبدو بعيدة جدّاً من الواقع بدايةً من تأسيس هذا المجلس مروراً باستمرار أداء دور فيه وصولاً إلى صلاحياته وحدود تدخّلاته. فالمنطق يقول إن فكرة هذا المجلس ورغم حصولها على موافقة من مجلس الأمن من الصعب أن تخرج من عقل ترامب إلى أرض الواقع.