بعد أن كانت مقتصرة على المستشفيات "المعريفة" تغزو العيادات الخاصة يفر الكثير من المرضى إلى العيادات الخاصة بعد مللهم من بيروقراطية المستشفيات والمواعيد المؤجلة في كل مرة، إلا أن آفة (المعريفة) والتسيب والإهمال كظواهر مشينة قفزت مؤخرا إلى بعض العيادات الخاصة التي لم يعد يقوى المرضى على (شراء الشفاء) على مستواها مقابل دفع أموالهم بعد أن استعصى عليهم في السابق الحصول على العلاج مجانا بالمستشفيات، ووقفت بذلك أموالهم وحالتهم الميسورة عاجزة على استعادة عافيتهم هناك بسبب ما صار يميزها من ظواهر مشينة زادت من عناء المرضى بعد أن فروا إليها طلبا للتعافي والعلاج. نسيمة خباجة صار الأمر سيان بين المستشفيات العمومية أو الخاصة، بل المتمعن في الأمر يرى أن حال بعض المستشفيات العمومية التي لازالت تحافظ على قدر معين من كرامة المرضى أحسن بكثير من حال بعض العيادات الخاصة التي صار هدفها الأول والأخير السطو على جيوب المرضى وصار الإهمال ميزتها من دون أن ننسى ظاهرة (المعريفة)، فتحديد تواريخ العلاج والعمليات الجراحية صار يخضع إلى ذلك العامل حتى على مستوى العيادات الخاصة التي هب إليها المرضى للإنقاص من الجهد والتمكن من العلاج في أقرب الآجال بعد ضمان ذلك عن طريق دفع أموال معتبرة، لكن يبدو أن حتى دفع المال لم يعد يقوى على ضمان انتفاع المريض من العلاج في الموعد المحدد وصار المرضى على مستوى بعض العيادات يعانون من تأجيل مواعيدهم إلى تواريخ بعيدة ولم يعد يختلف الحال عن الوضع الشائع بالمستشفيات العمومية التي يتذوق فيه المرضى الأمرين، وبعد الهروب إلى العيادات الخاصة من أجل تسريع العلاج والتعافي اصطدم المرضى بالوضعية المشينة حتى بالعيادات الخاصة التي باتت تحصل فيها أمور غير لائقة تزيد من معاناة المرضى وأوجاعهم. في هذا الصدد اقتربنا من بعض المرضى لرصد آرائهم والوقوف على معاناتهم بالعيادات الخاصة التي أصبح الوضع بها مشابها إلى حد كبير للوضعية التي يتخبطون فيها بالمستشفيات العمومية، فأبان أغلبهم تذمرهم وأجمعوا على أن أموالهم لم تعد تقوى على استعادة عافيتهم التي هي في الأول والأخير بيد الله تعالى إلا أن دور المستشفيات هو بارز في استطبابهم، ما قالته سيدة من العاصمة إذ رأت أن حال بعض العيادات هو أسوأ بكثير من المشافي العمومية لما صار يميزها من ظواهر تنقلب سلبا على المريض، وقالت إنها شخصيا تعرضت إلى موقف على مستوى عيادة بنواحي دالي إبراهيم وتفاجأت بتأجيل موعد عمليتها وأخبرها عون الاستقبال أن ملف تحاليلها لم يجدوه من فرط الإهمال الحاصل، وتم تأجيل تاريخ إجراء عمليتها إلى موعد لاحق بعد إعادة التحاليل الطبية وكلفها الأمر انتظار شهرين متتابعين. سيدة أخرى قالت إنها أصيبت بعضّة كلب فخافت من المضاعفات ما أجبرها على زيارة عيادة خاصة بالعاصمة، فقامت الطبيبة بحقنها بحقنة وتضميد الجرح الذي خلفه الكلب على مستوى رجلها إلا أنها أحست بحالتها تسوء يوما بعد يوم مما أجبرها على الوفود إلى طبيب مختص الذي أنقد الموقف وأخبرها أنها لو تأخرت لكانت في تعداد الموتى بسبب تعفن الجرح، الأمر الذي أفقدها الثقة في العيادات الخاصة التي صار بعضها يلهث وراء جيوب المرضى ليبقى الغرض الأخير استعادة عافيتهم والخضوع إلى علاج محتشم. أما سيد آخر فقال إن ظاهرة البيروقراطية والمعريفة طالت حتى تلك العيادات على الرغم من أنها لا تقدم العلاج بالمجان بل بمبالغ خيالية لا يقوى عليها إلا بعض ميسوري الحال إلا أنهم يصطدمون بنفس الحال فيما يخص المواعيد الطبية البعيدة وتجرع مأساة الانتظار وتأجيل العمليات الجراحية التي يخضع تنظيمها إلى عامل المعريفة، فالأولوية دوما لمعارفهم ويأتي الأغراب في المراتب الموالية. وطالب الكل بضرورة رقابة عمل تلك العيادات بوضع لجان من طرف وزارة الصحة وتكليفها بمهمة معاينة أوضاع المرضى هناك التي هي في ترد مستمر بعد أن صار شعار أغلبها تحقيق الأرباح عن طريق البيع والشراء في علل وأوجاع الآخرين.