الظاهرة استفحلت بشدة في السنوات الأخيرة المخدرات تزحف على بنات الجزائر في صمت كثيرون منا لا يمكنهم تصديق زحف آفة الإدمان إلى الفتيات في مجتمعنا ودخولهن ذلك العالم المشبوه المليء بالمخاطر إلا أنها الحقيقة المرة الحاصلة، فبعد التدخين كصورة اجتماعية مذمومة باتت تتكرر هنا وهناك من باب التطور والعصرنة واللهث وراء البريستيج الراقي، بحيث طغى ذلك السلوك المذموم على الكثير من المؤسسات العمومية والصروح العلمية على غرار الثانويات والجامعات، تجرأت بعضهن حتى على الولوج إلى عالم المخدرات كعالم مشبوه وخطير. وتبرر المقدمات على تلك السموم سلوكاتهن الغريبة بالظروف والمشاكل الاجتماعية التي عالجنها بطريقة أخطر عن طريق اندفاعهن إلى الإدمان على المخدرات وحتى شرب أنواع الخمور لنسيان همومهم والمشاكل التي يتخبطون فيها. بحيث راجت تلك السموم حتى بين الفتيات اللواتي لم يكتفين بتدخين السجائر مثلهن مثل الرجال بل راحوا إلى تقليد المدمنين عن طريق الإقبال على أنواع من المخدرات التي بتن يحفظن أسماءها ويرددنها دون أي إشكال على الرغم من أعراف مجتمعنا المحافظ الذي يناهض تلك الممارسات وتعاب حتى على الشبان والذكور فما بالنا بعد أن قفزت العدوى حتى إلى الفتيات. والغريب في الأمر أن بعضهن تعلل ذلك بتخبطها في المشاكل الاجتماعية على غرار الطلاق، أو التفكك الأسري، فيجعلن من المخدرات الدواء الشافي لهمومهن حسبهن وتناسين في لحظة أنها راس كل المشاكل والمصائب بل أنها تُذهب الوعي والصحة وتقتل المقبل عليها ببطء من دون أن ننسى النظرة الدونية المجتمعية التي لا تسلم منها مقترفة ذلك الذنب الأعظم. وفي زيارة لنا إلى عيادة نفسية بالعاصمة تقصينا تلك الأوضاع المشينة التي باتت من بين الطابوهات السلبية في مجتمعنا ووجدنا من بين المقبلات على العيادة ممّن يعانين من الآفة التي دخلنها بفرح وسرور ليتذمرن بعد الاصطدام بدواخلها ومكنوناتها، بحيث ضيعن بها أموالهن وصحتهن، والأهم من ذلك سمعتهن ومكانتهن الاجتماعية (ح) هي واحدة من هؤلاء تقربنا منها لسماع قصتها فقالت إنها دخلت ذلك العالم المشبوه بعد طلاقها، فهي أم لأربعة أبناء وعدم تقبلهم من طرف أهلها منح الحق لزوجها من أجل أخذهم وإبعاد فلذات كبدها عنها، مما خلف وجعا كبيرا في نفسيتها وأثر على مزاجها ولم تجد الحل إلا بالإقبال على سجائر (الزطلة) من أجل نسيان همها بعد أن نصحت بذلك الدواء الفريد من نوعه من طرف رفيقتها، لكن ومع مرور الوقت وجدت نفسها وحيدة فأهلها نقموا عليها وكل الأقارب وخسرت أخواتها وإخوانها إلى جانب صحتها ومالها، أما أولادها فلم تعد تمتلك الوقت لمجرد التفكير فيهم كونها صارت عبدا لتلك المحرمات وفي مرات عدة أقدمت على شرب الخمر والعياذ بالله وفسدت طباعها، لكن ختمت بالقول أنها تنوي الخروج من تلك القوقعة التي دمرت حياتها أكثر فأكثر وهي تحاول بالتردد على العيادات النفسية وأخذ حصص علاجية قبل الوصول إلى درجة الإدمان. أما الآنسة (م) فقصتها تختلف عن الأولى كونها كانت ضحية علاقة عاطفية دامت لخمس سنوات ختمت بفرار الحبيب واختيار امرأة أخرى تزوجها فنزل الخبر على مسامعها كالصاعقة وتدهورت حالتها النفسية والصحية كثيرا، وبعد أن أدمنت على التدخين راحت إلى السجائر المحشوة بالمخدرات بعيدا عن أعين أهلها وهزلت يوما بعد يوم ولم تعد تلك الشابة اليافعة التي تشع أنوثة وشبابا، وقالت إنها تفضل الموت على هذه الحياة بعد أن خدعت من أقرب الناس إليها الذي كان يعدها بالزواج والعيش الرغيد وتحول بين عشية وضحاها إلى وحش آدمي استبدلها بكل سهولة من دون أن يحترم العشرة الطويلة التي كانت بينهما.