سجلت العديد من المؤسسات التربوية هذه السنة نسب نجاح ضعيفة في امتحان بكالوريا ,2014 تهاوت في بعضها إلى ما دون الثلاثين بالمائة، وكانت حصة الأسد في هذه النتائج التي وصفها البعض ب »الكارئية« للمؤسسات التربوية المتواجدة بولايات الجنوب، والولايات السهبية والهضاب العليا، وكان الديوان الوطني للامتحانات والمسابقات قد فضل التكتّم عن هذه الولائية، رغم أنه كان من قبل اعتاد على الكشف عنها في الندوة الصحفية التي تنظم عقب امتحانات كل سنة. رغم أن نسبة النجاح الوطنية في امتحان بكالوريا هذه السنة بلغت 01,45 بالمائة من مجموع 026,657 مترشح، واعتبرها التلاميذ والأولياء والمتتبعين غير مرضية، إلا أن النسب التفصيلية التي لم يفصح عنها الديوان الوطني للامتحانات والمسابقات، ووزارة التربية الوطنية المسجلة على مستوى الولايات والمؤسسات التربوية كانت صادمة للجميع، ونخص منها بالذكر النسب الضعيفة المسجلة في ولايات الجنوب والسهوب والهضاب العليا، التي انخفضت إلى ما دون نسبة الثلاثين بالمائة، وهو الأمر الذي ألزم ديوان الامتحانات والمسابقات ووزارة التربية الوطنية على أمر مديريات التربية عبر الولايات بتشكيل لجان تحقيق وتقصّي من أجل الوقوف بالتدقيق على الأسباب الحقيقية، التي أسهمت في تدنّي النتائج المسجلة، وموافاتها بتقارير نهائية عن ذلك. والأمر هنا لا يتعلق فقط بنتائج امتحان البكالوريا فحسب، بل أيضا بالنتائج المسجلة في امتحاني شهادة التعليم المتوسط، ونهاية مرحلة التعليم الابتدائي. وما يمكن تسجيله هنا أن الكثير من المتتبعين والمختصين أرجعوا بالأساس أسباب هذه النتائج الموصوفة ب »الكارئية« على وجه الخصوص إلى الإضرابات التي شهدتها ولايات الجنوب والهضاب العليا والمناطق السهبية، وقد تجاوزت مدتها الثلاثة أشهر، تضافُ إليها حالة الغضب والتذمر الواسعة التي أسهمت فيها الوزارة الوصية نفسها داخل أوساط الأساتذة وعمال وموظفي القطاع حين هددتهم بالفصل النهائي، وأبانت عن أنها جادة في الإقدام على هذا الفصل. وبالنسبة لولاية غرداية فإن مدة إضرابها فاقت كل الولايات بسبب الأحداث الدامية التي عاشتها، وتواصلت انعكاساتها وآثارها السلبية على تلاميذ الولاية كلهم بشكل أو بآخر. وحتى وإن كان مديرو التربية للولايات في الندوة الوطنية لنهاية السنة قد أوضحوا ونصّصوا مع الوزيرة على أن المؤسسات التربوية قد قامت بتعويض كافة الدروس التي ضاعت منهم بسبب هذه الإضرابات، وأن الأمور تسير على أحسن ما يرام، إلا أن الواقع الذي شهد به بعض الأساتذة والمعنيين أنفسهم أن هذه الدروس لم تُعوض كلها، وحتّى وإن كانت عُوّضت كلها في عدد من المؤسسات التربوية، إلا أنها عُوضت بسُويعات مستعجلة، ولم تكن مرفقة بالتطبيقات والتمارين اللازمة لها، ونخص بالذكر هنا مواد الرياضيات، والعلوم الفيزيائية، والفلسفة، والتطبيقات العملية للغة العربية واللغات الأجنبية. وأكثر من هذا أن أغلبية تلاميذ أقسام البكالوريا وأقسام »البيام« و»السانكيام« كانوا في الأشهر الأخيرة قد فضّلوا الانقطاع عن الدراسة النظامية بمؤسساتهم التربوية، واللجوء إلى أساتذة الدروس الخصوصية، وهؤلاء الأساتذة أنفسهم للأسف كان الكثيرون منهم يشجعون التلاميذ على المكوث معهم، ولا ينصحونهم بالعودة إلى أقسامهم الدراسية الرسمية حتى استكمال السنة الدراسية، وهو الأمر الذي جعل هؤلاء التلاميذ يتجاهلون ويتغافلون عن الكثير من الجوانب اللازمة في التحضير لامتحاناتهم الرسمية، ومن أهم هذه الجوانب التي أضرّت بالتلاميذ عموما وتلاميذ أقسام البكالوريا على وجه الخصوص، أنهم كانوا يُركّزون فقط على تلقّي دروس المواد الأساسية، ذات المعاملات الكبيرة، المقدرة نقاطُها بما يساوي 120 نقطة، و 100 نقطة، وما إلى ذلك، وأهملوا باقي المواد الأخرى غير الرئيسية التي معاملاتها ضعيفة نسبيا ولا تتجاوز 20 و 40 نقطة. يُضاف إلى هذا أن تلاميذ أقسام الامتحانات كانوا شاردي الأذهان ومتخوفين طيلة أيام الإضرابات، ومعهم أولياؤهم، ولم يجدوا من يرشدهم ويدلّهم بوضوح تام على الكيفيات المثلى التي يستغلون بها ما تبقى لهم من وقت عن امتحاناتهم الرسمية.