رئيس الجمهورية يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    السفير بن جامع بمجلس الأمن: مجموعة A3+ تعرب عن "انشغالها" إزاء الوضعية السائدة في سوريا    شهداء وجرحى مع استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة لليوم ال 202 على التوالي    محروقات : سوناطراك توقع مذكرة تعاون مع الشركة العمانية أوكيو للاستكشاف والانتاج    انطلاق الطبعة الأولى لمهرجان الجزائر للرياضات    مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي: فيلم "بنك الأهداف" يفتتح العروض السينمائية لبرنامج "تحيا فلسطين"    ورقلة /شهر التراث : إبراز أهمية تثمين التراث المعماري لكل من القصر العتيق ومدينة سدراتة الأثرية    إستفادة جميع ولايات الوطن من خمسة هياكل صحية على الأقل منذ سنة 2021    السيد دربال يتباحث مع نظيره التونسي فرص تعزيز التعاون والشراكة    الشمول المالي: الجزائر حققت "نتائج مشجعة" في مجال الخدمات المالية والتغطية البنكية    "الأمير عبد القادر...العالم العارف" موضوع ملتقى وطني    وزير النقل يؤكد على وجود برنامج شامل لعصرنة وتطوير شبكات السكك الحديدية    السيد بوغالي يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    حج 2024: آخر أجل لاستصدار التأشيرات سيكون في 29 أبريل الجاري    حلم "النهائي" يتبخر: السنافر تحت الصدمة    رئيس أمل سكيكدة لكرة اليد عليوط للنصر: حققنا الهدف وسنواجه الزمالك بنية الفوز    رابطة قسنطينة: «لوناب» و «الصاص» بنفس الريتم    "الكاف" ينحاز لنهضة بركان ويعلن خسارة اتحاد العاصمة على البساط    خلال اليوم الثاني من زيارته للناحية العسكرية الثالثة: الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي    شلغوم العيد بميلة: حجز 635 كلغ من اللحوم الفاسدة وتوقيف 7 أشخاص    ميلة: عمليتان لدعم تزويد بوفوح وأولاد بوحامة بالمياه    تجديد 209 كلم من شبكة المياه بالأحياء    قالمة.. إصابة 7 أشخاص في حادث مرور بقلعة بوصبع    بقيمة تتجاوز أكثر من 3,5 مليار دولار : اتفاقية جزائرية قطرية لإنجاز مشروع لإنتاج الحليب واللحوم بالجنوب    رئيس الجمهورية يترأس مراسم تقديم أوراق اعتماد أربعة سفراء جدد    نحو إنشاء بوابة إلكترونية لقطاع النقل: الحكومة تدرس تمويل اقتناء السكنات في الجنوب والهضاب    رئيسة مؤسسة عبد الكريم دالي وهيبة دالي للنصر: الملتقى الدولي الأول للشيخ رد على محاولات سرقة موروثنا الثقافي    قراءة حداثية للقرآن وتكييف زماني للتفاسير: هكذا وظفت جمعية العلماء التعليم المسجدي لتهذيب المجتمع    السفير الفلسطيني بعد استقباله من طرف رئيس الجمهورية: فلسطين ستنال عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بفضل الجزائر    معرض "ويب إكسبو" : تطوير تطبيق للتواصل اجتماعي ومنصات للتجارة الإلكترونية    تسخير 12 طائرة تحسبا لمكافحة الحرائق    بطولة وطنية لنصف الماراطون    مشروع جزائري قطري ضخم لإنتاج الحليب المجفف    القيسي يثمّن موقف الجزائر تجاه القضية الفلسطينية    ش.بلوزداد يتجاوز إ.الجزائر بركلات الترجيح ويرافق م.الجزائر إلى النهائي    هزة أرضية بقوة 3.3 بولاية تيزي وزو    تمرين تكتيكي بالرمايات الحقيقية.. احترافية ودقة عالية    العدالة الإسبانية تعيد فتح تحقيقاتها بعد الحصول على وثائق من فرنسا    إجراءات استباقية لإنجاح موسم اصطياف 2024    عائلة زروال بسدراتة تطالب بالتحقيق ومحاسبة المتسبب    معركة البقاء تحتدم ومواجهة صعبة للرائد    اتحادية ألعاب القوى تضبط سفريات المتأهلين نحو الخارج    إنجاز ملجأ لخياطة وتركيب شباك الصيادين    ارتفاع رأسمال بورصة الجزائر إلى حدود 4 مليار دولار    جعل المسرح الجامعي أداة لصناعة الثقافة    فتح صناديق كتب العلامة بن باديس بجامع الجزائر    "المتهم" أحسن عرض متكامل    دعوة لدعم الجهود الرسمية في إقراء "الصحيح"    جلسة للأسئلة الشفوية بمجلس الأمة    الاتحاد الأوروبي يدعو المانحين الدوليين إلى تمويل "الأونروا"    فيما شدّد وزير الشؤون الدينية على ضرورة إنجاح الموسم    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سعيد عبادو: لن نسكت عن قانون تجريم الإستعمار(حوار)
نشر في صوت الأحرار يوم 01 - 11 - 2015

تأسف الأمين العام لمنظمة المجاهدين سعيد عبادو في حوار خص به"صوت الأحرار"، عن إبقاء مشروع قانون تجريم الإستعمار حبيس الأدراج بعد مرور ثمانية سنوات على اقتراحه، وأبدى إصراره على مواصلة الضغط على البرلمان لتمريره وعدم السكوت عليه، ورفض بناء علاقة صداقة وتعاون حقيقية بين فرنسا والجزائر إذ لم يكن هناك اعتراف وإعتذار وتعويض لجرائمها المرتكبة خلال حقبة الإستعمار، وحث شباب اليوم على الحفاظ على الذاكرة التاريخية، داعيا إياهم إلى حمل المشعل والتمسك بهذا المطلب الذي يرد على تمجيد فرنسا للإستعمار.
هل ترون أن قيم ثورة أول نوفمبر المجيدة قد غرست في نفوس شباب الجزائر، وكيف يمكن أن تكون هذه الثورة حصنا في مواجهة تحديات اليوم ؟
ثورة نوفمبر كانت كبيرة وقد حررت الجزائر من 132 سنة من الاحتلال والمعروف أن هذه الثورة سبقتها ثورات وانتفاضات أخرى لم يكتب لها النجاح، ولكنها كانت الفاصلة والحاسمة وتوجت بالاستنصار، ونحن اليوم نعيش مرحلة الاستقلال والحرية، والواجب يفرض علينا إحياء ذكرى اندلاع ثورة أول نوفمبر، لنتذكر شهدائنا ومجاهدينا الذين تصدق عليهم الكلمة، ونشيد في نفس الوقت بالمكاسب التي تحققت في بناء جزائر الحرية والكرامة، ونرغب دائما أن تكون هذه الاحتفالات في مستوى تضحيات الشهداء والمجاهدين وثورة أول نوفمبر، بالرجوع إلى بيان أول نوفمبر الذي يتضمن مبادئ وأهداف يجب التمسك بها وتحقيقها، كبناء وتشيد دولة ديمقراطية قوية لها مكانتها بين الدول وتكون في مستوى تضحيات رجال وأبناء نوفمبر.
ونحن ندرك تماما أنه ليس من السهل تشييد دولة قوية في هذا الوضع الدولي الراهن لاسيما تلك الأوضاع التي تمر بها بعض دول العربية، وبالرغم منها هناك أهداف كبيرة تحققت ولا يجب إنكارها مقارنة بجزائر المحتلة وجزائر الاستقلال، مع الأخذ بعين الاعتبار الظروف التي مرت عليها البلاد خلال العشرية السوداء فهي ظروف صعبة عاشها الجزائريون، لكن ليس كل ما يرغب فيه المرء يدركه، ومع هذا نحن مرتاحون للوضع التي هي عليه الجزائر الآن، نتيجة الاستقرار الذي تعيش فيه والإنجازات المحققة لخاصة وأنها اليوم تتمتع بمكانة محترمة لدى دول العالم، وبالنسبة لنا يعتبر هذا أهم انجاز نصت عليه قيم الثورة المجيدة وهو بناء دولة قوية يتنعم فيها الجزائريون، ونحن على يقين أن جيل اليوم سيعمل على استكمال هذه المسيرة وتحقيق أكثر من ذلك، بالرغم من الظروف الإقليمية والدولية الراهنة، التي حالت دون تحقيق بعض الأهداف.
في ظل هذه الإنجازات المحققة والطموحات التي يتطلع إليها الجزائريون بعد 61 من اندلاع الثورة التحريرية المجيدة، هل مازلتم متمسكون بمطلب اعتذار فرنسا عن جرائمها في ظل تطور العلاقات بين البلدين ؟
بالنسبة لنا كمجاهدين هذا السؤال لا يطرح، فهذه المسألة معروفة كيف بدأت وكيف تسير، فالاستعمار الذي قام بنهب ثروات الجزائريين طلية قرن ونصف والذي اعتبر الجزائر فرنسية ناهيك عن تفقير الجزائريين وتجهيلهم واستعمال كل إمكانياته من أجل تحطيم أي ثورة أو انتفاضة، لا أسميه استعمار بل احتلال غاصب، فقضية تجريمه أمر مفروغ منه، لاسيما بعد أن قام الفرنسيون في درجة عليا من الغطرسة والتكبر من إصدار قانون يمجد استعمار فرنسا للجزائر وهذا القانون كما يعرفه الجميع وافق عليه البرلمان فرنسي بغرفتيه ووقع عليه رئيس جمهورية الفرنسية، لكن في واقع الأمر فان احتلال فرنسا للجزائر طيلة 132 سنة ليس تمجيد أو حضارة، وجزائر اليوم مستقلة بفضل أبنائها ومن واجبها أن ترد على هذا القانون بالمثل أو أكثر، وأنتم تعرفون أننا طلبنا من البرلمان سن قانون يجرم الاستعمار الفرنسي .
إذن ترفعون في كل مرة شعارات تطالب فرنسا بالاعتذار والإعتراف بجرائمها، في حين فشل البرلمان الجزائري في تمرير قانون تجريم الإستعمار الذي أصبح حبرا على ورق، ألا ترون أن هذا يعبر عن عجز الجزائريين في افتكاك حقوقهم ؟
للأسف فأن هذا المشروع لم يمر كما كان متوقعا، ونحن اليوم نؤكد على مطلب استصدار هذا القانون من خلال اعتراف فرنسا لجرائمها المرتكبة في الجزائر وتقديم إعتذارها وتعويضها للجزائريين نتيجة ما نهبته من ثروات، ونحن نتمسك به ولن نتسامح أبدا مع الإستعمار، فنضالنا متواصل وسنضغط على البرلمانيين من أجل تمرير قانون تجريم الإستعمار وهو الآن بين أيدهم ولابد أن يمر في المستقبل.
هل يكمن اعتبار زيارة سكرتير الدولة المكلف بقدماء المحاربين في الحكومة الفرنسية جون مارك توديشيني لمنطقة سطيف في الذكرى ال70 لمجازر 8 ماي 1945، بالخطوة نحو الاعتراف الفرنسي بالجرائم المرتكبة في حق الشعب الجزائري أثناء الحقبة الاستعمارية؟
نحن نؤكد على ضرورة أن يكون هذا الاعتراف من رئيس الجمهورية الفرنسية فرنسوا هولاند، وبالفعل قام هذا الأخير وأمام البرلمان الجزائري وباسم الدولة الفرنسية بالإعتراف عن جرائمها الإستعمارية التي ارتكبت، والآن نحن نطالب بالإعتذار والتعويض، فرئيس الوزراء البريطاني توني بليير قد اعترف للعراقيين بالجرائم التي ارتكبت خلال غزو العراق، صحيح أن الرئيس الفرنسي قد إعترف بجرائم الإستعمار في الجزائر ولكن ينقصه الإعتذار للشعب الجزائري ويتبعه حتما التعويض لكل مخلفات الإستعمار لتمكين الجزائريين من بناء بلدهم، نحن لا نستجدي بل نطالب بحق طبيعي أقرته القوانين الدولية حيث لا يحق لأي دولة أن تستعمر دولة أخرى، فكيف لفرنسا أن تستعمرنا طيلة 132 سنة وتعتبر أرضنا وشعبنا ملكا لهم، فهذا يعتبر استعمار استيطاني لا تقبله الشرائع الدنيوية ولا سماوية.
تسعى الجهات الفرنسية إلى القفز على مسألة الاعتراف المباشر بالجرائم الاستعمارية في حق الشعب الجزائري، من خلال التركيز على التعاون الاقتصادي والثقافي ومجالات أخرى أقل أهمية، وطي صفحة الماضي، هل أنتم راضون على طبيعة العلاقات بين الجزائر وفرنسا حاليا؟
نعم نريد صداقة وتعاون لكن على أساس صحيح، وهو أن تعتذر فرنسا وتعوض للجزائريين وتعترف بجرائمها، فالحرب إنتهت وعلينا فتح صفحة جديدة، أما المستعمرون يكيفون الأمور بطرق أخرى ونحن نرفضها تماما ونبقى نناضل من أجل تمرير قانون تجريم الإستعمار على البرلمان الجزائري الذي انتخبه الشعب، حيث أنه من غير الممكن السكوت عليه كما لا يمكن أبدا بناء علاقة صداقة وتعاون بين فرنسا والجزائر إذ لم يكن هناك اعتراف وإعتذار لجرائمها، وهذا أمر طبيعي، حيث سبق لدول كألمانيا وفرنسا أن أعيدت العلاقات فيما بينهم وهم الآن موجودين في الإتحاد الأوروبي، لأن ألمانيا إعتذرت لفرنسا وبدأت علاقات جيدة بين البلدين، إذن فالشعب الفرنسي ليس أفضل من الشعب الجزائري، نحن ضد الأحقاد لكن فرنسا تصر بعد كم سنة من الاستقلال على تمجيد الإستعمار وهذا كذب ولا أحد يصدقه، إذن لا يمكن أن يكون هناك تعاون حقيقي مع فرنسا إن لم تلبى هذه الشروط.
هل سيفتح التطور الإيجابي بالنسبة للموقف الفرنسي فيما يتعلق باعترافها بجرائم الحرب التي ارتكبتها إبان ثورة التحرير، حيث صادق البرلمان الفرنسي على تغيير تسمية القضية الجزائرية من »أحداث الجزائر« إلى »حرب الجزائر «، الباب أمام مسألة المطالبة بالاعتراف الذي تأبى السلطات الفرنسية التطرق إليه؟
نحن نريد أفعالا ملموسة لا كلمات معسولة، ولا نريد تغيير جملة بجملة، فهذا لا يعني شيئا بالنسبة لنا ولا نريد مراوغات.
منذ وصوله إلى الحكم أدلى الرئيس الفرنسي بعدة تصريحات حول الاحتلال الفرنسي بالجزائر لا سيما عندما قال »إن فرنسا غضت النّظر عن الجرائم المرتكبة خلال الثورة الجزائرية«، هل يعني أن فرنسا اعترفت ضمنيا بحقيقة وبشاعة الإستعمار؟
أكرر مرت أخرى، نريد اعتراف يتبعه الاعتذار والتعويض، فرنسا مجرمة ولازالت تتميز بالعقلية الاستعمارية، وتصريحات ساركوزي خلال مطالبته بإعادة النظر في بعض بنود اتفاقيات ايفيان 1961 دليل على هذه العقلية وهو يطمح من خلال ذلك على إعادة انتخابه?
ما هي قراءتكم لاكتفاء اعتراف هولاند بالقمع الدموي لجرائم 17 أكتوبر 1961 دون الحديث عن المجازر الأخرى؟
لدينا 132سنة من الاحتلال الفرنسي للجزائر، كلها كانت قمع وتدمير منها أحداث 17 أكتوبر 1961 ديسمبر، ففرنسا قامت بجرائم بشعة استعملت فيها التقتيل والتعذيب وأسلحة كميائية، وأحداث 17 أكتوبر هي حلقة من حلقة جرائم الاستعمار الفرنسي، وأتذكر جيدا هذه الحادثة المؤلمة حيث كان نهر السين شاهدا على مقتل واستشهاد العديد من الجزائريين بفرنسا ومن بينهم أخي ? رحمه الله- الذي كان ضحية لهذه المجزرة البشعة في حق الإنسانية وتم إلقائه في نهر السين، بالرغم من أن المظاهرات التي خرج إليها آلاف الجزائريون بالمهجر كانت سلمية ومقننة للمطالبة باستقلال الجزائر، لكنهم اقمعوا بعنف من طرف الشرطة الفرنسية آنذاك وتم رميهم في نهر السن ولقد حدث هذا في أرض الحرية كما كانوا يدعون ذلك?
تحاول فرنسا في كل مرة إعادة فتح ملف استرجاع ممتلكات الأقدام السوداء بالجزائر والمطالبة في الجنسية الجزائرية وجواز السفر، حيث قرر مؤخرا وفدا منهم زيارة الجزائر في عيد ثورتها في خطوة استفزازية لا تنسجم مع الموقف الفرنسي الرسمي الذي يرافع في كل مناسبة لمستوى العلاقات الجزائرية-الفرنسية، ما تعليكم؟
ليست لدي أي معلومات حول هذه الزيارة ولم يتم إبلاغنا بها بصفة رسمية، ولكن نرفضها بتاتا لان الفرنسيين كانو محتلين وليس لهم حق في أي ممتلكات هي ملك للجزائريين فقط، الآن استرجعنا بفضل ثورة نوفمبر المجيدة ورجالها حريتنا وحقوقنا.
هل أنتم راضون على الإمتيازات التي تحصل عليها المجاهدون وذوي الحقوق في ضبط وتسوية وضعيتهم؟
كل الأمم تقوم بالحروب، ولابد أن تشرع قوانين تحمي محاربيها الذين ساهموا في تحرير بلادهم، بل هي حقوق طبيعية لأن هؤلاء الأشخاص ناضلوا من أجل نيل الحرية، ومنهم معطوبون وآخرون يعانون من أمراض تفرض على الدولة حمايتهم والتكفل بهم، فهذه الحقوق ليست امتيازات ومن حقهم الإستفادة من الحماية، ففرنسا على سبيل المثال خاضت الحرب العالمية الثانية ولها قوانين تحمي شهداءها ومجاهديها، ومن واجب الدولة أن تحترم وتكرم هذه الفئة ومنحهم حقوقهم من خلال توفير العيش الكريم، رغم أن الجهاد كان في سبيل الله ولكن مع استقلال الجزائر كان لابد من سن قوانين تحمي المجاهدين والحمد لله الدولة أسست لتلك القوانين وهي في المستوى المطلوب وتسهر على تطبيقها، وعن إبلاغ أي قضية للتكفل بها، كما أن الدولة لم تقصر في حق الشهداء والمجاهدين بل تعتز بهم حتى نضمن في المستقبل سيادة الجزائر، والآن عليها أن تهتم بشهداء الواجب الوطني خلال العشرية السوداء حتى تبقى الدولة شامخة بمبادئها المستمدة من قيم أول نوفمبر.
ما تعليقكم عن قضية اعتراف الجزائر بشهداء فرنسيين شاركوا إلى جانب المجاهدين الجزائريين في بطاقية المجاهدين؟
ليسن هناك أي مشكل في هذا، فهناك العديد الأشخاص الأجانب من ساعدوا الجزائر في تحريرها وليس من فرنسا فقط، وبفعل ذلك الدعم تحررنا لاسيما أن مشاركة أشقائنا العرب على غرار تونس، مصر، ليبيا، ودول أخرى، في دعم الثورة التحريرية ساهم بشكل كبير في نجاحها ولا أحد ينكر ذلك، والتاريخ يفرض علينا الإعتراف بهم من خلال تكريمهم ماديا ومعنويا لأن دعم هؤلاء الأصدقاء والأشقاء هو الذي جعلنا ننتصر، وأنا شخصيا لما كنت وزير للمجاهدين أشرفت على هذه المسألة وتم الاعتراف بعدد لا بأس به من الأشخاص الذين ساعدوا الثورة من أوروبا والدول العربية وتم ضمهم لبطاقة المجاهدين وهم يعتبرون الآن من أصدقاء الجزائر أغلبهم كانوا أساتذة ومحامون، ورجال أعمال فرنسيين وغير فرنسيين، نحن نعتبرهم أصدقاء الجزائر لأن اسم المجاهد يطلق على المسلمين فقط، فهذا بالنسبة لنا أمر طبيعي.
ما تعليقكم على المجهودات التي تقوم بها الدولة لاسترجاع الذاكرة من خلال جمع 13 ألف ساعة مسجلة لشهادات المجاهدين في أقراص مضغوطة، وانجاز أفلام وكتب خاصة بسيرة أبطال الثورة وتوثيق سيرة 100 شهيد، وطبع 100 ألف نسخة ل 43 شهيد..؟
هذه المجهودات مازالت لم تبلغ مستوى تاريخ ثورة نوفمبر، حقيقة تبذل الدولة ما في وسعها لاسترجاع الذاكرة لكنها غير كافية، نؤكد في هذا الخصوص على ضرورة تأسيس مدرسة وطنية تهتم بتاريخ الثورة الجزائرية ونضالها ومقاومتها الشعبية، وهناك اهتمام من طرف جامعات ومراكز الدراسات، والمتاحف، في جمع الوثائق والشهادات وتوثيقها في الكتب والمتاحف وتبليغ هذا الثرات التاريخي للأجيال الصاعدة للحفاظ على ذاكرة الجزائر وشهدائها لبنائها بنفس الروح التي حررت بها جيل نوفمبر حتى ينعم الجيل الحالي بهذه الحرية وهو مطالب هو الآخر بالحفاظ على هذه النعمة، نحن حررنا الجزائر من أجل بناء ثورة في مستوى التاريخ، ويجب عدم التقليل من مجهودات جيل اليوم في بناء جزائر قوية وهي جزء من عملية التحرير ولا تقل عليها أهمية، فنحن نعتز بانجازات اليوم، لاسيما عندما نرى الجزائر اليوم تمتع بالأمن والاستقرار وتتصدى بقوة لكل أعدائها، ونطالب بمجهودات أكثر بطموح أكبر.
كيف تنظر المنظمة للدور الذي يمكن أن تساهم به الأفلام التاريخية والإصدارات في نقل رسالة الثورة إلى جيل الاستقلال والتعريف بنضال رجال الجزائر في كامل ربوع الوطن العربي؟
هذه كلها تندرج في توصيات مؤتمرات المجاهدين، هناك تكامل بين المنظمات والحكومة لتجسيد مثل هذه الأعمال، صحيح فأن الدولة أنجزت عدد من الأفلام وهناك أفلام أخرى مبرمجة، نظرا لأهميتها في نقل رسالة أول نوفمبر، وآخره فيلم »كريم بلقاسم« ويتم التحضير الآن لفيلم »العربي بن مهيدي«، ولدينا حاليا برنامج بالتنسيق مع منظمات أخرى لإحياء الذكرى الواحد والستون لاندلاع ثورة التحرير وعدة محطات تاريخية أخرى، كذكرى 11 ديسمبر 1961، حيث يجب الاهتمام بها بمشاركة كل الفاعلين في هذا المجال .
في نظركم متى تكسب الجزائر معركة استرجاع الأرشيف التي تحوز عليه فرنسا؟
طبعا نطالب ونؤكد مرارا بأن كل ما نهبته فرنسا من الجزائر عليها أن تسلمه لأهلها، فالقانون الدولي يفرض عليها استرجاع الأرشيف التي تحوز عليه إلى الجزائر، ففرنسا خلال الاستعمار أخذت الأموال والأرشيف وأدوات أخرى من واجبها أن ترجعه، ونحن مع هذا المطلب والحكومة تسعى من أجل استرجاعه وهذا بالطبع لا يدخل في إطار التعويض، فهناك أمور لا يمكن أن تسترجع كاغتصاب الأراضي.
نحن نحتفل بالذكرى الواحد والستون لاندلاع الثورة المجيدة، ألا تعتقدون أن الوقت قد حان لتسليم المشعل للشباب؟
لم يصبح هذا الأمر مطروحا اليوم، فالمشعل قد سلم للشباب والحكم بيدهم بالطبع تحت قيادة رئيسنا المجاهد عبد العزيز بوتفليقة وهذا شرف لنا، حيث أصبح الشباب على رأس كل الإدارات والوزارات والمرافق، ونحن اليوم نثق فيهم وليس لدينا أي شك في قدراتهم، والدليل على ذلك أن الجزائر تعيش استقرارا باعتراف الدول وهي الآن مقصد لرؤساء ووفود العالم ويريدون الاستفادة من تجربتها لاسيما وأنها تقوم بمهمة نشر السلام في بعض الدول على غرار المالي وليبيا، والفضل يعود لهم، ويبقى لنا أن نؤدي الشيء المطلوب منا وليس لنا أي عقدة في هذا الجانب، فنحن كنا شباب وخذنا ثورة التحرير وقدنا بالجزائر للإستقلال ونعتز بمواصلة مسيرة الشباب ونتمنى أن يكنوا في مستوى تحديات وتضحيات الشهداء، ونحن متأكدين أن الأجيال الصاعدة ستحافظ على هذا المشعل والجيش الشعبي الوطني والحمد لله يعمل اليوم على تأمين الحدود من كل خطر في ظل التحديات التي نواجهها اليوم، ونثق كل الثقة في جيل اليوم لمواجهتها.
هل تفكرون في كتابة مذكرة ؟
إنشاء الله أحاول التفكير في كتابة مذكرة، وقد شرعت في جميع الوثائق والتحضير للقاءات مع أصدقائي أثناء الثورة التحرير لجمع المعلومات، لاسيما وأن مشكلتي اليوم هي تعذري عن استحضار كل الذكريات لكبر سني ولما تتوفر كلها سأشرع في كتابتها، لأنني آمن بالمذكرات الجماعية والثورة كانت نتيجة عمل مشترك، وأحث بنفسي المجاهدين على كتابة المذكرات وطباعتها، هناك عدد لا بأس به من المجاهدين قاموا بكتابة مذكراتهم، وآخر لقاء حضرته كان يوم السبت الماضي في ولاية الشلف، حيث دعيت لحضور مناسبة إلقاء مذكرة مجاهد وقمت ببعث رسالة شكر وتشجيع لهذا المجاهد، وبالرغم من مشكل طباعة المذكرات أدعوا المجاهدين لكتبابة مذكراتهم وسنعمل على مساعدتهم بالتعاون مع مركز الدراسات لتمكينهم من طباعة أعمالهم لاسيما فيما يتعلق بالمجاهدين الغير متعلمين، فكتابة مذكرات المجاهدين مهم جدا لتدوين التاريخ وتسجيل كل محطاته، ونحن من خلال وزارة المجاهدين سنوفر كل الإمكانيات لتجسيد هذا المبتغى لاسيما وأنها تعتبر رصد تاريخي لا بأس به وهناك عدد من المجاهدين سجلوا العديد من الأشرطة، ولقد أنشئنا في هذا الصدد، استيديوهات لتسجيل شهادات مجاهدين في جميع المتاحف، كما أن هناك فرق متنقلة للوصول إلى مجاهدين يتعذر عليهم التنقل، وهناك رصيد تاريخي يجمع الآن لإنشاء بنك للمعلومات حول تاريخ الجزائر حتى يتمكن المؤرخين والباحثين من إيجاد المادة الأولية وسنواصل في هذه المسيرة إنشاء الله، وفي هذا الإطار هناك مجلة » أول نوفمبر « يتم إصدارها كل ثلاثي ومضمونها ينصب حول الثورة المجيدة تتكلم على تاريخ الثورة وحياة الشهداء وتتكلم عن الوضع الحالي أيضا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.