تشهد السوق الوطنية هذه الأيام فوضى عارمة في أسعار مختلف المواد، غذائية كانت أو غير غذائية، فوضى بدأت موازاة مع مُصادقة المجلس الشعبي الوطني على قانون المالية 2016 نهاية نوفمبر الماضي، وازدادت حدة مع دخول هذا القانون حيز التنفيذ، والغريب في الأمر أن التُجار أصبحوا يفرضون الأسعار وفق رغباتهم فبإمكانك أن تجد سلعة ما بسعر مُعين لدى تاجر وتجدها بسعر يفوق بكثير السعر الأول لدى تاجر آخر، يحدث هذا في ظل غياب الرقابة من قبل السلطات المعنية. شهد بداية العام 2016، ارتفاعا ملحوظا في مختلف أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية وهو الارتفاع الثاني من نوعه في مدة لا تتعدى الشهرين باعتبار أن جل التُجار لجؤوا مباشرة بعد مصادقة المجلس الشعبي الوطني على قانون المالية 2016 بتاريخ 29 نوفمبر الماضي إلى رفع الأسعار وهو الأمر الذي وصل إلى حد إقدام وزير المالية على تصريحات انتقد من خلالها هذا الفعل ودعا آنذاك التجار إلى »تفادي الربح السهل وعدم استباق الأحداث«، لكن دعوة الوزير بقيت مجرد تصريحات، بحيث لم يكتف التُجار برفع الأسعار لمرة واحدة بل لجؤوا إلى رفعها من جديد وتعميم ذلك على جميع المواد بمجرد دخول القانون حيز التنفيذ. وقد أحدث هذا الوضع فوضى عارمة في الأسعار، فهناك من التُجار الذين رفعوها لمرة ثانية وهناك الذين اكتفوا برفعها لمرة واحدة، ويقول أحد تُجار التجزئة في هذا الموضوع »ليس تُجار الجُملة لوحدهم السبب في ذلك بل حتى تُجار التجزئة يفرضون الأسعار التي يُريدونها ويضعون هوامش الربح وفق رغباتهم وذلك في غياب تام للرقابة«، في هذا السياق، يُمكنك أن تجد مثلا سعر اللوبيا من نفس النوع ب150 دج للكيلوغرام لدى بعض المحلات، كون سعرها انخفض بشكل ملحوظ عالميا، لكنك تجدها في محلات أخرى وحتى في مساحات تجارية تتراوح بين 180 و250 دج، نفس الشيء بالنسبة للعدس والحمص فقد تجد الكيلوغرام ب170 دج وقد تجده ب 220 دج، أي 50 دج الفرق. ولا تقتصر الفوضى التي تشهدها الأسعار على الحبوب أو على مواد مُعينة بل امتدت إلى جل أنواع المواد الغذائية وغير الغذائية بما في ذلك مواد التنظيف والخدمات والملابس وغيرها...فسعر العجائن سجل ارتفاعا بلغ 20 دج للكيلوغرام في بعض المحلات على غرار السباقيتي، التليتلي، الشُربة، المعكرونة، لكنه ارتفع ب40 دج لدى محلات أخرى، نفس الشيء بالنسبة لسعر الفرينة الذي سجل زيادة في الكيلوغرام الواحد بين 15 و20 دج وبلغت حتى 30 دج، وهو حال السميد والطماطم.. ولم تسلم المواد المُستوردة من هذه الفوضى فحليب الغبرة تجده بسعر مُعين في جهة وبسعر يفوق الأول ب30 أو 40 دج في منطقة أخرى، نفس الحال بالنسبة مثلا للحوم البيضاء المُجمدة، فكيلو حوت من نوع »ميرلان« يُعادل 450 دج في بعض المحلات ويصل 550 في محلات أخرى ويعترف التجار الذين تحدثوا إلينا، بأن جل المواد ارتفع سعرها بشكل فوضوي وبنسب متفاوتة، مُرجعين ذلك إلى الغياب التام للرقابة في هذا المجال وعدم تحديد هوامش الربح بشكل مسبوق، وهو ما يترك، يقولون، كل تاجر يضع السعر الذي يرغب فيه، أما عن الزيادات التي شهدتها هذه المواد فأرجعوا سببها إلى تدهور قيمة الدينار والمُضاربة وسوء استغلال مساحات التخزين. وبدورهم، استنكر عديد المواطنين الوضع الذي آلت إليه الأسعار وشددوا على أن ورقة 1000 دج وحتى 2000 دج لم يعد لها اليوم أية قيمة ولا تُلب الحاجيات الضرورية، واتهموا الحكومة بالفشل في قمع المُضاربين من جهة وعدم إيجاد آلية للحفاظ على القدرة الشرائية، كما استغربوا تردد السلطات في تسقيف أسعار المواد الاستهلاكية مثلما طالب به مؤخرا الاتحاد الوطني للفلاحين الجزائريين.