أي مستقبل بقي لعلاقة الجزائر بمصر ؟ هذا هو السؤال الكبير الذي يطرحه الجميع في الجزائر، ولا أحد يعنيه الموقف الرسمي، فالناس موقنون بأن الصمت الرسمي كان موقفا حكيما لأنه لا يمكن أبدا الانحدار إلى الدرك الذي هوى إليه الإعلام المصري وبعض الرسميين وأشباه الرسميين الذين يصدرون الأوامر للرسميين، وحتى إذا توقعنا أن يكون هناك طي لهذه الصفحة السوداء بالطرق الدبلوماسية المعهودة فإن الأمر لا يمكن أن يمر مرور الكرام، وهذه ليست استعارة للعبارات التي أطلقها آل مبارك ومن يلعق أحذيتهم من المداهنين. خلال قرابة أسبوعين كان المئات من الجزائريين المقيمين في مختلف أنحاء العالم يتصلون بمختلف القنوات الفضائية العربية للتعبير عن الصدمة التي أصابتهم جراء العدوان الإعلامي الهمجي الذي نفذته القنوات الفضائية المصرية، الحكومية والخاصة، على الشعب الجزائري وأصرت من خلاله على الطعن في كرامة الجزائريين والمساس بحرمة شهدائهم الأطهار، وقد تبين في لحظة أن الجرح كان أعمق بكثير مما تخيله السفهاء من الإعلاميين والممثلين والمغنيين وسائر الحاملين لصفة المثقف والفنان من الذين تداولوا على سب الشعب الجزائري ونعته بأقبح الصفات ظلما وبهتانا، ولقد أقسم كثير من الجزائريين المقيمين في الخارج على مقاطعة كل ما هو مصري وفي أي مكان في العالم لأنهم لم يجدوا في الإعلام المصري من يقول كلمة حق وينهى عن هذا المنكر الذي أمر به آل مبارك. هكذا هو شعور ملايين الجزائريين الذين يعيشون في مختلف أنحاء العالم، أما الملايين الذين يعيشون هنا فهم موقنون بأن ما لحق بالعلاقة مع مصر لن تصلحه بعض عبارات المواساة التي يطلقها البعض في وسائل الإعلام المصرية في الأيام الأخيرة سعيا منهم للإبقاء على طريق العودة مفتوحا لكن هيهات، وحتى الاعتذار الرسمي الذي يطالب به بعض الجزائريين لن يكون يضمد الجرح الذي خلفته الطعنة الغادرة في ظهر شعب أبي لم يجرؤ أحد على إهانته إلا ودفع الثمن غاليا. لا نريد اعتذارا مصريا، ولا نريد أي مبادرة، لا نريد أي شيء منهم، ومن أراد أن ينهي عن المنكر فليفعل ذلك في مصر أولا من خلال التبرؤ من السفهاء الذين أساءوا للجزائر وشعبها، وسنعرف يوما كيف نعيد الناعقين إلى رشدهم.