يدعون الزعامة السياسية في إفريقيا و في هذا العالم العربي بوجه أخص، فإنها أضحكتني كثيرا. أجل، قرأت في بعض الصحافة أن زعيما عربيا قال مفاخرا بالرئيس الأمريكي أوباما إن أصوله إفريقية عربية، وهي تعني (بوعمامة). الله أكبر، تلك هي طبيعتنا في هذا الزمن الذي انقلب فيه كل شيء على عقبيه، أي إنه صار شبيها بالفكر الفلسفي، ذلك الذي كان يفترض فيه أن يستخدم ساقيه بدلا من رأسه، بلغة كارل ماركس المعكوسة. وليس الزعماء (المتزعمون) بالرغم من أنوفنا هم أول من جنح إلى الأخذ بهذه (الإنقلابات) بمعناها الموسيقي الجزائري. فلقد سبقهم إلة ذلك أولئك الذين يدعون صلة بالإسلام. تراهم في كل حين وآن يصفقون إذا ما قرأوا في بعض الصحافة العالمية أن فلانا أمريكيا، على سبيل المثال، اعتنق الدين الإسلامي. في حين أنه ينبغي القول في هذا الشأن: هداه الله إلى السبيل السوي، وكفي بالله وكيلا. أما أن ينتظر أحد هؤلاء دليلا على صحة دينهم لأن هذا الأمريكي أو تلك الفرنسية اعتنقا الإسلام، فذلك من باب الشك والتشكيك في الذات ليس إلا. والعقيدة يتعاورها الشك واليقين، وذلك أمر معروف في تاريخ البشرية كله. أوباما يصير بقدرة قادر (بوعمامة)، لكنه لا يتحول إلى إنسان جزائري، وإلى سليل الشيخ بوعمامة، ذلك الذي قارع الإستعمار الفرنسي ما يقارب عقدا من الزمن في أخريات القرن التاسع عشر. وويليام شكسبير، لا يتحول هو الآخر إلى الشيخ الزبير في زمننا هذا، ولا إلى الزبير بن العوام في زمن البعثة النبوية. و(ألفونس دو لامارتين) يظل شاعرا فرنسيا، وليس شاعرا من أصل عربي أندلسي يسمى (العمارتي) كما زعم بعض النقاد في عصرنا هذا. إذا كان بعض الزعماء يميلون هذه الميلة من جانبهم للتثبت من صفاء أصولهم عبر هذا الأمريكي أو تلك الفرنسية، فذلك شأنهم، لكنه ينبغي عليهم في الوقت نفسه أن يتثبتوا من شيء آخر، وأعني به أن الناس في الضفة الأخرى لا يرغبون أبدا في أن تكون لهم انتماءات إلى دول تطبخ شعوبها على نار هادئة منذ عقود من الزمن. لا يريدون أن يكون (شابان دلماس) من أصل عربي، أي (شعبان)، لا ولا أن يكون الجنرال (دوغول) صاحب (غول) ولا المئات غيرهم من عظماء وعظيمات القوم في الدارة الغربية. حبذا لو أن أولئك الزعماء وظفوا دولاراتهم البترولية واشتروا لنا رؤساء وزعماء نابهين لتسيير شؤوننا على غرار ما نفعله اليوم في شؤون كرة القدم عندنا!