نظّمت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية "بركات سليمان" أول أمس، برنامجًا ثقافيًا وترفيهيًا منوّعًا لفائدة الأطفال بشاطئ "عمر ريزي" المعروف بجماليته الطبيعية وإطلالته البحرية الهادئة، وذلك في إطار مبادرة تهدف إلى دمج الثّقافة بالفضاءات المفتوحة، وإحياء علاقة الطفل بالكتاب والفن في أجواء صيفية منعشة. انطلقت الفعالية مساءً، وسط حضور لافت للأطفال وأوليائهم، حيث اختارت المكتبة أن تبدأ بورشة "القراءة الحرّة" التي دُعِي خلالها الأطفال إلى اختيار قصة من بين مجموعة منتقاة من كتب الأطفال المصوّرة، ثم تلخيصها بأسلوبهم الشخصي في خطوة تنمّي قدراتهم على الفهم والتحليل والتعبير الكتابي، وتزرع فيهم حب المطالعة منذ الصغر. وقد بدا الشغف واضحًا على ملامح المشاركين وهم يغوصون في عوالم القصص، ويتبادلون الآراء حول أبطالها ونهاياتها. تواصل البرنامج بورشة للرسم أطلق فيها الأطفال العنان لريشتهم وخيالهم، لتولد لوحات مليئة بالألوان والمشاهد الطفولية الحُلمية، تارة تُجسّد البحر وتارة تُجسّد مغامرات القصص التي قرأوها للتو. ولم تكتف المكتبة بذلك، بل خصّصت أيضًا ورشة للتلوين استهدفت الفئة العمرية الأصغر، وقد شكّلت مساحة للفرح والاكتشاف، حيث تحوّل الرمل إلى طاولة كبيرة للإبداع تحت ظلّ الخيام وبأنامل صغيرة تحفر على الورق ابتسامات بريئة. أما ذروة النّشاط فقد تجسّدت في لحظة الحكاية، حين اعتلت القاصة الأستاذة زهرة الفل بومزبر، الركح الرملي لتنسج حكاية مشوّقة بصوتها الهادئ وأسلوبها الآسر. جلس الصغار حولها على شكل دائرة وأعينهم تتلألأ فضولًا، وأذانهم تلتقط تفاصيل الحكاية بشغف. لقد نجحت الحكواتية في بعث الحياة في الكلمات، وجعلت من الحكاية رحلة خيالية أخذت الأطفال بعيدًا دون أن تغادر أجسادهم الرمل الذهبي. ولم يكتف الأطفال بدور المتلقّي بل تحوّلوا إلى فنّانين صغار قدّموا عروضًا مبهجة تراوحت بين الرقص التعبيري، التمثيل الصامت، والإنشاد الفردي، فكانت تلك اللحظات مساحة حقيقية للتعبير الحرّ، والتفاعل بين الأطفال والجمهور، في جوّ ساده التصفيق والتشجيع والضحك. هذا النشاط لم يكن مجرّد ترفيه صيفي، بل شكّل ورشة حيّة للتعلّم عبر اللعب والتعبير عبر الفن والمطالعة في حضن الطبيعة، وهو ما يؤكّد أهمية المبادرات الثقافية المفتوحة التي تنقل الكتاب من الرفوف المغلقة إلى رمال الشواطئ، ومن الجدران الجامدة إلى الهواء الطلق. وعن الهدف من هذه التظاهرة صرّحت بعض المشرفات من طاقم المكتبة أنّ "الرهان كان على الوصول إلى الطفل أينما كان، واستغلال العطلة الصيفية كفرصة ثمينة لاكتشاف المواهب الصغيرة، وتعزيز علاقة الطفل بالثقافة من خلال أنشطة محببة إلى قلبه، في جو غير تقليدي يجمع بين الفائدة والمتعة."