"أن تعمل عون أمن في الجزائر ليس بالأمر الهيّن تماما فالكل يوجّه اليك اصابع الاتّهام بأنّك تظلم وتستعمل القوة ضد المواطنين" رؤية حاول بوزيد رشيد عون الأمن بالبريد المركزي نفيها وتحسين من خلالها الصّورة الضيّقة التي يبلورها المواطنون عن أمثاله ممّن يسهرون، عكس ذلك تماما، على راحتهم وأمنهم، وذلك في حديث جمعنا به تحدّث فيه عن يومياته كيف يقضيها، انشغالاته وما يطمح اليه.. تابعوا. رأيناه صدفة في البريد المركزي منهمكا في توجيه المواطنين الذين يتوافدون يوميّا بحثا عن مختلف شبابيكه، مصوّبا في الوقت ذاته عيناه باتّجاه الأبواب لحراستها ومراقبة الداخل والخارج من وإلى المركز، لم يتوقّف عن النّشاط ولم يرتح ولو لهنيهة عن آداء واجبه، تقربنا منه ولم يكن الحديث اليه بالأمر الصعب، حيث وافق فورا على التحدث لركن "يوميات مواطن" عن يومياته وحياته وعن عمله كعون أمن في أقدم مركز بريد في الجزائر وأكثرها استقطابا للمواطنين. " مسؤولية اعالة عائلة وأعباء الحياة متعبة" علمنا من "رشيد" أنّه متزوج ولديه ولدان، يبدأ يومه دائما باصطحاب ابنه الصغير الى المدرسة قبل أن يلتحق بعمله من منطقة سكناه بحي بلفور الشعبي بالحرّاش، والذي ينطلق حسب نظام المناوبة إمّا صباحا أو مساءا، عن حياته السرية يقول " لديّ ولدان أكبرهما يبلغ 17 سنة وأصغرهما 10 سنوات، أرافقه إلى المدرسة يوميا قبل أن أذهب إلى العمل الذي لا يبعد عن مقرّ سكناي بحي بلفور بالحرّاش كثيرا" ليتعمّق محدّثنا أكثر في حياته وهو يسرّ الينا أنّ "مسؤولياتي في البيت جمّة خاصّة بعد تعرّض ابني الأكبر لكسر منذ عام ونصف ممّا يضطرّني دوريّا إلى نقله إلى مستشفى البليدة للعلاج، وضع يتطلّب مني تفرغا تاما وهو ما يعيقني في مرات عديدة عن عملي ناهيك عن مصاريف إعادة التأهيل التي تلزمه ولم أستطع تحمّلها أمام تكاليف المنزل والأولاد معا". "أنتظر التّرقية منذ 20 عاما" خلال حديثه أسرّ الينا "رشيد بوزيد" أنّه يطمح الى الإسنفادة من الترقية في عمله، متسائلا " لقد قضيت 20 سنة وتحديدا منذ عام 1996 كعون، فلماذا لا أستفيد من الترقية، فكل عامل الحق المشروع في ذلك كل عشر سنوات، لماذا يستثنى منه أعوان الأمن، بصراحة لقد مللنا من البقاء كذلك طوال حياتنا.. هذا ليس عدلا بالنسبة لي كما انّ الكثيرون من زملائي يعانون مثلي، ومنهم من لديه خبرة تفوق 25 سنة عمل وما زال ينتظر الترقية إلى يومنا". في لحظة تحسّر أضاف رشيد قائلا أنّ "المعيشة في الجزائر غالية وأنا رب أسرة يلزمني تغطية تكاليف دراسة أولادي، زوجتي لا تعمل ولو كانت كذلك لهوّنت عليّ قليلا وساعدتني ولكن ما باليد حيلة، أواجه متاعب الحياة لوحدي". عرج رشيد في سياق حديثه عن يومياته إلى فترة صعبة عاشها ككل الجزائريين خلال العشرية السّوداء، باعتباره تابع لسلك حساس قائلا "كانت الدماء تسيل آنذاك في كل شوارع العاصمة والحمد لله أسكن بمنطقة شعبية بالحراش ولم أتعرّض لأي تهديدات أو مضايقات من إرهابيين بل كنت أذهب وآتي من العمل دون أدى، ففي بلفور لم تحدث أشياء خطيرة قد تهدد حياتي ولم أضطر يوما للتخفي أو الاختباء من الارهابيين الذين عاثوا في الجزائر وشعبها فسادا". "ما يشاع عنا ليس صحيحا" فنّد محدّثنا كل "الأقاويل" التي تتّهم أعوان الأمن بالعنف ضد المواطنين وبظلمهم، قائلا "الكل يظن أننا نظلم المواطنين ونحقرهم لكن والله العكس ذلك تماما، فالعديد منهم يشتمنا ويسبنا لأتفه الأسباب، خاصة في أوقات الذروة أين يكثر الازدحام ويكتظ مركز البريد، ويصبح التعامل مع الناس أمرا صعبا نوعا ما، هناك من يستعمل العنف ضدنا خاصة عند ساعات إغلاق البريد فيحاول الدخول عنوة بعد ساعات الدوام وعندما نمنعهم يحاولون فتح الباب بالعنف فنكون له بالمرصاد بعيدا عن العنف". ختم رشيد حديثه معنا بأمل ترقيته بعد عن قضى 20 سنة في خدمة القطاع، وأن تبقى الجزائر، كما قال، دائما شامخة آمنة، خاصّة وانّنا "عشنا الخوف ونعرف قيمة العيش في أمان". صوت المواطن ناشد بوزيد رشيد خلال حديثه لركن "يوميات مواطن" المسؤولين على قطاع البريد المواصلات النظر إلى وضعية الآلاف من أعوان الأكمن، بترقيتهم الى مراتب أعلى، ذاك أنّ " الكثير من زملائي يعانون وينتظرون منذ سنوات الاستفادة من امتياز الترقية في مناصب عملهم وذلك لتحسين رواتبهم عند التقاعد على الأقل".