مسرحية "المتّهم"..أحسن عرض متكامل    سفير مملكة ليسوتو يثمن مساعدة الجزائر لدعم جهود التنمية في بلاده    أبو عيطة وعقب استقباله من قبل رئيس الجمهورية،عبد المجيد تبون: فلسطين ستنال عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بفضل إصرار الجزائر    في عمليات عبر النواحي العسكرية من 18 إلى 23 أبريل الجاري: إحباط محاولات إدخال 78 كيلوغراما كيف قادمة من المغرب    أشرف عليه عبد الرشيد طبي: تدشين مجلس قضائي جديد في تبسة    الجزائر-تونس-ليبيا : التوقيع على اتفاقية إنشاء آلية تشاور لإدارة المياه الجوفية المشتركة    نقل جثامين الجزائريين المتوفين بالخارج.. توضيح وزارة الشؤون الخارجية    قسنطينة: تدشين مصنع لقطع غيار السيارات ووحدة لإنتاج البطاريات    بروتوكول تفاهم مع الشركة العمانية للطاقة    البنك الوطني الجزائري: أكثر من 12 مليار دج كتمويلات و35 مليار دج ودائع الصيرفة الإسلامية    الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي بالناحية العسكرية الثالثة    29 جريا خلال 24 ساعة الأخيرة نتيجة للسرعة والتهور    وهران.. ترحيل أزيد من 880 عائلة برأس العين    عنابة: مفتشون من وزارة الري يتابعون وضع بالقطاع    شركة طاسيلي للعمل الجوي: تسخير 12 طائرة تحسبا لحملة مكافحة الحرائق لسنة 2024    دراسة مشاريع نصوص قانونية والاستماع الى عروض عدة قطاعات    "عودة مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي تعكس الإرادة الجزائرية لبعث وتطوير السينما"    "العفو الدولية": إسرائيل ترتكب "جرائم حرب" في غزة بذخائر أمريكية    الصّهاينة يواصلون جرائمهم بالقطاع وعمليات إخلاء بالشمال    البوليساريو تدعو مجلس الامن مجددا الى اتخاذ إجراءات عاجلة لتمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير    الجزائر/تونس: الاتفاق على تنظيم يوم إعلامي حول الصيد البحري لفائدة المستثمرين من البلدين    فلسطين: ترحيب بقرار حكومتي جامايكا وباربادوس الاعتراف بالدولة الفلسطينية    فتح صناديق كتب الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس الموقوفة على جامع الجزائر    وزير التربية انتقل إلى عين المكان والعدالة فتحت تحقيقا: إصابة 6 تلاميذ في انهيار سقف بمدرسة في وهران    إهمال الأولياء يفشل 90 بالمائة من الأبناء    عطاف يستقبل رئيس مجلس العموم الكندي    غائب دون مُبرر: إدارة لاصام مستاءة من بلحضري    نصف نهائي كأس الجمهورية: اتحاد الجزائر – شباب بلوزداد ( اليوم سا 21.00 )    مدرب اتحاد الشاوية السعيد بلعريبي للنصر    فيما وضع حجز الأساس لإنجاز أخرى: وزير الطاقة يدشن مشاريع ببسكرة    وزير الداخلية يكشف: تخصيص أزيد من 130 مليار دينار لتهيئة المناطق الصناعية    برنامج استثماري لتفادي انقطاع الكهرباء خلال الصيف    وزير البريد في القمة الرقمية الإفريقية    وزير الإشارة العمومية يعطي إشارة الانطلاق: الشروع في توسعة ميناء عنابة و رصيف لتصدير الفوسفات    وزير الخارجية أحمد عطاف يصرح: الوضع المأساوي في غزة سيبقى على رأس أولويات الجزائر    فيما شدّد وزير الشؤون الدينية على ضرورة إنجاح الموسم    مجلس الأمة يشارك في مؤتمر بإسطنبول    اجتماع حول استراتيجية المركز الوطني للسجل التجاري    الجزائر تشارك في معرض تونس الدولي للكتاب    تأسيس جائزة وطنية في علوم اللغة العربية    مولودية الجزائر تقلب الطاولة على شباب قسنطينة وتبلغ نهائي كأس الجزائر للمرة العاشرة    مباراة اتحاد الجزائر- نهضة بركان : قرار الكاف منتظر غدا الاربعاء كأقصى تقدير    تكتل ثلاثي لاستقرار المنطقة ورفاه شعوبها    الرقمنة طريق للعدالة في الخدمات الصحية    سايحي يشرف على افتتاح اليوم التحسيسي والتوعوي    تمنطيط حاضرة للعلم والأعلام    الوقاية خير من العلاج ومخططات تسيير في القريب العاجل    رجل الإصلاح وأيقونة الأدب المحلي    بلومي هداف مجددا في الدوري البرتغالي    ماندريا يُعلّق على موسمه مع كون ويعترف بتراجع مستواه    إشادة ألمانية بأول تجربة لشايبي في "البوندسليغا"    حج 2024 : استئناف اليوم الثلاثاء عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    منصّة رقمية لتسيير الصيدليات الخاصة    حكم التسميع والتحميد    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    صيام" الصابرين".. حرص على الأجر واستحضار أجواء رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحلم اللذيذ
نشر في صوت الأحرار يوم 23 - 02 - 2008

ألقى بهيكله على السرير، وسحب الغطاء على رأسه، غم عينيه، يريد تغطية كامل جسده، كان فصل الشتاء، والطقس بارد نوعا ما ولكنه استمتع وهو يغمض عينيه تحت الغطاء، وأحس بدفء جميل، هل الظلمة والوحدة والتململ على الفراش يسعد لهذا الحد، أم أنه أشعل أنوارا مفرحة مطمئنة تحت الغطاء•
وهو على تلك الحال من النشوة، كانت الأفكار طيعة، والخواطر ترى دون عناء، واللغة تنساب بسلاسة دون تفوه، يصرخ داخليا بابتسامة خفيفة: من أبسط حقوقي أن أحلم، أن أحلم•••، كان يشعر بلذة رائعة•
قبل أن يلقي بجسده على السرير، إلقاء المرهق الذي عي بحمله، ذلك الإلقاء الذي لا يكلفه إلا منتهى الاسترخاء، والميل نحو السرير، قبل ذلك كان يجلس إلى مائدة في مقهى جميل من مقاهي المدينة، والتي توزعت كراسيها وطاولاتها بترتيب منتظم داخل القاعة، وخارجها بعدد أقل على عكس فصل الصيف، والنادل يدور بين هذه وتلك، وعيناه ترقبانه في حركته المتقنة، كما تتأملان الجدران والبلاط، وماكنة القهوة، واللوحات الجميلة المعلقة، ومن بينها لوحة الأسعار•
ربما تكون هذه المقهى الوحيدة في المدينة التي روادها من ذوي المال والأعمال والمصالح، والأفكار والمسؤوليات•• ولذلك كانت تعج بدخان كثيف•
هو الوحيد الجالس لوحده، طلب قهوة، بعد إحراج النادل الذي وقف أمامه، وكأس ماء لزوم الحال، وكان عليه أن يتمثل واحدا من صنوف الرواد، فالإنسان ينبغي له أن ينفي عن نفسه أي شذوذ عن الوسط الذي هو فيه، فكر، وقرر أن يكون من أصحاب الفكر، فهذا أنسب ومؤونة ذلك أخف وأبسط•
فنجان القهوة، يحط، ويهدأ على المائدة، وانطرحت خلايا مخه حول الفنجان، ولم تلبث طويلا، قدر شم رائحة البن، ورشف الرشفة الأولى، وانتقلت إلى المائدة المجاورة، ثم التي تليها، حتى غزت خلاياه كل الموائد، داخل القاعة، وخارجها في الساحة الممتدة، وفي الطرقات•
عندما يتعلق الأمر بالفكر فلا موانع من حر أو برد•ولا حدود•
صاحب النقال، لا بد أنه ينتظر الأموال التي ستصب في حسابه بداية الأسبوع، أو لعله يتحدث عن صفقته الأخيرة، وذلك الجمع الذي يتوسطه رجل لمعت صلعته من بينهم، وبوجه عريض وبذلة رياضية، يطلع صوت غليظ من وسطهم مع الدخان المتصاعد من أفواههم: المرتبة الأخيرة في البطولة بعد خمس جولات•
بالتأكيد يتحدثون عن كيفية كسب نقاط المباراة الأخيرة، بعيدا عن التدريب والتخطيط، للخروج من المأزق يوم الجمعة•
الجمعة يوم ثقيل، لولا التسلي بالمباريات الرديئة، أحد الأصدقاء يهز رأسه موافقا: أعمل طوال الأسبوع بالمكتب وبنفس الروتين، ولا أحس بأثقل من يوم الجمعة، يوم الراحة يعني، يقال أن يوم الجمعة يوم الحساب والإنسان بغريزته يتضجر من الحساب والمحاسبة، ولعله سر ذلك الإحساس المتناسب إطرادا مع هذه الحالة من الضجر والضيق•
هكذا كان حديث الجماعة التي انزوت في الركن الهادئ الذي خلفه، أما الركن البعيد في الناحية المقابلة حيث جماعة البلدية فلا حديث لهم إلا عن المصلحة العامة والمشاريع المتجددة•
ولا شك أن الضباب المتكون في فضاء المقهى حجب عن مواضيع أخرى كثيرة ومثيرة، وقد يكون في ذلك الحجب بعض الكشف عنها، وعلى كل حال لا يحجب عن خلايا الانسان وقدرته التخيلية شيء•
يلقي بقطعة العشرين دينار، التي اجتذبت رنتها خلايا مخه المنتشرة هنا وهناك كالذباب اللاصق، واستقرت في رأسه قبل أن تستقر القطعة في مكانها، ولما استجمع خلاياه، تذكر أن للذئاب فوائد يجهلها الكثير، إلى جانب أضراره المعروفة•
يعتزم الرجوع إلى البيت، يمشي بخطى متثاقلة، ومغبرة، لا تنشط إلا بحافز يغري بالإتباع، وينبه إلى ذرات الغبار التي غزت الحذاء وأسفل السروال••
في الطريق يصادف بعض الأصدقاء، يصطحبونه إلى المقهى المعتاد، قبل أن يجلس حدق في جوانبها، وجدرانها وموائدها، ووجوه روادها، حدق كأنه لأول مرة يلجها، لم يشارك أصدقاءه الحديث إلا بطلب القهوة، وغاب فيما شغله: هذه المقهى لا تختلف عن الأخرى كثيرا إلا أنها أكثر ضجيجا، وفنجان القهوة هنا بالنصف هناك، ولا فرق غير تلك الأصباغ والطلاء التي زينت جدران الأولى وعرصاتها وموائدها، ووجوه بعض روادها، والمرايا المعلقة في أماكن مختلفة، حتى يتسنى للزبون النظر إليها أكثر مما ينظر إلى صديقه الذي يقابله، لا فرق حتى في كثافة الدخان المتصاعد، ولا في المنفضات التي توزعت على الموائد هنا وهناك، إلا اختلافا بسيطا في نوع وطول ولون أعقاب السجائر•
ينتبه، ويضع ملعقتي سكر في فنجانه، ويرتشف قليلا، ويهمس إلى أصدقائه: على كل حال لا أستطيع أن أكمل معكم، منذ حين شربت قهوة بأجمل مقهى في المدينة فإلى اللقاء، وقام بنشاط وحيوية، كأن دما جديدا ضخ فيه، فحرك قدميه بخفة، لقد راودته فكرة ووسوسة الكتابة•
فتح باب غرفته، وارتمى مكانه، أسدل الغطاء عليه وأغمض عينيه: - من حقي أن أحلم، ولكن ليس لي مال ولا أعمال ولا مسؤولية ولا مصالح•• فقط هدأة النوم، والحلم اللذيذ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.