ألم نقل إن مهمة الإبراهيمي لحل المشكل السوري صعبة إن لم تكن مستحيلة، وأن الرجل راهن بوزنه وسمعته الديبلوماسية في لعبة قذرة؟! فلا المعارضة السورية موحدة على مشروع وطني يستحق الدعم، بل بالعكس تعد المجتمع السوري بمستقبل مظلم إذا ما نجح التيار الأصولي، وتمكنت القاعدة من التجذر في سوريا، ولا النظام تخلى عن شيء من تصلبه وأعطى أملا بالتغيير المأمول... الإبراهيمي خرج أمس من قصر الأسد مثلما دخل فاتحا الباب للمزيد من الحيرة والمزيد من التساؤلات.. ماذا فعل الإبراهيمي؟ وهل نحن أقرب إلى السلم، أم أقرب إلى المزيد من المجازر والمزيد من التدمير؟! كلام عام قاله الإبراهيمي، أمس، عندما خرج بعد مقابلته الأسد، حيث قال: ”كلمت الأسد عما سمعته وما رأيته في المنطقة وخارج المنطقة، عن الخطوات التي يمكن أن تتخذ لمساعدة الشعب على الخروج من هذه الأزمة، وعن أن الوضع لا يزال يدعو إلى القلق (...). لا شيء يفرح القلب، ولا شيء يوحي بأن شلال الدم السوري سيتوقف بعد مرور الإبراهيمي من هنا... لم يتطرق الإبراهيمي إلى ما قالته بعض الصحف الدولية أمس، بأن روسيا وأمريكا اتفقتا على أن يشكل الأسد حكومة مؤقتة، وأن يبقى على رأس سوريا إلى غاية تنظيم انتخابات رئاسية سنة 2014 شرط ألا يترشح... هب أن الأسد قبل بهذا الحل، الذي قالت ”لوفيغارو” إن الإبراهيمي حمله إلى الأسد، فمن يظن أن المعارضة ستضع السلاح، وهي التي اخترقت هدنة عيد الأضحى، فليس هناك من يقدر على لجم عناصر القاعدة التي جاءت من كل بلدان المنطقة لتقوم بالجهاد ضد ”كفار سوريا” وتنشر الدين الحنيف في بلاد الزنادقة! وهل ستقبل قطر التي تسعى للإطاحة بالأسد وترفض أية لغة أخرى غير لغة السلاح وخلط الأوراق، بهذا الحل؟ فحتما ستسعى لمنع المعارضة من القبول بهذا الشرط الذي سيطيل من عمر الأسد أشهرا أخرى على رأس بلاد مدمرة بنسبة 60٪ وهي ترى نفسها أقرب إلى الانتصار، ويردد إعلامها يوميا أن نظام الأسد اقترب من نهايته. لكن إذا نجح الإبراهيمي في إقناع الأسد والأطراف الأخرى بتبني الحل الذي يتمناه الشعب السوري ويتطلع إليه مثلما قال، فهل سينجح في حماية سوريا من صراع طائفي بعد سقوط الأسد، مثلما يحدث الآن في العراق، ومثلما يحدث أيضا في ليبيا بين مختلف القبائل الليبية؟ ألم يفتح الصراع السوري-السوري الذي حطم البنية التحتية السورية، وزرع الأحقاد الطائفية في هذا البلد، السبيل لتحقيق مخطط صهيوني يعود إلى ما بعد حرب الستة أيام (67) والذي سعت إسرائيل لتحقيقه، بحيث تشتت سوريا طائفيا يسهل عليها ليس فقط ضمان دوام سيطرتها على الجولان المحتل، وإنما أيضا ابتلاع المزيد من أراضيها بضم دمشق نفسها إلى مملكة ”يهوذا” الحديثة، الحلم الذي طالما راود مؤسسها بن ڤوريون وجنرالاته من بعده!؟