إهمال الاقتصاد المؤسساتي بسبب توجيه 70 بالمائة من الميزانية للمنشآت القاعدية أرجع الخبير في الشؤون الاقتصادية، عبد الرحمان مبتول، التأخر الفادح في إتمام برامج المخطط الخماسي 2009/ 2014 في الآجال المقررة لها، إلى عدم وجود سياسة اقتصادية واضحة من شانها رسم الخطط والمشاريع على ضوء معطيات واقعية تستند إلى دراسات اقتصادية وتقنية، إلى جانب المراقبة والتحكم في إنجاز المشاريع التي يتم الإعلان عنها دون أن تجد طريقها نحو التجسيد. وقال المتحدث، أمس في اتصال مع ”الفجر”، أن نفس الأخطاء المرتكبة في المخطط الخماسي السابق تتكرر خلال المخطط الحالي، مذكرا بأن السلطات العمومية نفسها اعترفت عند نهاية المخطط 2004 2009 بأن حوالي 50 بالمائة من مشاريعه لم تنجز، وأشارت الحكومة حينئذ أن البرامج غير المنجزة ستحال على المخطط التالي، ما جعل الوزارات المعنية بإنجاز برنامج الرئيس في سباق مع الوقت لاستدراك التأخر المسجل. وذكر الخبير الاقتصادي أن السلطات العمومية مطالبة بإنجاز ما يتراوح بين 30 و40 بالمائة من مخطط الخماسي في اقل من 5 أشهر، الأمر الذي لا يمكن أن يتم بأي شكل من الأشكال، وهو الأمر الذي يفرض أيضا تأجيل تسليم المشاريع إلى إشعار آخر، يكون بدون شك خلال البرنامج الخماسي المقبل، قبل أن يضيف أن التأخر المسجل يفسر ما عبر عنه ”بعدم تعامل السلطات بشفافية وشجاعة في تقديم حصيلة الإنجازات”. وأشار عبد الرحمان مبتول بالمقابل إلى أن 70 بالمائة من الغلاف المالي الذي بلغت 286 مليار دولار وُجهت لإنجاز مشاريع البنية التحتية والمنشآت القاعدية، التي لم تستفد منها بشكل مباشر المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الوطنية على الرغم من كونها المحرك الفعلي للاقتصاد، أوضح كذلك أن التعديل الذي عمدت إليه السلطات في مجال التنظيم السياسي عبر خلق منصب الوزير الأول بدلا من رئيس الحكومة، كان له تأثير على سير المشاريع بالوتيرة المطلوبة، إذ قال بأن هذا المنصب لا يخول للوزير الأول اتخاذ القرارات على اعتبار أنه يقلص من صلاحياته بالمقارنة مع دوره كرئيس للحكومة. واستدل خبير الشؤون الاقتصادية في تبريره لطرح عدم وضوح السياسة الاقتصادية بواصلة اعتماد الحكومة على ما يذره الريع البترولي وتبعيّتها المستمرة لأسعار النفط في السوق الدولية، وعلى الرغم من أنه قال إن تقارير منظمة الدول المصدرة للنفط ”أوبك” ذكرت أن متوسط الأسعار التي تعاملت بها الجزائر في سنة 2013 بلغ 125 دولار للبرميل، فقد أشار إلى الجزائر ستوجه كارثة حقيقية في تغطية حاجياتها في حالة نزول الأسعار إلى ما دون 95 دولار، ما يؤكد أن النفقات الضخمة التي سُخرت لإنجاز المخطط الخماسي لم تنجح في تجسيد المشاريع كما لم تتمكن من بناء اقتصاد مؤسساتي قوي.