أنتظر بزوغ مشروع فني عربي موحد لأكون أول المتطوعين ”من بغداد جئت أحمل بوسة حب، إلى جزائر العز والمجد، يا بلد المليون شهيد، و يا من عانق نبضك كل وريد..” بهذه العبارات فضل الفنان العراقي المبدع صاحب الحنجرة الذهبية رضا العبد الله خلال حديثه معنا على هامش السهرة الثالثة من مهرجان جميلة العربي طبعة 2013، مؤكدا أن الوطن العربي من المحيط الأطلسي إلى بحر العرب والخليج العربي وطن واحد تجمعه أغنية واحد مستوحات من ضمير فني يحمله أصحاب الغيرة في زمن تشرذم فيه الشمل، لكن من يعيد السكة يتساءل رضا إلى سابق عهدها إلى زمن الفن الجميل أين كانت للفن كلمته المؤثرة لأكون جزءا من هذا العمل؟. عن هذا التساؤل، وجديد رضا ونظرته إلى الفن وأمور أخرى خص رضا ”الفجر” بحوار فتح فيه قلبه وصرح عن ما بجعبته من آمال وآلام صاحبته في مسيرته الفنية. بداية، رضا القساوة والفقر إلى النجومية كيف كانت هذه الرحلة؟ هي رحلة مثيرة حقا، علمتني معنى التحدي و الطموح الذي يتوج في الأخير بالنجاح، كانت لظروفي المعيشية الصعبة كوني ترعرعت في عائلة فقيرة الأثر الكبير في تكوين شخصيتي التي تحمل بعض المبادئ التي لم أتخلى عنها ما حييت، لأن الذي برز من رحم القساوة دائما يكون صاحب مبدأ وفكرة يجسدها بطرق كثيرة، من بينها الفن عامة والغناء بصفة خاصة وهي حكاية الفنان رضا. شاركت في تظاهرات فنية عدة بالجزائر، ماذا تقول عن الجزائر؟ كلمتي للجزائر قلتها على الخشبة في هذه السهرة الثالثة من سهرات مهرجان جميلة الذي شاركت فيه للمرة الثانية، وأقصد بهذا الكلام أغنية ”البيت بيتي” والتي ألقيها لأول مرة على مسامع جمهوري، حيث أقصد بالبيت الجزائر التي اعتبرها حقا بلدي الثاني بعد العراق، فلو لم أكن عراقيا لوددت أن أكون جزائريا. أما فيما يخص الفن الجزائري فأنا مولع بالعديد من الفنانين، وعلى رأسهم الفنان القدير رابح درياسة، الذي سأدخل من خلاله أحد أغانيه مجال الأداء باللهجة الجزائرية. ما هي الأغنية المفضلة من منتوجكم الفني؟ كل أغاني بلادي (يسكت قليلا ثم يضيف) أنا منذ أن صممت على لتباع طريق الفن في حياتي و مبدئي الأساسي هو خدمة بلادي قضايا عن طريق الفن، ولو تطلب مني الأمر التضحية من أجل العراق فذلك أهون على نفسي، والفنان الذي لا يغار على وطنه لا يستحق الحياة وترميه في الأخير الأمواج العاتية إلى الشاطئ في بحر الفن، فهناك فنانين باعوا هويتهم بأبخس الأثمان لكن الزمن كفيل بإعادة كل المياه إلى مجاريها فلا يبقى إلا أصحاب المبادئ في نهاية المطاف. هل تلقيت عراقيل في مسيرتك وأنت على هذا النهج؟ صحيح أنا تلقيت عراقيل كثيرة، والسبب الذي جعل معظم الفنانين ينحرفون عن الطريق الصحيح هو تلك العراقيل، لكن رضا أصر على اتباع نفس المنهج و رغم محاولات عديدة في العراق لم أتمكن من الظهور إلا بعد تنقلي إلى دبي سنة 1996 أين بدأ بريق النجومية يبزغ عليا وبدأت في الظهور، بعدما ألقيت أول أغنية بمراعاة شركة من الإمارات. لكن الأمر الذي كسبته من ذلك الإصرار في العراق رغم العراقيل هو الاحترام لدى العراقيين، وهو الغاية الكبيرة التي أسعى للحفاظ عليها ما حييت، فلا فائدة في ناطحات سحاب شيدت على رماد لأنه يأت يوم تنهار في رمشة عين. بهذا الحديث يقال إن رضا قدم أغنية للعراق أيام الطائفية وقوبلت بالرفض، حدثنا عن هذه التجربة؟ هي حادثة حقيقية حدثت لي في مشواري الفني، والتي لا أنساها ما دمت حيا، هذه الواقعة جعلتني أثبت أكثر على مبادئ التي رسمتها لمساري الفني في العراق و خارجه، ففي ذلك الوقت يعني وقت الطائفية كان من المجازفة أن تقدم شيئا من الفن له حساسية، حتى أني تلقيت نصائح من طرف زملائي للتراجع عن هذه المغامرة لكني مصر. والأمر الذي جعلني أتحدى هو عدم الخوف، من ماذا يخاف رضا في ذلك الوقت: العودة إلى الفقر أنا جربت الفقر ولا أخشى منه، يقال عني أني متمرد، سبق أن قيل، فلابد أن نهب جميعا فالفنان الذي لا تكن له كلمة في شأن أمته حقيقة بالنسبة لي عليه تحفظات، لا يجب أن نغني فقط للحب بل يجب أن نهتم أيضا بقيا أمتنا و نحن نعيش أزمات لم يسبق أن عاشتها الأمة العربية من قبل. وللأسف الاختلافات طالت حتى الفنانين، والأكثرية منهم يهرب إلى الخارج في وقت الأزمات، وهو ما تجلى فعلا في زمن ما يمسى بثورات الربيع العربي. لكن كيف يجب أن نهب كفنانين لخدمة قضايانا برأيكم ؟ أنا لا أحاسب فنانا لوحده وأقول له ماذا قدمت أنت بفنك لقضية وطنك، بل يجب أن يكون هناك مشروع فني عربي موحد، تستنهض من خلاله الهمم ضمن ضمير سليم يعيد السكة إلى مسارها المعهود الذي يعرف به الفن العربي الجميل في غابر الزمن، فالوطن العربي يجب أن تجمعه أغنية واحدة، وأنا كفنان أنتظر أي مبادرة للتوحيد الكلمة الهادفة لكي أكون أول المتطوعين. ما هو جديد الفنان رضا العبد الله؟ هناك ألبوم جديد يضم 9 أغان، حيث تم عرض إحداها مع فنانة بلغارية نالت جائزة في مسابقة فنية نظمت بدول البلقان، إضافة إلى أعمال فنية جديدة صورتها في كورديستان العراق، يرتقب أن يفرج عنها في الأيام القليلة القادمة. وعن الموضوع الذي تدور حوله هذه الأعمال طبعا هو دعم قضايا العراق، وكذا استهداف منطقة كردستان من أرض العراق التي أرى منها مستقبلا كبيرا قد تكون خلقا لبغداد، نظرا للمعالم الفنية والاجتماعية وحتى الاقتصادية للمنطقة.