الرئيس يؤكّد التزام الجزائر    عسلاوي تشارك في المؤتمر العالمي للعدالة الدستورية    حيداوي يبرز ضرورة تعزيز وعي الشباب الجامعي    انطلاق تسجيلات الطلبة الجزائريين    القمع الاستعماري محور ندوة تاريخية    إبراز الدور الريادي للإعلام الوطني    تسهيلات لفائدة المستثمرين والمنتجين    56 ألف إصابة بالسرطان في سنة واحدة بالجزائر    صالون الجزائر الدولي للكتاب يفتح أبوابه في طبعته ال28 تحت شعار "الكتاب ملتقى الثقافات"    جامعة سوق أهراس تنجح في ترسيخ ثقافة المقاولاتية والابتكار    ضرورة تعزيز سيرها بالشكل الأمثل وضمان فعالية أدائها    توغل قوات تابعة للجيش الصهيوني    استشهاد 3 فلسطينيين برصاص الاحتلال الصهيوني    أكثر من 779 مليار دج قيمة الميزانية المخصصة للقطاع    تساهم في "توجيه السياسات الصحية بصورة أكثر دقة وفعالية"    غيليزان : 31 جريحا في حادث مرور    حددنا مدة شهر بغرض منح وقت كاف للراغبين في التسجيل"    يوم استعاد الجزائريون صوتهم وصورتهم    يربطان الجزائر بغوانزو الصينية وروتردام بهولندا    النفط يتراجع إلى (65.68 دولارا)    مقتل الآلاف وعمليات اختطاف في مجازر مروّعة    63 عاماً من السيادة الوطنية على الإذاعة والتلفزيون    عملية ناجحة للشرطة بغرداية    ميسي يتطلّع لمونديال 2026    الجزائر حريصة على تعزيز التنسيق حول القضايا الثنائية والقارية    نقص العقار أثّر على عدد السكنات والجانب الفني    غياب الضبط يهدد سوق الزيوت الطبيعية    توقيف 25 مجرما خلال مداهمة    اكتشاف محل حجامة ينشط بطريقة غير قانونية    الفرنسيون يتحسّرون على غياب غويري عن مرسيليا    700 عملية دفع مستحقات إلكترونيا    جريح في انحراف سيارة    "الطيّارة الصفراء" يتوّج بثلاث جوائز في كندا    المهرجانات الثقافية محرّك اقتصادي للمدن المستضيفة    الفكر والإبداع بين جيل الشباب وثورة الذكاء الاصطناعي    "دينامو زغرب" يستعد لشراء عقد بن ناصر من ميلان    سأضحي لأجل الجزائر وأحقّق حُلم جدي    الدكتور مصطفى بورزامة: الإعلام الجزائري منبر وطني حرّ وامتداد لمسار النضال    الفلاحة رهان الجزائر نحو السيادة الغذائية    اتفاقية تنظم عملية تبادل البيانات    وزارة السكن تتحرّك لمعالجة الأضرار    سياسة الجزائر نموذج يحتذى به    التلقيح ضروري لتفادي المضاعفات الخطيرة    بطولة الرابطة الثانية:اتحاد بسكرة يواصل التشبث بالريادة    المهرجان الثقافي للموسيقى والأغنية التارقية : الطبعة التاسعة تنطلق اليوم بولاية إيليزي    كأس افريقيا 2026 /تصفيات الدور الثاني والأخير : المنتخب الوطني النسوي من أجل العودة بتأشيرة التأهل من دوالا    إبراز اهتمام الجزائر بالدبلوماسية الوقائية لإرساء السلام في العالم    المنافسات الإفريقية : آخرهم مولودية الجزائر .. العلامة الكاملة للأندية الجزائرية    مباشرة حملات تلقيح موسعة ضد الدفتيريا بالمدارس    البوليساريو ترفض أية مقاربة خارج إطار الشرعية الدولية    ميزانُ الحقِّ لا يُرجَّحُ    ضرورة إدماج مفهوم المرونة الزلزالية    الشبيبة تتأهل    شروط صارمة لانتقاء فنادق ومؤسّسات إعاشة ونقل الحجاج    ما أهمية الدعاء؟    مقاصد سورة البقرة..سنام القرآن وذروته    فضل حفظ أسماء الله الحسنى    معيار الصلاة المقبولة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة الأوكرانية.. طهران تلتزم الصمت
نشر في الفجر يوم 15 - 03 - 2014

تنأى طهران بنفسها عن الحدث الأوكراني، وتلتزم الصمت، بانتظار جلاء الأمور، واتضاح مشهد المواجهة وشكلها بين روسيا والغرب، التي ستنعكس مباشرة عليها، لذلك تحصن طهران نفسها بالابتعاد عن اتخاذ أي موقف أو قرار يحسب عليها مستقبلا من قبل أطراف المواجهة في أوكرانيا.
حتى الساعة، تراقب طهران بريبة، التدخل الروسي شبه العسكري، في شرق أوكرانيا وجنوبها، وخصوصا في القرم. وتتوقع رد فعل أميركيّا - أوروبيّا على هذا التدخل. بموازاة ذلك، ينتابها قلق من انسحاب رد الفعل الدولي هذا على سوريا، الذي يشابه ما أقدمت عليه موسكو في القرم.
تخشى طهران أن تتخذ واشنطن من التدخل الروسي في الأزمة الأوكرانية ذريعة للقيام بأمرين أحجمت عنهما سابقا؛ تقديم سلاح نوعي للمعارضة السورية بغطاء عربي وإقليمي، أو تدخل عسكري ما، حظر جوي مثلا، خارج إجماع مجلس الأمن، وهو الإجماع الذي عطلت موسكو بسببه قرارات الأمم المتحدة ثلاث سنوات من عمر الأزمة السورية، باعتباره ضرورة تسبق أي تدخل دولي في الشؤون الداخلية لأي دولة. وهو بنظرها خروج عن قواعد اللعبة، قد يؤدي إلى رحيل نظام الأسد المتهاوي أصلا، ويتسبب في خسارتها ورقة رابحة تؤمن لها موقعا متقدما في الترتيبات الإقليمية المقبلة. كما لم يعد مستبعدا في طهران، عودة نشطاء الحركة الخضراء إلى ساحات وشوارع المدن الإيرانية، فالنموذج الأوكراني ماثل أمام عينها، حيث استطاع البرتقاليون إسقاط نظام يانوكوفيتش في الشارع، بعد محاولته فرض نهج سياسي يخالف رغبات أغلب الشعب الأوكراني، وما على الأطراف المتشددة في النظام الإيراني، التي تحاول عرقلة التحولات السياسية البطيئة التي يقودها الرئيس {المعتدل} الشيخ حسن روحاني، الذي وصل إلى سدة الرئاسة بأصوات الإصلاحيين ودعمهم، إلا أن تعيد قراءة حساباتها بحذر، وتتجنب اتخاذ أي قرار يثير الرأي العام الإيراني، ويدفعه إلى الشارع مجددا من أجل الدفاع عما لديه من مكتسبات مهما كانت بسيطة.
إضافة إلى أن هاجس المحافظين من تكرار النموذج الأوكراني في إيران، أصبح أداة قوية يستخدمها ثلاثي المواجهة في طهران (رفسنجاني - روحاني - ظريف” في معركة الدفاع عن مصالح الشعب الإيراني بوجه قرارات التيار المحافظ المتشددة، حيث تحاول بعض أجنحته الراديكالية عرقلة الاتفاقية النووية مع الغرب، وتعطيل التقارب مع أوروبا، وتأخير رغبة أغلبية الشعب الإيراني في التطبيع مع واشنطن، وهذا لا يختلف كثيرا عن قرارات اتخذها يانوكوفيتش عكس رغبات الشعب الأوكراني، برضوخه للضغوط الروسية، ورفض توقيع اتفاقية التعاون والشراكة مع الاتحاد الأوروبي، التي علق عليها الأوكرانيون الكثير من الآمال.
لعل الإرباك الإيراني من المشهد الأوكراني كان أحد المحفزات التي شجعت ناشطات إيرانيات من الحركة الخضراء، من بينهن والدة المدون الإيراني ستار بهشتي، الذي توفي في السجن في ظروف غامضة بعد أسبوع من اعتقاله، على تلبية الدعوة للقاء منسقة السياسات الخارجية في الاتحاد الأوروبي أثناء زيارتها طهران، مما دفع الخارجية الإيرانية إلى توجيه مذكرة تحذير للسفارة النمساوية في طهران، واعتبار المتحدثة باسم الخارجية مرضية أفخم، أن {هذه الأعمال تؤدي إلى المزيد من الشكوك بين شعبنا والغرب وتضر بالعلاقات بين إيران وأوروبا}.
من جهة أخرى، يرى دعاة التفاهم مع أميركا وأوروبا في طهران، أن الأزمة الأوكرانية سوف تنتهي بتراجع موسكو عن الكثير من مواقفها، وتعيد دور الكرملين الخارجي إلى حجمه المنطقي، وسيؤدي إلى انتباه موسكو إلى أن شروط المواجهة وأدواتها غير متوفرة مع الغرب، وسيفتح الطريق أمام طهران للتخلي التدريجي عن تقاربها مع موسكو، والسير بخطوات أسرع تجاه بناء الثقة مع واشنطن، واستغلال فرصة بحث الأوروبيين عن بدائل للغاز الروسي، وإمكانية أن يكون الغاز الإيراني أحد المصادر البديلة، ولو في مرحلة متأخرة، لضعف القدرات الإيرانية حاليا في إنتاج الغاز والنفط بسبب العقوبات، إضافة إلى طموح طهران بأن تكون شريكة في مشروع خط أنابيب ”نابوكو” لنقل الغاز من آسيا الوسطى وحوض بحر قزوين إلى أوروبا عبر تركيا.
قبل قرن مضى، كاد الشعب التركي يدفع ثمن خيار السلطنة العثمانية، بوقوفها إلى جانب دول المحور في الحرب العالمية الأولى، فواجهت الدولة التركية الفتية ما بعد السلطنة مشاريع تقسيم التركة العثمانية من قبل الدول المنتصرة في الحرب، وعانت الكثير من أجل تجاوز خسائرها والحفاظ على كيانها، وبعد قرن على واقع عالمي فرض خيارات صعبة على الدولة العثمانية، تقف طهران أمام متحول عالمي جديد.. متحول لن يسمح لموسكو بالعودة إلى حقبة توازنات الحرب الباردة، لا بل يرغب في القضاء على ما تبقى من رواسب تلك المرحلة، مما يحتم على طهران الانحناء أمام تداعيات العواصف الأميركية المقبلة، من أوكرانيا ومن سوريا، التي سوف تفرض شروطها على مستقبل المنطقة، ويضع طهران أمام خيارين؛ إما الدفاع المكلف عن نفوذها الذي لم يعد مقبولا، وإما القبول بدور بناء لكنه محدود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.