قدمت، سهرة أمس، فرقة من طلبة وخريجي معهد برج الكيفان لمهن وفنون العرض السمعي البصري، العرض الشرفي لمسرحية ”المادة 146” للمخرج وليد بوشباح، وهو العرض الذي تناول إشكالية وراثة المرأة في 50 دقيقة. وأدى أدوار المسرحية غزال العلوي في دور الأم الأرملة التي تريد بسط سيطرتها على البيت وبنتيها، وزينب أحمدو في دور البنت الصغرى ”نوال” التي تعيش تجربة حب سرية تسعى أمها إلى إنهائها، ولامية كوجلي في دور البنت الكبرى ”حياة” الفتاة الأقرب إلى الإذعان والاستسلام. وتؤدي الممثلات الثلاث أدوارهن ضمن منزل أسود من قماش، بنافذتين وباب جسدهما الضوء، ويمثل كرسيان كل أثاث المنزل، وهو ديكور مقصود لتأكيد حزن الأم الأرملة على زوجها وعدم قدرتها على الانعتاق من ذكراه. وعلى عكس الأم تسعى الفتاتان بتفاوت نحو التحرر من واقعهما القاسي الذي تبدو الأم أحد أهم عوامله، فتحاولان مرة بالرفض السري لأوامر الأم ومرات بأحلام اليقظة التي تقطعها الوالدة الحازمة. وتكرر الأم غير مرة أنها ترفض أن يستولي أقارب زوجها على تركة زوجها، لدرجة أنها ترفض تزويج ابنتها الكبرى من أحد أبناء عم زوجها، رغم أن البنت أبدت سعادتها بالخبر. ويظهر أن الأم مرعوبة على التركة أكثر من حرصها على سعادة بنتيها. في النهاية تتمرد البنتان وتتركان البيت رافضتين العودة رغم محاولة الأم منعهن، لتبقى الأخيرة وصايا زوجها للحفاظ على بنتيه وصونهما، وهو الأمر الذي لا يبدو أنها فهمته بمنعهما من الزواج ومحاولة حبسهما مع تركته. واستطاع الموسيقي الشاب غيلاس تركي أن يكون بصمة مميزة من خلال تقديمه لقراءة وترية للمشاهد عبر غيتارته، كما نجح المخرج في اختياره للسينوغرافيا البسيطة المعبر الذي اعتمد الأسود من خلال القماش، والقليل من الأبيض - نافذتان وباب - من خلال الضوء. ويعاب على المسرحية أنها لم تقدم أي مرحلة ذروة طيلة عرضها خمسين دقيقة من العرض، فكان مسارها هادئا مسطحا، الأمر الذي يصعب أداء الممثلات اللائي قل انفعالهن رغم ضرورته في بعض المشاهد. المسرحية لم تكن اقتباسا حقيقيا، فرغم أن مقدمي المسرحية اعتبروها اقتباسا من مسرحية غارسيا لوركا الشهيرة ”بيت برنادا ألبا”، إلا أن ما تم تقديمه هو عمل مختلف تماما يتنافى مع الاقتباس. وتبقى الإشارة إلى أن العنوان الذي أختير للمسرحية ”المادة 146” مأخوذ من قانون الأسرة، حيث تشير هذه المادة إلى من يرث ثمن التركة وهو ”الزوجة أو الزوجات عند وجود الفرع الوارث”، ويبقى استخدامها غير منسجم مع محتوى المسرحية.