ألم أقل إنه كثرت الأطماع في البحبوحة المالية المزعومة التي قيل إن الجزائر تتمتع بها، والتي يحاول البعض تسويق صورة مربحة عن الجزائر عبر الترويج لها؟! ها هو رئيس الحكومة الإسرائيلية الصهيوني ناتنياهو يريد هو الآخر أخذ نصيبه من الكعكة، فقد تداولت مواقع إخبارية أن الرجل ينوي رفع دعوى ضد الجزائر لتعويض اليهود المرحلين من بلادنا قسرا سنة 1948. أولا الجزائر لم ترحّل يهودا قسريا إلى إسرائيل سنة 1948 ولا بعدها، لأنها كانت تحت الاستعمار الفرنسي، وإن كان هناك ترحيلا ما فالمسؤول عنه هو فرنسا. وكان على ناتنياهو أن يرفع دعواه ضد فرنسا ويطالب بالتعويض منها وليس من الجزائر. لكن يبدو أن الرجل لم يدرس التاريخ، وكل ما يهمه هو نهب نصيب من مال الجزائر الذي صار مباحا للجميع إلا للجزائريين، وهو يدري أنه قد ينجح في ألاعيبه في هذا الوقت الذي هناك من هم مستعدون لشراء “حب” الجميع ورضاءهم حتى ولو كان الأمر يتعلق بإسرائيل. ثم إن يهود الجزائر الذين رحلوا بعد الاستقلال أو خلال الثورة التحريرية سواء إلى فرنسا أو إلى إسرائيل، رحلوا بناء على خيارات شخصية عندما اختاروا الوقوف إلى جانب فرنسا ضد الثورة التحريرية. وقد خسروا رهانهم مثل الكثير من الجزائريين الحركى. وبالتالي فهم يتحملون نتيجة خياراتهم. لكن هناك يهودا اختاروا الوقوف إلى جانب الجزائر وما زال بعضهم بيننا يتمتعون بجزائريتهم، وإن كانوا اليوم يعيشون هويتهم في صمت وفي الخفاء بسبب الأوضاع الأمنية وتعاظم التيار السلفي الذي استهدف جميع من وقفوا في وجه الدولة الدينية. الخوف كل الخوف أن نسمع لاحقا أن هناك من استجاب لمطلب الدولة الصهيونية ومستعد لتعويض ممتلكات اليهود الذين هجروها طوعا أو من هجرتهم الدولة الفرنسية، خاصة أثناء حكومة فيشي الخائنة، مثلما سمعنا مؤخرا أن هناك نية لتعويض الأقدام السود الذين هجروا الجزائر طواعية، غداة الاستقلال تاركين أملاكهم شاغرة، مع أن اتفاقيات إيفيان حمتهم وحمت ممتلكاتهم. وكان من المفروض أن يتعاون الجميع، جزائريين وأوروبيين، لبناء الجزائر المستقلة، لكنهم هربوا وفي تصورهم أنهم بحرمان الجزائر المستقلة من خبراتهم وأموالهم ستقع البلاد في أزمة، فتركوا المزارع والمصانع والمؤسسات بدون عمال وموظفين، والمدارس من غير أساتذة، لكن الجزائر الفتية واجهت النقص، ونجحت في رفع تحدي الدخول المدرسي وفي إدارة عجلة الاقتصاد ومواجهة الشغور. الخوف قلت أن يخرج علينا من يعترف لليهود بهذه الحقوق المزعومة ويتخذ قرار التعويض في شهامة مشبوهة وبحثا عن رضا القوى الكبرى، وستكون يومها الكارثة، فالجزائر اليوم تشبه الأرملة الغنية، الكل يطمع في ثروتها، والكل يخطب ودها!؟