”رحيق المشموم في كيوس المنظوم” و”منجد الملحون”، أعمال قام بتأليفها عبد الحليم محمد طوبال، قاموسين للشعر الملحون في الجزائر يتكون من جزئين، الأول ضم 3 آلاف كلمة والجزء الثاني ألفي كلمة. وتحدث بن طوبال عن تدعيمه للمنجد بمخطوطات نادرة تعود إلى أربعة قرون ومخطوطا للحاج محمد العنقا، يؤكد أنه كان يكتب باللغة العربية ويحوي تصحيحا وإمضاء من أستاذه أحمد بن زكري، ويتعلق المخطوط بأغنية ”محبوبي نمشيلو” التي كتبها سنة 1950. وأكد الأستاذ طوبال المنجد أن الدراسات الاكاديمية أثبتت أن الشاعر كان يعتمد على صوت الحرف وتقنيات استعمال حروف ”أبجد” تغيرت مع معاني الكلمات. الترتيب العبري الأرامي في عهد سيدنا شعيب كان عبارة عن أسماء ملوك ”ابجد” ملك في الطائف و”هوز” ملك في اليمن و”حطي” ملك في نجد. ثم جاء الترتيب المغاربي، حيث يذكر التاريخ قصة حب شاعر لشقيقة عبد المؤمن الموحدي، وكان اسمها ”رميلة”، فأعدمه الموحدي، وبعدها اجتمع الشعراء وتوقفوا عن كتابة شعر الغزل خوفا من الإعدام فغيروا ستة حروف ”صعفص” أصبحت ”صعفض” و”قرشت” أصبحت ”قرست”. حرف السين يعني 300 وحرف الشين يعني 1000، وهي طريقة مهمة للوصول إلى ترتيب كرونولوجي للقصائد والشعراء. من جهته أكد الشاعر الشعبي احمد بوزيان، أن وظائف الشعر الملحون لا يمكن فصلها عن بعضها البعض لأنها وإن تباينت ”إيديولوجية أو سياسية أو أخلاقية أو شعرية وغيرها من الوظائف” قد تتغلب إحداها على الأخرى، ولكنها تبقى في مجملها متلاحمة لأنها تحقق مجتمعة المتعة الفنية. وعرج أحمد بوزيان، خلال محاضرة نشطها في إطار فعاليات الطبعة العاشرة للمهرجان الثقافي الوطني لأغنية الشعبي بقاعة فرانز فانون برياض الفتح، على علاقة الشعر الملحون بالتراث المغاربي عموما والتراث الجزائري خصوصا، مركزا على الدور الريادي الذي لعبه أثناء المقاومة الشعبية ثم إبان الثورة التحريرية، حيث كان ظاهر الشعر فرجة وترفيه وباطنه تربية وتوعية، فكانت تمد الشبام والأطفال بشحنات تربوية بديلة عن المدرسة والمسجد خلال الفترة الاستعمارية. وأشار الشاعر الشعبي في ذات المحاضرة إلى أن الشعر الملحون لايزال صامدا رغم الثورة التكنولوجية التي نعيشها، ذلك أنه شعر إنساني تمكن من إيجاد مسوغات أخرى وانسجم معها فتجلى في الأغنية على اختلاف طبوعها، وعليه لم تنجح الوسائط الاجتماعية في إلغاء أي وظيفة من وظائفه. وختم الشاعر أحمد بوزيان مداخلته بإلقاء عدد من أبرز قصائده بداية بقصيدة في المديح النبوي على طريقة ”العرفاوية” ربحي وسرور القلب، إضافة إلى قصيدة ”الربيعية” كانت لجنة القراءة على مستوى وزارة الثقافة قد اختارتها في ”ربيع الجزائر” مع قصيدة للشاعر قدور بن عاشور.