لاشك أن استعمال الهاتف الخلوي أصبح من الأمور التي لا يمكن الاستغناء عنها عند معظم العائلات والأفراد، سواء رجالا أونساء، شيوخا أوأطفالا.. المهم وأنت تتجول في كل مكان الكل يستعمل الهاتف، خاصة بعد تسهيل عملية تعبئة الهاتف من طرف متعاملي الهاتف المحمول بالجزائر، عبر خدمة فليكسي، ما دفع الكثير من الزبائن إلى استعمال هذه الخدمة بدل بطاقات التعبئة التي لا تقل عن 500 دج. يصطدم الكثير من الزبائن عند دخولهم إلى محلات تعبئة الهاتف النقال والأكشاك متعددة الخدمات، بفرض أصحابها لرسم على قيمة التعبئة يقدر ب10 دج عن كل تعبئة ب100 دج وترتفع حسب المبلغ، ما دفع الكثير من زبائن المتعاملين إلى التساؤل عن شرعية هذه الضريبة؟ وما مدى مطابقتها للقانون؟ وهل هي حق لصاحب المحل أم أن الأمر فيه نوع من الابتزاز؟ وماهي الجهة المخولة لحماية الزبون من مثل هذه الزيادات غير المقننة؟ والتي جنى من ورائها أصحاب محلات ”الفليكسي” ملايير الدينارات. مختلف هذه التساؤلات دفعتنا إلى التجول عبر مدن وأحياء العديد من بلديات المدية للتقصي عن حقيقة ملياديرات 10 دج المسكوت عنهم. البداية كانت من قلب مدينة المدية فمحلات وأكشاك تعبئة الرصيد تنتشر بالمدينة كالفطريات، إذ لا يكاد يخلو حي أو شارع منها. اقتربنا من أحد الأكشاك بوسط مدينة المدية، سألناه عن تسعيرة الفليكسي فأجاب أن التسعيرة بزيادة 10 دج عن كل تعبئة ب100 دج، وترتفع إلى 30 دج إذا تجاوز الزبون سعر 1000 دج. وعند استفسارنا عن سبب هذه الزيادة رد صاحب الكشك أن الأعباء الإضافية هي التي تفرض عليهم رفع قيمة الفليكسي إلى 10 دج. سألناه مرة أخرى إن كان اصحاب التعبئة بالجملة هم من يفرضون عليهم مثل هذه الزيادات، فرد بأن الارباح من الفليكسي لا تتعدى 500 دج في المليون سنتيم، وهي ضئيلة جدا، ما يدفعهم إلى فرض هذه الزيادة التي يتحملها الزبون!. تركنا صاحب المحل واتجهنا الى وسط مدينة بني سليمان شرق عاصمة الولاية، إذ بمجرد دخولنا الى أحد المحلات وسؤالنا عن تسعيرة الفليكسي، ظن صاحب المحل أننا من أعوان الرقابة التابعة لمديرية التجارة، وعند استفسارنا عن السبب صرح لنا أنه منذ أيام تلقى تعليمة من طرفهم بعدم الزيادة في سعر الفليكسي، غير أنه لم يخضع لهذه التعليمة نظرا لقلة هامش الربح، فتجار الفليكسي - حسب ذات المتحدث - لا يجنون من الأرباح سوى 500 دج عن كل تعبئة 10000دج، مضيفا بأنه لو طبق التعليمة فلا يمكنه ربح حتى نصف المبلغ، خاصة أن تعبئات الزبائن لديه لا تتجاوز في غالب الأحيان قيمة 5000 دج يوميا، ما يحتم عليه فرض رسم غير قانوني عن كل تعبئة يدفعها الزبون للرفع من هامش الربح. بينما أرجع حمزة، صاحب محل متعدد الخدمات بمدينة القلب الكبير، رفع التسعيرة، إلى المشاكل الكثيرة حسبه، فمرة يرجع إليه الزبون بعد إتمام عملية التعبئة ويطلب منك إعادة ارسال مبلغ الفليكسي نتيجة عدم وصوله، ومرة يقع الزبون وصاحب المحل في شجار بسبب الخطأ في كتابة رقم الهاتف.. وهذه الأعباء كلها - يضيف حمزة - يتحملها صاحب المحل، وهو ما يدفعنا إلى فرض هذه الزيادة لتغطية التكاليف والأعباء. وبالرغم من أن معظم اصحاب محلات الفليكسي يلجأون إلى الزيادة إلا أننا صادفنا قلة من أصحاب المحلات يتعاملون بنفس سعر التعبئة دون زيادة، فمثلا عبدو، صاحب محل متعدد الخدمات بوسط مدينة القلب الكبير، لا يطبق الزيادة في الفليكسي، فتسعيرته لديه هي بنفس السعر دون زيادة. وعند سؤالنا له حول أرباحه رد أنه يجني ربحا وافرا دون اللجوء للزيادة نتيجة توافد الزبائن عليه لمعرفتهم المسبقة بعدم دفع رسم 10 دج، كاشفا لنا في نفس الوقت أنه يقوم بتعبئة رصيد زبائنه في حدود 20000 دج يوميا، أي بهامش ربح صاف ب 1000 دج، مضيفا أن الفليكسي هو أحد نشاطاته المتعددة داخل الكشك، فهو يقوم بتصليح الهواتف النقالة وبيع اكسسوارات الهواتف وغيرها من النشاطات الأخرى، ما يجعله يرفع هامش ربحه اليومي، كما أن عدم رفع تسعيرة الفليكسي ترجع إلى محاولة كسبه لأكبر قدر من الزبائن.. ونتيجة للأرباح الوفيرة التي يكسبها أصحاب محلات الفليكسي نظير الرسم غير القانوني، لجأ الكثير من أصحاب محلات المواد الغذائية إلى شراء شريحة فليكسي لتوفير ربح إضافي!. من جهتهم، زبائن المتعاملين الثلاثة الذين صادفناهم أجمعوا على غياب الرقابة في هذا المجال، إلى جانب سكوت الزبون عن هذه الزيادة، وعدم تدخل جمعية حماية المستهلك لردع المخالفين، ما فتح الباب واسعا لابتزاز أصحاب المحلات لجيب الزبون. وفي ظل غياب الردع وسكوت هيئات الرقابة على هذا الابتزاز، يبقى أصحاب محلات الفليكسي يجنون أموالا طائلة من وراء فرض هذه الزيادة غير القانونية.