انتظم على مدار يومين بالجزائر العاصمة أعمال ملتقى يبحث تاريخ العلاقات الجزائرية التركية عبر خمسة قرون، بحضور باحثين من البلدين، واستمر الملتقى ليومين تحت عنوان ”العلاقات الجزائرية التركية من العهد العثماني إلى يومنا هذا”، وافتتح جلسات الملتقى، وزير الثقافة الجزائري عزالدين ميهوبي وسفير تركيا لدى الجزائر محمد بوروي، ومجموعة من الباحثين والمؤرخين من الدولتين. وقال ميهوبي، في الكلمة الافتتاحية للملتقى، إن ”هذه لحظة تاريخية في بعدها الثقافي والفكري والسياسي؛ لأن علاقاتنا (تركياوالجزائر) متميزة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وبالتالي لابد أن تأخذ حقها من البحث في بعدها التاريخي”. وتابع: ”هناك عدة قرون من العلاقات بين البلدين هي بحاجة إلى عمل استثنائي من البحث والدراسة لنفض الغبار عنها؛ فالفترة العثمانية لم تأخذ حقها من الدراسة، لكن لاحظنا مؤخرا حركية (تفاعل) سواء على المستوى الرسمي أو الأكاديمي”. ودعا عز الدين ميهوبي إلى ”تكثيف أعمال الدراما حول الحقبة العثمانية، وكذلك فك مضمون المخطوطات (القديمة) للكشف عن جوانب ما زالت خفية بشأنها”، وتساءل: ”لماذا لا يكون أصلا هناك مركز للدراسات العثمانية بالجزائر؟”. من جهته، قال السفير التركي إن ”العلاقات بين البلدين تعيش أقوى مراحلها، وهذا الملتقى سيقدم فائدة عظيمة لهذه العلاقات”. وأوضح: ”نحن متأكدون أن البحوث التاريخية ستمتن العلاقات بين الدولتين؛ لأن لدينا مسؤولية تجاه التاريخ من أجل إضاءة الجوانب المظلمة فيه”. بدوره، أعلن عبد المجيد شيخي، مدير مؤسسة الأرشيف الجزائري (حكومية)، عن ”انعقاد الندوة الثالثة حول التاريخ العثماني بالجزائر نهاية هذا الشهر بإسطنبول”؛ حيث انعقدت الأولى والثانية في وقت سابق من هذا العام. وأضاف أنه سيتم الإعلان خلال تلك الندوة المرتقبة عن تشكيل مجموعة عمل مشتركة بين الجزائروتركيا تتكون من 80 باحثا من الدولتين لإقامة دراسات وبحوث حول هذه الفترة. من جانبه، قال محمد دراج، الباحث الجزائري المختص في الحقبة العثمانية، في مداخله له: ”لا أرى مرحلة ظُلم فيها التاريخ مثل الفترة العثمانية في الجزائر؛ حيث أن الدراسات التاريخية الموجودة قزمتها، وتم تضخيم المساوئ وطمس الإيجابيات، وتم تصويرها على أساس أنها مرحلة لفرض الضرائب ووسفك الدماء والظلم”. وتابع دراج، وهو أستاذ بقسم التاريخ بجامعة الجزائر: ”هناك من يطرح سؤالا خاطئا مفاده هل الفترة العثمانية في الجزائر احتلال؟ فالمدرسة الجزائرية قامت بنقل ما كتبه الفرنسيون حول هذه المرحلة إلى اللغة العربية وبالتالي وقع تضليل بشأنها”. من جانبه، قال أحمد كافاس، سفير تركيا السابق بتشاد ورئيس جمعية باحثي إفريقيا (تركية غير حكومية)، إن ”جزء من ذاكرة الفترة العثمانية في الجزائر فُقدت بفعل تهريب الأرشيف من قبل الاستعمار الفرنسي”. وتابع في حديثه للأناضول على هامش الملتقى أن ”ملف الأرشيف الذي أخدته فرنسا يعد من أهم العوائق أمام كتابة تاريخ هذه المرحلة”. وأوضح كافاس أن ”بقية الأرشيف حول الدولة العثمانية موجود في إسطنبول وهو تحت تصرف الباحثين حيث توجد 200 مليون وثيقة حول حكم الدولة العثمانية منها عشرات الآلاف تخص الجزائر”.