سيصدر عن دار القصبة للنشر رواية جديدة للروائي جيلالي خلاص في ثلاثة أجزاء، تحمل عنوان ”ليالي بلاد الكسكس 2070”. وحسب تصريح ل”الفجر” مع صاحب ”رائحة الكلب”، فإنّ الجزء الأول سينزل إلى المكتبات قريبا، أما الجزء الثاني فسيصدر خلال شهر جانفي، ومع نهاية سنة 2018 سيصدر الجزء الثالث، على أن يتمّ التفاوض مع إحدى دور النشر العربية للتكفل بالطبعة الموجّهة إلى العالم العربي. في البداية يؤكد خلاص أنّ روايته الجديدة ”ليالي بلاد الكسكس” تدور أحداثها في بلد افتراضي سنة 2070، حيث لم يبق من إنتاج البترول سوى 200 ألف برميل يوميا في بلاد البراكسة، بينما كانت بركسة (البلد) تنتج مليوني برميل في اليوم في سنة 2040. والرئيس الذي يقضي في السلطة 20 سنة يريد أن يترشح لولاية خامسة بالرغم من بلوغه 80 سنة من العمر، لكنّ بركسة التي لم تعد تستطيع تقديم الأكل والشرب لأهلها البالغين 70 مليون نسمة، ما أدّى بهم إلى الثورة والانضواء تحت لواء حركة سمّوها (حركة الخبزة). بعدها دخلت البلاد في حرب أهلية دامية، وحدث أن قدم عالمٌ في الكيمياء يحمل ثلاث جنسيات، وهي الأمريكية،البركسية والإيطالية، وقد كان على وشك نيل جائزة نوبل في الكيمياء، إلى بركسة بحثا عن أبيه الطيب عامر وأمه فرانشيسكا، وهي إيطالية الجنسية، وكان والده من مؤسّسي حركة الخبزة. ومن المفارقات أن تقبض إحدى كتائب حركة الخبزة على العالم فوسطو أمين عامر، غير أنّ أخبارا تصلهم تؤكد أنّه حصل على جائزة نوبل في الكيمياء، حينها تُساوم قيادة حركة الخبزة الولاياتالمتحدةالأمريكيةوإيطاليا للحصول على الأسلحة من هذين البلدين من أجل إقامة حظر جويّ على رئيس جمهورية بركسة عمار بوزوار. بعدها تتّخذ الولاياتالمتحدةالأمريكية من ذلك المطلب ذريعة للتدخل في حرب بركسة. وهكذا تُؤسّس مع أوربا حلفا يُسلّم إليه فوسطو عالم الكيمياء، وتقوم طائراتها بإسقاط ما بقي لعمار بوزوار من أسطول جوي، كما تُسلّم الولاياتالمتحدةالأمريكية أسلحة متطورة لثوار حركة الخبزة فينتصرون سنة 2073 على حكومة عمار بوزوار. وعندها يفرّ عمار بوزوار إلى جهة مجهولة، بعضهم قال إنّه قُتل، والبعض الآخر بقي يتساءل عن الجهة المجهولة التي هرب إليها. كان الطيب عامر، كاتب الثورة ومثقفها الأول، قد انتبه إلى جرائم شبوبي بولنوار، فهرب بزورق إلى إيطاليا. وكان يُفكر في كتابة رواية ضخمة عن الثورة، ولم ينو أبدا أن يحصل على منصب في حكومة شبوبي بولنوار. على كلّ حال، عندما يعقد الرئيس الجديد مجلس وزرائه يقول متحدثا عن الطيب الغائب: ”..المثقفون طوباويون ولا يصلحون للحكم.. لم تخسر بركسة شيئا..”. بعد دخول ثوار حركة الخبزة عاصمة الدولة المسماة ”بركوسة”، ويقوم القائد شبوبي بولنوار بتدبير مكائد لزملائه القادة، فيُفجّر بأكبر خمسة منهم مروحية، ثم يقبض على حكيم الثورة ومفكرها الإيديولوجي، عمي علي السوكارجي، ويقتله في السجن من خلال تفجير رأسه داخل الزنزانة بقارورة غاز. وحسب ما كشف عنه الروائي جيلالي خلاص لجريدة ”الفجر”، فإنّ عملية كتابته لهذه الرواية بدأت سنة 2008، أي قبل سنتين على الأقل من بداية ما سُمّي فيما بعد ”ثورات الربيع العربي”، وأنّه كان يتوقع أساسا أن تقوم ثورات في بلاد العرب، ولكن بسبب نضوب البترول، وهو الأمر الذي لم تتحدث عنه الثورات العربية، مع توقع أن تنتشر البطالة والفقر، ما يُؤدي إلى إطلاق شرارة الثورة على الأنظمة الفاسدة. إضافة إلى ذلك، يؤكد خلاص أنّ توقعاته في هذا العمل الروائي، بناها أيضا على العامل الديمغرافي الذي رأى أنه سيزيد من شرارة هذه الثورات واحتقان الأوضاع، حيث يؤدي ارتفاع عدد السكان إلى تفاقم الحالة الاقتصادية وتدهورها، وما يزيد الطين بلة وجود الاستبداد السياسي الذي يجعل الحياة لا تطاق في تلك البلاد. ويشير جيلالي خلاص إلى أنّه في روايته الجديدة ”ليالي بلاد الكسكس”، يأتي أحد قادة الثورة، وهو شبوبي بولنوار، ويتسلّط هو الآخر ويحكم البلاد بيد من حديد، وفي نهاية الرواية يقول: ”ذهب عمار بوزوار وأتاكم شبوبي بولنوار”، في إشارة واضحة إلى أنّ الأوضاع لم تتغيّر، وإنّما الوجوه فقط هي التي تغيّرت. وبعودته إلى الساحة الأدبية بهذا العمل الجديد، يكون الروائيُّ جيلالي خلاص قد أضاف إلى مسيرته الروائية الحافلة بأعمال متميّزة بدأها خلال ثمانينيات القرن الماضي من خلال إصداره لعدد من الروايات والمجموعات القصصية أهمُّها رائحة الكلب (1985)، حمائم الشفق (1986)، عواصف جزيرة الطيور (1990)، حب سلوى (1996)، زهور الأزمنة المتوحشة (2001)، شدو البلابل (2003)، قرة العين (2008).