تختلف الأطباق الرمضانية الحالية بتندوف اختلافا جوهريا عن الأطباق عند ساكنة الأرياف، حيث يتم إعدادها بطرق عادية وغير مكلفة عكس التفكير فيها عند أهل المدينة، الذين يشرعون في جمع العدة قبل حلول شهر رمضان بفترة تتراوح بين 10 و15 يوما. واختصارا لتلك المسافة، ينهمك سكان البدو الرحل بصفة أساسية في تحضير الطحين المسمى عندهم بدقيق الزرع الذي يصنع منه الحسا ، أي الحريرة عند أهل المدينة بفارق كبير بين الطبقين، ف الحسا هو عبارة عن خليط من دقيق الزرع المطحون وقدر معين من الماء يوضع في قدر يسمى المرجن أو القدرة على مناصب وهي قطع حجرية على شكل ركائز ودعائم يوضع فوقها القدر، ويكون حسا البادية التندوفية خاليا تماما من الملح والتوابل، فهو غذاء أساسي بالنسبة لهم يتم تناوله مع التمر المعجون المرفوس بالدهن. وجبة رمضان عادية عند خيمة أهل فضلي وهم سكان رحل فضلوا البقاء في البادية عن النزوح للمدينة بحجة كثرة التكاليف والمستلزمات، حيث لا تتطلب الحياة عندهم سوى ضوء منبعث من القمر وفضاء مفتوح يمنحهم الأمان والاستقرار وبضعة جمال يعيشون من لبنها ولحمها، وقطعان من الماعز يسترزقون منها بأسواق المدينة، إضافة إلى ضرورة توفر الشاي والسكر، وحتى الدقيق الذي يتم من خلاله إعداد خبزة الملة التقليدي من الشعير، ومن هنا تتركز تعدية أهل البادية على شرب الشاي واحتساء الحسا وأكل خبزة مدفونة في عمق التراب. ويعتبر أهل المنطقة شهر رمضان كباقي الشهور تكثر فيها الصلوات والدعاء، وهو ما أعرب عنه أحمد الذي قال: شهر كباقي الشهور نكثر فيه من الصلاة والاستغفار والدعاء، نصلي التراويح أمام الخيمة بمكان نصنعه بأيدينا يسمى (لمسيد) وهو عبارة عن نصف دائرة من الحجارة الصغيرة ترسم بجانب الخيمة على اتجاه القبلة، ويؤم (لمسيد) شيوخ البادية وأعيانها وبه تتم صلاة التراويح ، ويمثل تناول الشاي أول ما يفكر فيه الصائم بالبادية يليه شرب لبن النوق المعروف لديهم ب الزريق ، حيث أن الزريق هو وسيلة للقضاء على ما يدعى بالمفهوم الشعبي التشوحيب أي العطش وجفاف الجسم نتيجة الحر الشديد، وعموما، فالإعداد لشهر رمضان غير مكلف عند أسر البادية والمهم عندهم التسامح والتواد والتلاقي طيلة أيام الشهر والتسامح وهدا يجسدونه، حسب ذات المتحدث، عن طريق إقامة إفطار جماعي عند خيمة من خيام المحصر ، أي الحي، على أن تتكرر العملية بباقي الأحياء الأخرى، والهدف من هذا توطيد وتوثيق الروابط التي تكاد تنعدم لدى الكثيرين. هكذا يقضي شباب تندوف يومياتهم في رمضان وبخصوص ليالي رمضان، فهناك أسر تفضل سهرة رمضان خارج البيت أي في إحدى الساحات العمومية والتمتع بالموسيقى على الهواء وأخرى تتوجه الى وادي أمهية ، وهو حديقة للتسلية والترفيه تقع على بعد 40 كلم عن مدينة تندوف، وتجد تلك الأسر، التي تتنقل عن طريق السيارات والحافلة أحيانا، كل المتعة والاستئناس بجمال الصحراء. أما شباب المدينة، فيقضي أوقاته الليلية بمقاهي الأنترنت يتصفح المواقع الفقهية والأدبية والتاريخية، حسب أذواقهم ونزواتهم ، بينما تمتلأ المركبات الجوارية ودور الشباب ونواديه بمختلف الفئات الشبانية لممارسة مختلف الهوايات من مسرح وغناء وموشحات ومدائح دينية وغيرها. وفي وسط هذه الأجواء، تبقى حمى استقبال شهر رمضان مرتفعة عند أغلب سكان المدينة لاسيما في ظرف اتسم بالحر الشديد، حيث أدى التفكير في قفة رمضان ومستلزماته الى إلغاء العطل عند الكثير من الموظفين والعمال، وحال بينهم وبين الاصطياف، لتبقى الآمال معلقة على أسعار مقبولة ووفرة كافية للخضر والفواكه تمكن من مرور شهر في ظروف عادية، رغم ما يتطلبه من مصاريف.