استضافت المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية "نورالدين صحراوي" في العدد 28 من منتدى الكتاب، الذي تزامن مع شهر التراث واليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، الدكتور الطاهر صافي، أستاذ بقسم علم الاجتماع بجامعة "20 أوت 1955" بسكيكدة، قدّم خلاله كتابه الجديد "الخطاب الاستشراقي وإشكالية العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي، كنموذج حسن حنفي وادوارد سعيد"، حضره عدد كبير من المثقفين والمبدعين والأساتذة الجامعيين وطلبة جامعتي قسنطينة وسكيكدة. أشار الدكتور الطاهر صافي عند تقديم كتابه إلى أنّه يلخّص العلاقة بين الغرب سواء في شكله القديم أو المعاصر من خلال خطابه الثقافي وطبيعة علاقته مع العالم الإسلامي، متحدّثا في السياق عن الاستشراق الذي قال إنّه خطاب من الأعلى إلى الأدنى، وكيف وُظّف هذا الاستشراق على مدى عقود، من أجل الهيمنة والسيطرة وحتّى عند ظهور الاستعمار سواء كان استعمار فرنسي أو بريطاني، استعمل الاستشراق من أجل المزيد من السيطرة بهدف التحكّم في الشعوب العربية الإسلامية. في معرض حديثه عن دراسات ما بعد الاستشراق وما الذي نستطيع تقديمه نحن في مقابل ذلك الاستشراق، أشار الدكتور إلى أنّ المفكّر المصري حسن حنفي اجتهد في تقديم خطاب آخر وهو الاستغراب من منطلق، كما قال، إنّ الأنا هي التي تتوجّه لدراسة الآخر، لكن مشروع المفكّر الطموح حسن حنفي لم يكتب له النجاح، وعند هذه النقطة، أوضح المتحدّث أنّه عندما لا نتبنى مشروعا ولا نهيّئ له الأرضية، يصطدم في النهاية بواقع آخر يؤدي إلى الانسداد، لذا شدّد على ضرورة أن تتضافر جهود أمّة بأكملها سواء على المستوى التعليمي أو الأكاديمي أو على مستوى المؤسّسات الإعلامية والثقافية لتتبنى كذا من الدراسات. وواصل ضيف المنتدى، أنّ نفس المصير حدث للمفكّر الفلسطيني ادوارد سعيد، عندما قدّم دراسات من نوع آخر، حينما جاء بالدراسات ما بعد الكولونيالية التي وصل إليها سنة 1978، بعد أن تجرّأ مفكّر عربي ولأوّل مرّة على نقد الدراسات الاستشراقية من خلال كتابه الموسوم "السلطة الاستشراق، المعرفة والإنشاء" الذي أراد من خلاله دحض الفكر الغربي بكامله من العهد اليوناني إلى العصر الحديث، حيث اعتبر، أي المفكّر الفلسطيني ادوارد سعيد، أنّ تلك الثقافة الغربية بكاملها وُجدت في خدمة الغرب وفي خدمة المصلحة الغربية وفي خدمة أيضا الهيمنة الغربية وهذا ما مهّد لظهور الدراسات ما بعد الكولونيالية، معتبرا أنّ المفكر الفلسطيني من خلال دراساته تلك، يكون قد تأثّر بالكاتب فرانس فانون كونه يعدّ من المنظرين الأوائل للدراسات ما بعد الكولونيالية. وبرأي المحاضر ولمجابهة تلك الثقافة الغربية وهيمنتها، لابدّ من قراءتنا للآخر من أجل الوعي به، لأنّها الخطوة الأولى، كما أكّده المحاضر للتّحرّر والتخلّص من هيمنة الغرب الثقافية بالدرجة الأولى. ويشير الدكتور الطاهر صافي إلى أنّ كتابه "الخطاب الاستشراقي وإشكالية العلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي"، الغاية منه هو الوصول إلى حقيقة مفادها أنّ الغرب كما قرأ لنا من قبل، حان الأوان اليوم، أن نقرأ له وأن نفهمه على الأقل من خلال منجزه الثقافي ومنجزه الفكري وذلك قصد إحداث توازن معه ومن ثمّة لا نبقى دوما خاضعين لعقله وخاضعين لمعرفته وخاضعين له اقتصاديا وسياسيا، ومنه يجب أن نكون معه في نديّة.