رياضيون هواة و شيوخ يركضون في المساحات الخضراء و على حواف الطرقات لا تقتصر العطلة بالنسبة للكثير من الجزائريين على الذهاب للبحر و الاستجمام في شواطئنا الساحلية الجميلة ، بل يفضل الكثيرون ممن لم تتح لهم فرصة التنقل لقضاء العطلة، ممارسة شتى أنواع الرياضات بالقرب من سكناتهم في الأماكن الخضراء ، أو في مساحات صغيرة وسط التجمعات السكانية أو بالضواحي ، لتعويض نقص الصالات الرياضية المحترفة و المرافق العمومية ، و ذلك بهدف ممارسة كرة القدم ،أو ببساطة الجري و القيام ببعض الحركات الرياضية. كثيرا ما نلاحظ في الصباح الباكر أو في نهاية اليوم، عبر الطرقات و في بعض الأماكن الخضراء كالغابات، عدائين يمارسون رياضة الركض في جماعات أو منفردين، و الملفت أن من بينهم الكثير من الشيوخ المتقدمين في السن ، نراهم ببدلات رياضية بسيطة يجرون في الساعات الأولى من اليوم ،إذ يغادرون منازلهم باكرا مغتنمين صفاء الجو المنعش و متوجهين لأقرب الأماكن الخضراء أو على حواف الطرقات للجري عبرها، بينما يبقى أولادهم و حتى أحفادهم نائمين في البيت. اقتربنا من بعض الرياضيين الذين يركضون بشكل يومي في منطقة خضراء في قلب مدينة الخروب، فأخبرونا أن الرياضة بالنسبة لهم هي وسيلة ترفيه صحية ليس فقط خلال فترة العطلة الصيفية بل طوال السنة. عمي حميد أحد الرياضيين المواظبين على الجري يوميا على حواف الطرقات العريضة، يبلغ من العمر 72 سنة يمارس الرياضة منذ ما يقارب السنة لأسباب صحية ، لأن طبيبه الذي يعالجه من ارتفاع ضغط الدم نصحه بإنقاص وزنه و ممارسة نشاط جسدي منتظم لتنشيط دورته الدموية كما يقول : " اخبرني طبيبي أنني أعاني من مشكلة الوزن الزائد ، و قال لي انه يجب أن أعدل نظامي الغذائي و أمارس الكثير من الرياضة لكي أتفادى مشاكل صحية أخرى ،كارتفاع نسبة الكولسترول في الدم و مشاكل القلب " وأضاف بأنه كان يمارس الرياضة بانتظام إلى غاية تقاعده عن العمل من خلال نادي المؤسسة التي كان يعمل بها ، إلى أنه أصبح يتقاعس عن الجري و أداء التمارين منذ أن تقاعد ، و فتح محلا للمواد الغذائية أسفل منزله مما جعله يقضي ساعات طوال جالسا. صديقه و جاره السيد سليمان البالغ من العمر 70 سنة ، عامل سابق في مؤسسة عمومية ، يقضى هو الآخر معظم وقته كما أخبرنا منذ تقاعده في مقاهي الحي ، رفقة صديقه حميد أو على أحد الكراسي أمام منزله ليلعب " دومينو" غير أن إصابته بنوبة ارتفاع ضغط الدم جعلته يفكر جديا في ممارسة الرياضة يوميا رفقة صديقه في مساحة خضراء بجانب مسكنه : " في الحقيقة أنا لم أكن يوما رياضيا بمعنى الكلمة ، لكن إصابتي بمرض ارتفاع ضغط الدم و زيادة وزني كثيرا في الفترة الأخيرة جعلاني أضطر للتفكير في الرياضة كحل لمشاكلي الصحية ، و لقد بدأت بالجري منذ ما يقارب ثلاثة أشهر ، و انضممت إلى صديقي حميد ، ثم بدأ الكثير من الجيران و الأصدقاء يلتحقون بنا شيئا فشيئا إلى أن كبرت مجموعتنا و أصبحنا حوالي 8 أشخاص نلتقي كل صباح حوالي الساعة السادسة صباحا في المساحة الخضراء المقابلة ، و نقوم بجولة تقارب الثلاث كيلومترات " . المساحات العمومية تحل محل الصالات الرياضية و خلال جولتنا الصباحية التقينا أيضا بالعديد من الرياضيين و اللاعبين السابقين في العديد من نوادي كرة القدم في قسنطينة ، الذين يحاولون الإبقاء على عاداتهم الرياضية حتى بعد توقفهم عن ممارستها في النوادي ، كاللاعب السابق شحتاني يزيد الذي كان عضوا في الكثير من الفرق القسنطينة لكرة القدم كفريق "الموك"، و " الكراك"، و" المستشفى الجامعي " و " الخروب" و أيضا فريق " شباب قسنطينة" ، الذي أكد أن ممارسة الرياضة بالنسبة له جزء من حياته ، و انه لم يتوقف يوما عنها حسب الوسائل المتاحة : " أنا أبلغ من العمر45 سنة و لم أتوقف يوما منذ طفولتي عن ممارسة الرياضة و تلقينها لأولادي ، و لكن للأسف الشديد تبقى مشكلة المرافق العمومية عائقا كبيرا بالنسبة للرياضيين الهواة . فالمساحة الخضراء في الخروب تضم يوميا الكثير من العدائين و الرياضيين الهواة من مختلف الأعمار الذين لا يجدون عنها بديلا لممارسة نشاط فيزيائي رياضي يرفه عنهم و يجنبهم العديد من الأمراض الجسدية و النفسية " و قال مضيفا أن حي 312 بالخروب يعرف حركية رياضية نشيطة في بداية و نهاية اليوم ، و ذلك بفضل مبادرة أحد السكان القاطنين بها ، الذي قام بتهيئة الملعب الجواري للحي بإنشاء ملعبين لكرة القدم به ، غير أن أرضية الملعب مازالت تحتاج إلى تهيئة و تسوية لتفادي أخطار السقوط بها . و أكد لنا السيد أحمد .ح صاحب فكرة التهيئة أن هذا الملعب الصغير يستقطب يوميا العديد من الأطفال و الشباب من مختلف الأحياء السكنية المجاورة لبلدية الخروب: " هذا الملعب يعوض قليلا النقص الفادح في المنشآت الرياضية و الترفيهية في البلدية ، و يسمح للأطفال و الشباب بممارسة بعض النشاط الرياضي خلال الصيف" و يضيف أن السكان انتظروا طويلا مساعدات البلدية لتهيئته ثم قرر أن يقيم فيه الشباك من ماله الخاص : " من اجل متعة مشاهدة أطفالي و أطفال الأخريين يلعبون فيه بدون أخطار خروج الكرة غلى الطريق ، و هذا هو هدفي الوحيد من المشروع".الكثير من المواطنين يعلمون انه لممارسة الرياضة ليسوا بحاجة إلى إمكانيات ضخمة ، و ليس بالضرورة توجههم إلى صالة رياضية لتمكينهم من الجري أو القيام ببعض الحركات الرياضية المفيدة لصحة الجسم ، فقرروا أن يخلقوا لأنفسهم فضاءات خاصة ،وان يستفيدوا من بعض المساحات الفارغة والمهملة للركض ،كما هو حال الكثير من الشيوخ والشباب و حتى الأطفال الذين ينهض عدد كبير منهم في الصباح الباكر ، و يتوجهون لإحدى الأراضي الفلاحية القريبة منهم للجري و ممارسة بعض النشاطات الرياضية .