"الحريرة" موروث ثقافي لم يهزمه الإستعمار تعد "الحريرة" طبق أساسي لدى العائلات الوهرانية بصفة خاصة، وهو موروث ثقافي ترسخ في عادات سكان الجهة الغربية من الجزائر منذ عصور، ولايزال يشكل رمزا لهوية سكان المنطقة إلى جانب أطباق أخرى جاءت بعده. يقال أن "الحريرة" ترتبط بالأصل الأمازيغي لسكان وهران التي كانت تسمى قديما "إفري"، وحسب الأساطير المختلفة فإن هذه المنطقة كانت تشتهر بإنتاج البقوليات و الحبوب خاصة الحمص إلى جانب القمح بمختلف أنواعه، فكان سكان وهران القدامى يستغلون هذه المحاصيل لطهي أطباقهم وهذا ما جعل تركيبة طبق الحريرة الأصلية تتكون من جميع البقوليات تطهى معا وتضاف إليها التوابل ثم تطحن وتقدم ساخنة. لكن تضاربت الآراء حول أصل التسمية فمنهم من يقول أنها نسبة لكونها تؤكل"حارة" لاحتوائها على التوابل ومنهم من يقول أنه نسبة للهجة سكان المنطقة الذين يقولون "حريرة" على الأكلات التي ترحى أو تطحن أو تذوب وهذه اللهجة موجودة لحد الآن. كما أن المهتمين بهذا النوع من الموروث الثقافي يرجعون أصل الحريرة لأمازيغ المغرب الذين يطبخونها لحد الآن بنفس الطريقة القديمة. ويرجع أصل اختلاف طريقة التحضير من منطقة لأخرى حسب المحاصيل الزراعية التي تتوفر بها ولحد اليوم أصبح هذا الإختلاف ميزة أساسية لحريرة كل منطقة ففي المغرب أو حتى في الجهة الغربية للجزائر نقول حريرة وهرانية أو تلمسانية أو مغربية لأن لكل واحدة مميزاتها حسب الأذواق. ويعد طبق الحريرة رمزا للصمود أمام جحافل الإستعمارات التي شهدتها وهران وعلى الخصوص الإسباني الذي رسخ أطباقا أخرى منها "الكرنتيكة" ولم يستطع القضاء على الحريرة التي هي أساس أطباق رمضان وأساس المأكولات التي تقدم في الأعراس ولابد من وجودها فوق مائدة الضيوف، وأصبحت اليوم تطبخ حتى في المطاعم اليومية العادية والفخمة لكثرة الطلب عليها. وترتكز طريقة التحضير على لحم الخروف والبصل والثوم والطماطم حيث تطهى هذه المكونات معا وتضاف إليها التوابل التي أساسها "راس الحانوت" أي مجموعة من التوابل ذات الذوق الحار مثل الزنجبيل والفلفل الأسود وغيرها ، ثم تضاف الخضر مثل الجزر والبطاطا ثم الماء والحمص والقسبر "الحشيشة المقطفة" والكرفس. وبعد أن تنضج المكونات جيدا يتم طحنها حتى تصبح حساء يعاد فوق النار ويضاف إليه قليل من مسحوق الشعير والفرينة المذوبة في الماء والتي تحضر سابقا بمزج ملعقة أو أكثر من الفرينة حسب الكمية، في ماء وعصير الليمون وقليل من الملح وتترك لمدة تفوق الساعة قبل أن تضاف لحساء الحريرة، وهنا تتم إضافة أيضا التوابل الحارة حسب الذوق.