سيكون الناخبون في مالي على موعد آخر مع صناديق الإقتراع يوم 15 ديسمبر القادم بموجب الجولة الثانية من الإنتخابات التشريعية وسط إرتياح دولي حول مجريات الجولة الأولى في 24 نوفمبر والتي لم تسفر عن أية أغلبية سياسية في البلاد. وعلى ضوء نتائج الجولة الأولى من هذه الاستحقاقات التشريعية التي لم تتخط فيها نسبة المشاركة 4ر38 بالمائة من الهيئة الناخبة المقدرة بأكثر من ستة ملايين ناخب لم يحظ أي حزب سياسي أوتحالف حزبي بالأغلبية البرلمانية ما يحتم إجراء جولة ثانية على أمل الإستعادة الكاملة للشرعية الدستورية في البلاد بعد الانقلاب الذي وقع في شهر مارس 2012. وأظهرت النتائج التي أعلن عنها وزير إدارة الاراضي موسى سينكو أن الأحزاب السياسية الثلاثة الرئيسة في مالي حصلت على 16 مقعدا فقط من مجموع 147 جرى التنافس عليها في الجولة الأولى من الانتخابات بينما سجلت نسبة المشاركة إنخفاضا بحوالي 10 نقاط أقل مما كان في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية التي جرت في 11 أوت الماضي. ووفقا لمسؤول بالحزب الحاكم (التجمع من اجل مالي) الذي ينتمي إليه الرئيس إبراهيم أبوبكر كيتا فإن الحزب فاز بثمانية مقاعد بينما إحتفظ حزب "الإتحاد من اجل الجمهورية والديمقراطية الذي يتزعمه صوميلا سيسي الخاسر في انتخابات الرئاسة بمقعده في تومبوكتو وفاز بخمسة مقاعد أخرى في حين حصل حزب ثالث هو أديما-باسج على مقعدين. وإجمالا تنافس خلال هذه الإستحقاقات التي جرت تحت مراقبة أربعة آلاف مراقب وطني و دولي حوالي 1087 مرشحا من 410 قوائم انتخابية على المقاعد البرلمانية ال147. ويهدف حزب الرئيس إبراهيم أبو بكر كيتا (التجمع من أجل مالي) إلى توفير غالبية تكون سندا له في الجمعية الوطنية (البرلمان) غير انه سيضطر إلى التحالف مع أحزاب أخرى لضمان الفوز في الجولة الثانية. == إرتياح دولي لمجريات الجولة الأولى من الإستحقاقات التشريعية == وجرت الجولة الأولى من هذه الإستحقاقات وسط إرتياح دولي لكونها جرت في أجواء هادئة ووسط مراقبة أربعة آلاف مراقب محلي و دولي من بينهم أفارقة و أوروبيون حيث شملت هذه المراقبة أغلبية مكاتب الإقتراع. وفي ذات السياق قال رحب رئيس فريق المراقبين الاوروبيين لوي ميشال "بنجاح جديد" لمالي بعد الانتخابات الرئاسية الذي أوضح أن "يوم الانتخاب سار بشكل سلمي على الرغم من بعض الحوادث التي وقعت في الشمال وكان حجمها محدودا وطبيعتها لا تدعو الى التشكيك بنزاهة التصويت" كما حث "كل الفاعلين في الحياة السياسية الى التعبئة في 15 ديسمبرالمقبل" موضحا أنه "في الاطار الخاص المحيط بمالي التصويت ليس حقا وحسب انه واجب اخلاقي". واعتبر رئيس مراقبي الاتحاد الأوروبي أن "طبيعة الانتخابات الرئاسية والتشريعية مختلفة" وأضاف "أيا كانت نسبة المشاركة فلا يمكننا استخدام هذه الحجة لتجريد هذه الانتخابات من أهليتها". اما تقييم المراقبين الاوروبيين المئة الذين زاروا 789 مكتب اقتراع من اصل 17983 مكتبا في خمس من اصل ثماني مناطق في البلاد للعمليات الانتخابية فقد جاء ايجابيا بالنسبة الى 97,6 بالمئة منها. واعتبر تجمع المراقبة الوطنية للانتخابات الذي يضم منظمات غير حكومية نشرت 3700 مراقب في كل انحاء البلاد ايضا ان التصويت جرى بشكل جيد في ملاحظة شاركه فيها مراقبوا المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا التي تنتمي اليها مالي. كما أشاد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بهذه الجولة الأولى باعتبار أنها "خطوة أولى في عملية استعادة النظام السياسي التمثيلي والتسامحي لمالي" داعيا الحكومة المالية الجديدة إلى "معالجة التحديات الأكثر إلحاحا بما في ذلك المصالحة الوطنية واصلاح القطاع الأمني لضمان مؤسسات أمنية قوية تحت رقابة وسيطرة مدنية". من جانبها أعربت فرنسا عن تقديرها للدور الذي قامت به بعثة الأممالمتحدة المتعددة الأبعاد لتحقيق الإستقرار في مالي (مينوسما) "من اجل حفظ الأمن خلال عملة الإقتراع ومواكبة العملية السلمية التي أتاحت تنظيم التصويت". وبدورها نوهت إسبانيا بحسن سير الجولة الأولي من هذه الإنتخابات التي تشكل خطوة هامة نحو التطبيع السياسي في البلاد مؤكدة انها "ستواصل دعم المبادرات الاوروبية و الدولية الرامية إلى تعزيز السلام و الإستقرار في مالي و منطقة الساحل". وتأتى هذه الإستحقاقات التشريعية كثاني موعد إنتخابي في البلاد بعد ثلاثة أشهر من الإنتخابات الرئاسية التي نظمت بموجب إتفاق واغادوغو(جوان 2013) الذي أبرمته الحكومة الإنتقالية مع المتمردين التوارق ليضع حدا لحركة التمرد بالبلاد مع الدخول في مسار سياسي من المفاوضات. كما ان هذه الإستحقاقات العامة في البلاد جاءت بعد المفاوضات التي جمعت الحكومة المالية الجديدة مع ممثلين عن "الحركة الوطنية لتحرير الأزواد و المجلس الأعلى لوحدة الازواد و الحركة العربية للازواد" والتي شابتها بعض العراقيل بعد الإنسحاب المؤقت للحركات الثلاث شهر أكتوبر الماضي إحتجاجا على ما إعتبروه "عدم الإلتزام ببنود أتفاق واغادوغو" ليتم العودة إلى الطاولة بعد ذلك. يشار إلى الهيئة الناخبة المتوقعة داخل مالي تقدر ب6 ملايين و 829 ألف و 696 ناخب من بينهم 3 ملايين و 422 ألف و 140 مرأة بينما يتواجد خارج البلاد 265 ألف و 151 ناخب. ويقدر عدد الناخبين في المناطق الشمالية الثلاث بمالي ب629 ألف 443 ناخب بما نسبته 9.21 بالمائة من مجموع الهيئة الناخبة في البلاد. كما ان 265 ألف و 151 مواطن مالي خارج البلاد سيدلون بأصواتهم و ذلك عن طريق المكاتب التي تم تنصيبها خارج البلاد.