أكد الوزير الأول عبد المجيد تبون أمس الخميس أن محاور مخطط عمل الحكومة سيترجم في القريب العاجل إلى برامج قطاعية مشفوعة بآجال محددة للتنفيذ مؤكدا أن أولوية الجهاز التنفيذي خلال المرحلة المقبلة هي تعزيز معايير النجاعة الاقتصادية و الشفافية و محاربة الفساد مع دعم اكبر للتنمية و توجيه الجهد الاجتماعي للدولة . وقال السيد تبون خلال تدخله في جلسة علنية بمقر مجلس الأمة برئاسة رئيس المجلس السيد عبد القادر بن صالح للرد على انشغالات اعضاء المجلس ان تغيير نمط الاقتصاد نحو نموذج جديد للنمو دون اللجوء الى الاستدانة الخارجية هو تحدي كبير بتقضي تعبئة كل الجهود الوطنية للانخراط في هذا المسعى. وأعتبر السيد تبون ان " تفعيل الرقابة البرلمانية و تعزيز قيم الشفافية و النزاهة و الكفاءة و محاربة البيروقراطية كلها عوامل أساسية تضمن انطلاقة دون عوائق و اختلالات لتجسيد مخطط الحكومة وفقا للرزنامة المحددة له. في هذا الصدد يضيف السيد تبون- فأن استحداث مفتشية عامة لمراقبة المال العام و الصفقات العمومية فضلا تنصيب لجنة لتوجيه دعم الدولة و العمل على أخلقة الحياة العامة تدخل في سياق الاجراءات التي تهدف لتهيئة المناخ الملائم لتفعيل هذا المخطط. وأوضح الوزير الاول أن المخطط في مجمله مستوحى من برنامج رئيس الجمهورية و امتداد له مؤكدا حرص الحكومة على تكريس التوازن الجهوي في المجال التنموي من خلال مراجعة المدونة الوطنية للمشاريع التنموية و اعادة النطر في المشاريع المجمدة . وقال السيد تبون ان الحكومة ستعمل على حشد اعتمادات مالية اضافية لتجسيد برامج تنموية قطاعية خصوصا الحيوية و الاستراتيجية منها في القطاع التربوي و الصحي و مختلف المرافق العمومية الضرورية لفائدة البلديات المعزولة في الجنوب و المناطق الحدودية من خلال صندوق التضامن للجماعات المحلية. كما سيشرع حسب الاولويات يقول السيد تبون لاحقا في رفع التجميد على المشاريع المبرمجة ليشمل المناطق الاخرى عبر الوطن تدريجيا. في سياق ذي صلة اوضح السيد تبون انه يجرى التحضير حاليا لعملية جرد واسعة تخص المنشآت الاقتصادية غير مستغلة او تلك التي تم تغيير وجهتها الأصلية مؤكدا أن لولاة الجمهورية كل الصلاحيات لاستغلالها. و في رده على انشغالات اعضاء مجلس الامة بخصوص مصدر الموارد المالية لتمويل المشاريع التي جاء بها مخطط عل الحكومة أوضح الوزير الاول ان القدرات المالية متوفرة و سيتم تعزيزها اكثر من خلال الاجراءات التي تستخذها الحكومة لاحقا . ومن ضمن هذه الاجراءات - يقول السيد تبون - تعزيز مردود التحصيل الجبائي و التقليص من فاتورة الواردات و استرجاع الكتلة النقدية في السوق الموازي و اعادة بعث المناطق الصناعية غير المستغلة و استحداث اخرى جديدة . أما بخصوص التجارة الخارجية قال الوزير الاول أن رهان الحكومة الاساسي هو العمل على تقليص اكبر في الواردات و خصوصا المنتجات الكمالية و مكافحة التضخيم في الفواتير مؤكدا ان الاستيراد المفرط هو الذي يولد العجز التجاري. كما شدد في نفس الوقت على ضرورة اصلاح المنظومة المالية و العمل على ايجاد الحلول اللازمة لاستقطاب اموال الادخار الداخلي من خلال تحفيز الناشطين في السوق الموازي للانخراط الطوعي في البنوك و التحكم اكثر في نسبة التضخم . في سياق ذي صلة قال الوزير الاول ان الحكومة ستعمل على عصرنة المنظمة الجبائية توسيع الوعاء الضريبي مع مراجعة الاعفاءات الضريبية نحو الخفض بالنسبة للمشاريع الاستثمارية المنتجة. و في رده على تساؤلات اعضاء مجلس الامة بخصوص مشروع ميناء الوسط بمنطقة الحمادنية ( شرشال) قال الوزير الاول ان الحكومة عازمة على استئناف المفاوضات مع الشركاء الاجانب لإنجاز هذا المرفق الحيوي و الاستراتيجي مؤكدا ان الحكومة لم و لن تتخلى عن المشروع. و في مجال السكن قال الوزير الاول ان هذا القطاع حقق قفزة كمية و نوعية و ذلك عبر كل الصيغ المتاحة للمواطن سيما السكن الريفي و الاجتماعي و الايجاري و الترقوي العمومي بمساهمة قوية من طرف شركات و مقاولات الانجاز الخاصة بينما يبقى مردود القطاع العمومي في هذا المجال ضعيف . و بخصوص الارقام التي تتحدث عن وجود مئات الالاف من السكنات الشاغرة أكد الوزير الاول أن هذه الأرقام عشوائية و لا تستند الى أي معيار أو مقياس احصائي. في هذا الصدد قال السيد تبون " ان من ضمن 250 الف سكن يعتقد انها شاغرة تم تحديد 175 الف وحدة منها هي عبارة عن سكنات مؤجرة او ما يعرف ب "سكنات المفتاح" و 50 الى 55 ألف وحدة هي سكنات خاصة بمعنى انها ملك اصحابها ". و قال السيد تبون ان البطاقية الوطنية للسكن التي تم تفعيلها كإجراء رقابي مكنت من غربلة الطلبات و توجيه الاستفادة من السكن الاجتماعي و سكنات البيع بالايجار لمستحقيها . كما جدد الوزير الاول تأكيده بان الحكومة ستواصل برنامج منح القطع الارضية المخصصة لبناء السكنات سيما في الجنوب و مناطق الهضاب مع اقرانها بمساعدات لفائدة محدودي الدخل. و أضاف السيد تبون انه تم لحد الان توزيع قرابة 360 الف قطعة أرضية في ذات المناطق. في هذا السياق اوضح الوزير الاول ان هناك مرسوم مشترك بين وزارات السكن و المالية و الداخلية و العمل جار لتفعيله لتوزيع حوالي 150 الف قطعة في مناطق شمال البلاد في مسعى لاحداث التوازن الجهوي المتوخى في هذا المجال . و قال السيد تبون ان الجزائر من البلدان النادرة التي تمكنت من احتواء ازمة السكن باعتراف الهيئات الدولية موضحا ان اقتصاديات غربية كبرى تعاني من مشاكل عويصة في مجال الاسكان لم تجد لها حلولا حتى الان . كما جدد السيد تبون عزم الحكومة على مواصلة التكفل بملفات المسح العقاري و الحرص على متابعة و مراقبة عملية استكمال البنايات. و في مجال الموارد المائية قال الوزير الأول ان الجزائر من البلدان الرائدة التي تمكنت من رفع نسبة التغطية بالماء الشروب الى 92 بالمائة و انجاز تحويلات مائية كبرى و توسيع خارطة محطات التصفية الى جانب مشاريع جارية لتشبيك السدود الوطنية مؤكدا ان الجزائر و الولاياتالمتحدة هم البلدين الوحيدين في العالم اللذان بلغا هذا المستوى الكمي و النوعي في مجال المنشآت المائية و مشاريع الري . كما تمكنت الجزائر يضيف السيد تبون- من رفع نسبة التغطية في مجال الصرف الصحي الى 86 بالمائة و الانارة العمومية الى ما فوق المعدلات العالمية . و اعتبر الوزير الاول أن القطاع الفلاحي ممكن أن يكون مصدر مهم للعملة الصعبة و قاطرة امامية للنمو من خلال دعم قدراته التصديرية مؤكدا أن القطاع يحقق نسبة نمو سنوية تناهز 8 بالمائة و أن ايراداته فاقت 30 مليار دولار خلال السنوات العشر الماضية كذلك الامر بالنسبة للقطاع السياحي الذي ما يزال غير مستغل برغم حيازته على امكانيات كبيرة للإقلاع حسبه. وقال السيد تبون ان العمل منصب حاليا على توسيع رقعة استصلاح الاراضي و تطوير المكننة الزراعية خصوصا في الجنوب و تعزيز الشراكة الداخلية و الوطنية- الأجنبية في المجال بما يسمح بخلق قطب فلاحي يسمح بضمان أمننا الغذائي و رفع قدرات التصدير و استحداث نسيج من الصناعات التحويلية . في هذا الاطار قال الوزير الأول انه قرر تخصيص قروض مصغرة من طرف صندوق التعاون الفلاحي و بنك التنمية الريفية للنساء الماكثات في البيوت تتراوح ما بين 200 الف دج و 400 ألف دج على أن تسدد في اجال تصل الى 36 شهرا و الاولوية ستمنح لنساء المناطق الجبلية. للتذكير فقد صادق أعضاء مجلس الأمة امس الخميس من خلال لائحة مساندة و دعم على مخطط عمل الحكومة معربين عن "ارتياحهم التام" لمضمون هذه الوثيقة التي تناولت المسعى الذي تعتزم الحكومة انتهاجه في مواصلة تجسيد برنامج رئيس الجمهورية.