أكد الكاتب المغربي، عبد المجيد الإدريسي، أن أوضاع حقوق الإنسان في المغرب، "عرفت تراجعا صارخا على جميع المستويات"، في ظل قمع حرية الصحافة والتعبير والحصار الممنهج للدولة ضد المدافعين ومحاكمة النشطاء ب"قرون من السجن النافذ". وقال عبد المجيد الادريسي في مقال بعنوان "سياسة الفساد والاستبداد في المغرب إلى أين؟"، نشر على الموقع الإلكتروني لصحيفة "رأي اليوم": إن "هذا التراجع يتضح في العديد من المؤشرات تهم حرية الصحافة والتعبير ومستوى جودة العدالة واحترام القانون وعلى مستوى الحكامة والشفافية وأيضا على مستوى العديد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية وحقوق الفئات". ووفق الكاتب، فقد اشتد هذا الوضع بالمملكة أكثر سنة 2014، ويتجلى ذلك في "المنحى التراجعي القوي الذي عرفه السلوك الرسمي للسلطة ضد الحركة الديمقراطية بشكل عام والحركة الحقوقية المستقلة بشكل خاص، والمتميز برجوع الحصار الممنهج للدولة ضد المدافعين وقمع الصحافيين ووصمهم ومحاكمة النشطاء بقرون من السجن النافذ". ولفت إلى أن هذا الوضع "وقفت عليه بالتفصيل تقارير الجمعية المغربية لحقوق الإنسان الصادرة في السنوات الأخيرة، كما عكسته تقارير منظمات دولية معروفة، كمنظمة العفو الدولية، ومنظمة هيومن رايتس ووتش، والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان". وذكر في السياق، بالتقرير الذي أصدرته الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، حول وضعية المدافعين بالمغرب في فبراير 2018، إذ أبرز ما أسماه ب "انكماش حيز العمل بالنسبة للمجتمع المدني المستقل في المغرب"، واعتبرت أن ذلك يؤثر على عدد متزايد من منظمات حقوق الإنسان. كما يتضح احتدام القمع ضد المجتمع المدني - يقول الادريسي - "من خلال الآليات الجديدة التي يقاوم بها، إذ تشكلت في المغرب لأول مرة شبكة تضم الهيآت التي أصبحت عرضة لقمع ممنهج من السلطة وهي +شبكة التنظيمات ضحايا المنع والتضييق+ والتي تضم ما يقارب 30 تنظيما". وأظهرت تقارير هذه الشبكة، عشرات الحالات من المنع لأنشطة المجتمع المدني التي تدخل ضمن عمل المدافعين عن حقوق الإنسان بتنوع مجالات عملهم، كما شملت عشرات حالات المنع من الحق في التنظيم وتأسيس الجمعيات. إلا أن الكاتب، أكد أن "العدد الحقيقي للجمعيات التي ترفض السلطة تعسفا، تمكينها من وصل الإيداع يفوق الأرقام المقدمة سالفا بشكل صارخ، حيث أخذ هذا التعسف منحى منهجيا خاصة في بعض الولاياتكالرباط، التي تحرم سلطاتها الجمعيات والتنظيمات من وصل الإيداع عند وضع الملف بشكل شبه شامل، وهو ما جعل الإطارات المتضررة منها تنشئ هيئة خاصة بمشكل الوصولات سميت +المبادرة الوطنية من أجل الحق في التنظيم+". وأعاد الكاتب المغربي، التذكير بأنه ومن خلال التقارير التي قدمت من طرف مختلف المنظمات الدولية "يتضح أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان معنية بالجزء الأوفر، وبشكل كبير، من انتهاكات الحق في التنظيم والحق في التجمع السلمي"، مشيرا إلى أن الجمعية أكدت في العديد من المرات، أن "السلطة تلجأ إلى الضغط على الشركاء الراغبين في الاشتغال معها وعلى الجهات المانحة لإبعادهم عنها بهدف الخنق المالي للجمعية بشكل غير مباشر". وشكلت الجائحة التي بدأت في المغرب في مارس 2020، مناسبة أخرى - يقول عبد المجيد الادريسي - "انقضت عليها الدولة للإجهاز على ما تبقى من الحقوق والحريات التي يجب أن تكفل للمدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان"، مشيرا إلى أن المفوضية السامية لحقوق الإنسان صنفت المغرب ضمن الدول التي استغلت الجائحة ل"الانتقام منهم". و"تجلت سياسة الانتقام هذه في الاعتقالات التعسفية، ومنع الأنشطة والاحتجاجات رغم احترامها لشروط الوقاية من الوباء، واستمرار حرمان الإطارات من وصولات الإيداع، وتزايد استغلال الصحافة من طرف السلطات في انتهاك سافر لرسالتها النبيلة في التشهير والقذف وسب المدافعين والمدافعات وحماية المنابر المتورطة في هذه الأفعال الإجرامية من أي متابعة أو محاسبة"، حسب ما جاء في ختام المقال.