هذه مساهمة للأستاذ تقية عبد الفتاح كبتها بعد حادثة الاعتداء على نائب عميد كلية الحقوق.. تابعوا.. مسكينة... يتيمة... تبكي... تتخبط، تصارع الموت أحيانا، وتستيقظ أحيانا أخرى، تميل يمينا وشمالا، فالله، الله يشملك بواسع مغفرته ورحمته، يا كليتنا العريقة. يا مهد الفطاحل من خيرة أبناء الجزائر ويا مسقط الرجال الأشاوس. ... كانت بالأمس مضرب الأمثال في التقاليد والأعراف العالمية الأكاديمية. ... مر على هيئة تدريسها كبار الفقهاء، والأساتذة، والمنظرين، من جزائريين، ومتعاونين أجانب من (فرنسيين، ومصريين، وعراقيين، وسوريين...) هم اليوم مرجعيات قانونية، وفقهية، في دولهم، تقلدوا أكبر المناصب العليا فيها. ... على يدهم تتلمذ جزائريون هم اليوم أساتذة هذه المؤسسة الجزائرية، وفي مختلف التخصصات القانونية ... هؤلاء الأساتذة المؤطرين لهيئة تدريسها الآن... كانوا بالأمس طلبة عند أولئك الجهابذة... ولكن كانوا طلبة بالمعنى الحقيقي لمدلول الكلمة فكانت صفاتهم الأخلاق، وطلب العلم، وروح الاحترام فيما بينهم، كانوا يبجلون الأستاذ ويوقروه لشخص علمه، ومبدأ التنافس العلمي شعارهم، فكانوا أنجب الطلبة في كل مشارهم الدراسي... حتى في التمثيل النقابي كان مستواهم راق، وعال ومتحضر، ومحترم، هؤلاء الطلبة الذين كانوا بالأمس كذلك، قد نهلوا من أساتذتهم الفقه، والطريقة البيداغوجية والأخلاق العلمية، ومن بين الذين تتلمذوا أيضا على هؤلاء الفطاحل، فئة أخرى من الطلبة، الذين لم يسعفهم الحظ في التدريس، واختاروا طريقهم في الحياة، هم الآن في مناصب عليا في الدولة، وأصحاب قرار، ونفوذ وسلطة، وبيدهم الحل والعقد. وهنا أستوقف برهة... لأوجه ندائي واستغاثتي من أعماق أعماق المعاناة، وأقول لهذه الفئة الذين كانوا أمسا زملاء لنا في مقاعد الدراسة، الآ من لفتة إلى مؤسستكم كلية الحقوق؟ الآ من نظرة رحيم إليها؟ ... إنها بمثابة الأم التي تخلى عنها أولادها في أحنك الظروف، ولم تجد من ينقذها؟؟ ... أيها الخريج من هذه المؤسسة العريقة يا من أصبحت الآن في أعلى دواليب الدولة، وسلطة القرار، إنها المؤسسة التي أهلتك لتكون كذلك، تطلب اليوم منك الوقوف بجانبها، ومساعدتها، وتستمع لهمومها وانشغلالتها.