مذكرة تعاون بين الجزائر والصين    بوغالي يقترح إنشاء لجنة برلمانية استشارية    عطاف يلتقي ميقاتي    شركات آسيوية عملاقة تسعى للاستثمار في الجزائر    مصنع فْيَاتْ بوهران لم يُغلق    التحضير لإنشاء مناطق حرة بجيجل والطارف وتبسة    الزراعة المائية بالطاقة الشمسية كفيلة بتحقيق الأمن الغذائي    المخزن يرتبك في الأمم المتحدة    القضية الفلسطينية بحاجة لأمّة قوية    الوزير بلمهدي مُنتظر ببومرداس اليوم    اختبار لوكلاء اللاعبين بالجزائر    رونالدو يتصدر قائمة أعلى الرياضيين أجراً    حملة للوقاية من الحرائق    الخبز الأبيض خطر على صحة الإنسان    قافلة تضامنية لفائدة المسنين    الحجاج مدعوون للإسرع بحجز تذاكرهم    مهنة الصيدلي محور مشروع مرسوم تنفيذي    دعا إلى مساهمة ممثلي الشعوب في صنع القرار العالمي: بوغالي يقترح إنشاء لجنة برلمانية على مستوى الأمم المتحدة    وزير المالية يكشف: تمويل 86 مشروعا فلاحيا بالجنوب بمبلغ 19 مليار دينار    الخطوط الجوية الجزائرية: دعوة الحجاج إلى الإسراع بحجز تذاكرهم عبر الأنترنت    بيان المنامة الختامي للقمة العربية    الجزائر تفقد القميص الأصفر: حمزة ياسين يفوز بالمرحلة السادسة لطواف الجزائر    الإثيوبي تيسيما بدلا من غيزلان أتشو: الفاف تعلن عن تغيير حكم مواجهة الخضر وغينيا    قدم عرضها الشرفي ببشطارزي عشية المنافسة: "زودها الدبلوماسي" تمثل الجزائر في مهرجان "ربيع روسيا الدولي"    بعد عملية تهيئة: إعادة افتتاح قاعتي ما قبل التاريخ والضريح الملكي بمتحف سيرتا    الرئيس تبون يعول على استصلاح مستدام للأراضي بالجنوب    فيما وضع شخصان تحت الرقابة القضائية: حبس 6 متهمين في قضية الشخص المفقود بالجلفة    مكونة من 19 شخصا بينهم 16 أجنبيا: تفكيك شبكة للتزوير وتهريب المركبات المستعملة بالوادي    الكيان الصهيوني يستخف بتهمة الإبادة الجماعية    في افتتاح الدورة 33 لمجلس جامعة الدول العربية بالبحرين،الرئيس تبون: القضية الفلسطينية بحاجة اليوم إلى أمة عربية موحدة وقوية    الدفع بالتعاون الجزائري- القطري في مجال الابتكار    زيارة سفير كوريا ووفد فيتنامي لوكالة الأنباء الجزائرية    تأخر كبير في ربط تيارت بالطرق المزدوجة    هذا جديد ملف تصنيع المركبات في الجزائر    أوبرا الجزائر بوتقة للتميز الإبداعي    بونجاح "التاريخي" يتجه للّعب في السعودية الموسم المقبل    قرار فرنسي يسدي خدمة من ذهب للفريق الوطني    منافسة شرسة في مسلك سطيف – قسنطينة    دورة الجزائر الدولية بها 28 عضوا بلجنة التّحكيم    سقوط ثلاثينيّ من علو 175 متر    عمداء الموسيقى العالمية يلتقون بالجزائر    توقيف سارقي عتاد محطات البث الهوائي    غريق بشاطئ مرسى بن مهيدي    الجزائر تعمل بحزم على تعزيز مشروع خط أنابيب الغاز العابر للصحراء    تسييج "بورتيس ماغنيس".. ضمانة الأمان    "العدل الدولية" متمسّكة بتعزيز إجراءات حماية الفلسطينيّين    حلقة أخرى في سلسلة "الثورات" الاقتصادية    قمع وتعذيب وحشي لمعتقلي "أگديم إزيك"    باحثون متخصّصون يشرعون في رقمنة التراث الثقافي    نظام تعاقدي للفصل في تسقيف الأسعار    بشار/أيام الموسيقى ورقص الديوان: حفل تقدير وعرفان تكريما لروح الفنانة الراحلة حسنة البشارية    الجلفة: التأكيد على ضرورة الإهتمام بالأعمال المنجزة في إطار توثيق التراث الشعبي المحلي    الخطوط الجوية الجزائرية تدعو الحجاج الى الاسراع بحجز تذاكرهم عبر الانترنت    نفحات سورة البقرة    الحكمة من مشروعية الحج    آثار الشفاعة في الآخرة    نظرة شمولية لمعنى الرزق    الدعاء.. الحبل الممدود بين السماء والأرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مباراة في كرة الشعر...
نشر في الجزائر نيوز يوم 29 - 10 - 2012

لا أنصح الشعراء بأن يطمعوا كثيرا، فيما يتعلق بإغراءات هذا العنوان، فلا شهرة، يمكن أن أعدهم بها، ولا دولارات، كما لا يمكنني أن أبشرهم بشقراوات حسان يكتسحن عليهم المدرجات، فقد كان أحرى بي أن أعنون هذا المقال ب: أدونيس يصارع ماك تايزن، مثلا أو ب: بدر شاكر السياب: في حلبة الكاتش، السياب الذي كان يقول: “كيف تدخر النقود، وأنت تأكل إذ تجوع".
كان باستطاعتي كذلك أن أضع عنوانا أقل قسوة، مثل: نزار قباني يسابق السعيد عويطة.. أو الجواهري يتحدى ميسي كرويا...
لو كان الشعر مهما فعلا، ومفيدا للسلطات المهيمنة دوليا، كما لقنتنا الكتب المدرسية لو كان نفيسا عند أرباب الحكم في العالم حقا لكانوا وضعوا له ميزانا دقيقا يسبر قيمته مثلما اخترع سابقوهم ميزان الذهب من قبل ميزانا يزن الشعرة وما هو دونها، أو على الأقل كانوا صنعوا له غربالا، صارما، يميز الخبيث منه من الطيب، ولكانوا سهروا على تسطير ضوابط دقيقة له، كتلك التي تجري مباريات كرة القدم وفق قوانينها الواضحة، البينة، الجلية للجميع؟
قد يقول لي البعض إن قضية إمكانية الإحصاء الكمي هذه، غير متاحة في الشعر، ولا يمكن أن نصل بها إلى درجة من الحسم مرضية، قد أوافقهم، ولكن لماذا كل هذا التسيب في الأحكام الأدبية؟ ألا يشي الأمر بوجود تعاضد سياسي ما يتيح الإنقاص من شأن الأدباء؟ إذ يمنع تعليق النياشين على أكتافهم؟ ألا يوحي الوضع الراهن، بتعمد سلطات عليا، هذا الكيل الذي بلا مكيال؟
لماذا لا يتجاسر أحد أيا كان، على بطل في المصارعة مثلا، في حين يضع أسفل السافلين من المتسمين بالشعر، أنفسهم في درجة تفوق مرتبة السابقين الأولين من فناني القول الشعري؟
على ذكر تايزن، وعويطة، إنه عصر اللياقة البدنية، وكمال الأجسام، زمن نقصان العقول، والطاقة الفيزيولوجية البشرية.
إن اللياقة البدنية تعني البنتاغون، والبنتاغون هو وحده من يملك أن يقرر، في كل ما له علاقة بالناس وبالبهائم في العالم، والحال هذه لابد من أن تتم برمجة انتماءات الناس الفنية والرياضية وميولاتهم عسكريا، زيادة على أهوائهم المعلنة والمكبوتة.
لا أحد على الإطلاق مهما كان، يمكنه أن يفكر تفكيرا يناقض تصورات المارينز ومخططاته، وتطلعاته، سيتم بمعاداة الإنسان والإنسانية، إن الجيش هو المعادل الوحيد لمفهوم القوة العضلية، وهي تمثله في جميع تمشكلاتها الرياضية، والفنية... وغيرها، والتي تقف وجها لوجه معلنة التحدي أمام القوة الفكرية.
لذلك فإن أقرب الإشارات الخفية الذكية، الممكنة والمتوفرة، والتي يمكنها أن تتحكم في أذواق الخلق، وفي شأن اهتماماتهم لتحوّل أنظارهم إلى حقيقة السلطة، المتلبسة بالقوة، هي ولا شك إشارات الجسد، المحيلة إلى ذلك المبرمج العسكري المتفرد، يتم كل ذلك باللعب على كل ماهو جسماني، جسدي، عضلي، أو إغرائي حتى...
وإلا لماذا كل هذا الاهتمام بألعاب القوى، وبالرقص، بمسابقات الجمال والأزياء وبالغناء الحركي والسينما، وبصناعة النجوم والنجمات، تحديدا دون غيرها من الانشغالات؟
حتى انشتاين الذي عملت كل المؤسسات الإعلامية النافذة في الدنيا، على جعله الرجل الأشهر على الإطلاق، فهو لا يمثل الفكر والتفكير في شيء، لأنه المرادف الحقيقي لمطلق القوة، للقنبلة الذرية، وليس لشيء آخر سواها.
إنه الصراع القديم الأبدي القائم بين الجسم والعقل، بين البنية العضلية وبين الفكرة الألمعية، بين المعسكر والمفكر.
إنه زمن تقديس الجسد، الذي يقضي فيه المراهق الساعات والساعات من يومه قبالة المرآة، فقط من أجل تصفيف خصلات شعره.
لا يوجد على الإطلاق، من بمقدوره أن يمارس دعاية رسمية للقوة العسكرية في العالم، بالدرجة نفسها التي تقوم بها كرة القدم، في أيامنا هذه هكذا وفرت الكرة الجهد الكبير على أصحاب القرار العسكريين العالميين، الذين طالما بحثوا عن شيء، أي شيء باستطاعته أن يدل عليهم، بواسع الدلالة، ليتمركزوا في وعي الناس وفي لاوعيهم، ليتحكموا في أحلامهم وفي أوهامهم أيضا.
لقد أفنى الفلاسفة حياتهم في البحث عن حجرهم، دون جدوى، لكن العسكر قد وجدوا حجرهم على ما يبدو أيامنا هذه، والذي لم يكن سوى كرة القدم.
كرة القدم أثبتت قدرتها الفائقة على جلب اهتمام العالم، لا لتنافسيتها العالية، بل بسبب تقديسها للبدن، الذي لا يمثل غير العسكر، كرة القدم، إنها الناطقة الرسمية السرية بلسان الناتو، ففيها القذفة الصاروخية، والخطة التكتيكية، فيها الهجوم، والدفاع، والتسلل والكتيبة، والفيلق..
لقد أوعز بيلي أسطورة كرة القدم البرازيلية، سبب نبوغ البرازيليين في كرة القدم إلى مهاراتهم الفطرية في الرقص، إنهم مبتكرو فن التانغو، والسامبا. وهذا هو سر تفوّق لاعبي أمريكا الجنوبية عموما، لا ننسى كذلك بأن أبطال العالم الحاليين في اللعبة هم الإسبان أصحاب الفلامنكو. الرقص يذكرنا بشاكيرا، وبراقصات أخريات كثيرات، الرقص الذي يضعنا إزاء ذلك الوصف الذي تنعت به المرأة ذات الجسد المغري، إنها قنبلة، بل صاروخ، بل رصاصة قاتلة، لا يمكن أن تطيش أبدا.
لذلك جاء الرقص الصوفي، ردا على سطوة الجسد العسكرية، بتلك الإشارة الصارخة، بتلك اليد الممتدة صوبا إلى السماء، يد هي للأخذ تنتظرها يد ثانية نازلة بالعطاء.
يمكننا الانتباه إلى تلك العلاقة التي هي بين الأرضي والشهواني، في الرقصات الشرقية مثلا، التي تنزل إلى الأرض، معلنة استعدادها الإغرائي، فالنزول هو إشارة إلى الاستماع الى صوت الطين، صوت نزوة الجسد، كرة القدم هي الأخرى، تلعب على الأرض، في أغلب الوقت، على عكس رقصات البالي، التي يصعد فيها الراقصون إلى الأعلى، جهة السماء، حيث القوة الإلهية.
كتبت لكم اليوم هذا المقال وأنا طريح الفراش، بعد تعرضي لكسر في قدمي، قال لي أحد الأصدقاء أتى ليعودني: “سلامة راسك" قلت له: هل كنت لتقول لميسي نفس هذا الكلام لو كان في مكاني هنا، “سلامتك رجلك" هو ما سيقال بدل “سلامة راسك" حتى في المجتمع الجزائري، فالمستقبل كله هو للياقة البدينة، في هذا الزمن الذي لا رأس له.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.